الديوان » العصر العباسي » الأحنف العكبري » سهرت وما مثلي ينام ويرقد

عدد الابيات : 56

طباعة

سهرت وما مثلي ينام ويرقد

وفي القلب منّي جمرة تتوقّد

سهرت ولم أطعم من الغمض لذة

وكيف هجوعي والحشا ليس يبرد

وذاك لأني ساكن في غريفة

وأفردت فيها والغريب يفرّد

مطبقة كالسجن بل هو دونها

معايبها في كل يوم تزيّد

عقارب فيها طائرات ووقع

وحيّات سوء في السقوف تردد

وزنبورها فيها مقارن صرصر

وطبوعها باللسع للبقّ يسعد

ففي كل يوم للحجامة موضعٌ

من الجسم بل في كل يومين أقصد

للسعة طبّوزع ونهشة حية

ولذعة زنبور فجسمي مكمّد

وممّا شجاني أن خبزي مكرّج

ومن دون هذا الفعل طاب التهوّد

فلو كنت أنجو بالتكرّج وحده

لهان ولكنّي شجاني التروّد

أصمّ عن الداعي إذا ما دخلتها

وأعمشُ من ريح الكنيف وأرمدُ

وما قمت فيها قائما مذ سكنتها

وإنّي متى رمتُ القيام لأمهَد

أقفع نفسي إن أردت استراحة

وأحبو إذا رمت القعود واسند

كأنّي شيخٌ قد حنى الدهر ظهره

فطورا تراه راكعا ثم يسجد

وحيطاتها الأخصاص تهتز كلما

تحركت فيها والكواشك ميد

وقد أبصرت عيناي فيها ضفادعا

وهذا من الإدبار شؤم موكد

ومن شؤم جدي أن نخلا يظلني

يسدّ به وجهي فقلبي مسدّد

يقرّب مني ما أذمّ اقترابه

وإن كان من خير فعنّي مبعد

ونهر مريج فيه كل أذيّة

ورائحة جيفاء في تصعّد

ولو كان جرّارا لما ذمّ أمره

ولكنّه للكنف وقف مؤبّد

وقد نم إدياري بشيخ معلّم

عنوف عسوف فاسق يتمرّد

له صبية من كل فج تجمّعوا

وما فيهم إلا مشوم منكد

يقيمهم صفا على باب غرفتي

ويبرق من خوف عليهم ويرعد

وإن صار وقت العصر حسب بعضهم

وقال لبعض جوّدوا الحسب واعقدوا

وإن حان وقت الإنصراف رأيتهم

يشقون أشداقا وساعا لينشدوا

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل

وأضنى لذاك القول منهم وأدرد

وإن عاز بالصبيان خبز غدائهم

فخبزي ماح عندهم ومبدّد

وصبيانه عندي يبولون كلهم

فإن رمت منعا خاصموني وعربدوا

وإن رمت غلق الباب ابدي تغضّبا

وأوما بشرّ حرّه متحرّد

يقول لهم قوموا فروموا صعودها

ولا تفزعوه واكسروا الباب واصعدوا

فيأتون بالألواح يعطون هامتي

ومن دون هذا الفعل بات المبرد

وعن يمنتي خياط سوء منافق

مراع أموري حازم متفقد

إذا جاء غرامي يداهم بمرحبا

وأهلا وسهلا ثم يومي أن اقعدوا

وإن لم أكن في البيت حاضر غرفتي

يشير عليهم أن إلى الباب فاقصدوا

وقولوا لمن فيها يبلغ قولكم

ولا ترهبوه واوعدوا وتوعدوا

وإني متى وافيت والقوم حضّر

فيبدي عبوسا وهو مع ذاك يحرد

يطالبهم عنّي لقد طال مكثهم

وكم يحتفي إني أراك لملحد

إذا متّ من يقضي ديونك قل لنا

أظُنّ وظني الحق عزمك تجحد

وإلا فعدهم موعدا يعرفونه

فما صح مذ عاملتهم منك موعد

وإن قلت للسقاء صب بدانق

يشير عليهم خارج الدرب أجود

يخاصمني عنه ويحلف دائبا

بأنيّ قفل عنده متنكد

وقد قال قوم هوّن الأمر ربما

لقد هان ما قد كان بالأمس يحمد

فهبني هوّنت الأمور وعظمها

فكيف وإني والمقابل مسجد

له قيّم لا قوّم الله ظهره

يبيع الذي يبقى بما هو ينفد

وينهق أوقات الصلاة كأنه

نهيق حمار وهو بالمرج يطرد

ويأمر بالمعروف والفسق فعله

وينهى عن التزليج وهو يصعد

يقوم فيبدي نصحه عند نفسه

وينهى بخير وهو بالزور يشهد

يقول فلان صالح ما علمته

ولكنّ جاري صورة الراس يغمد

وفي كل حال فالجميع فحوّلوا

ولكن بهذا أول الناس فابتدوا

يعارض أمري كله بخلافه

ويحلف بالرحمن أني ملحد

وإن إلهي قد بلاني بزوجة

وركب فيها ما يضرّ ويفسد

جراب المخازي ما علمت وإنها

تباهي خصالا كل يوم تزيّد

نقار وتعبيس ووجه مكلّح

وتبصق في وجهي فوجهي مسوّد

فلحميَ بفيها كل يوم معضّض

وصوفي بكفيها الغداة مزبّد

ولو كنت ممّن يستحلّ تركتها

وهمت على وجهي فمالي بها يد

سأصبر هذا اليوم بالكره جاهدا

لعل انكشاف الهمّ يأتي به غد

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الأحنف العكبري

avatar

الأحنف العكبري حساب موثق

العصر العباسي

poet-al-ahnaf-alakbari@

824

قصيدة

1

الاقتباسات

142

متابعين

عقيل بن محمد العكبري، أبو الحسن الأحنف. شاعر أديب، من أهل عكبرا اشتهر ببغداد. قال ابن الجوزي: روى عنه أبو علي ابن شهاب (ديوان شعره). ووصفه الثعالبي بشاعر المكدين وظريفهم. ...

المزيد عن الأحنف العكبري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة