الديوان » العصر المملوكي » الشريف المرتضى » عليك أمير المؤمنين سلامي

عدد الابيات : 60

طباعة

عليك أَميرَ المؤمنين سلامي

وفي يدك الطُّولى زِمامُ غرامي

وأَنتَ الّذي لمّا بلغتُ ديارَه

بلغتُ المُنى عفواً ونلتُ مَرامي

ولم يك لي إِلّا عليك توكُّلِي

وَلا كانَ إِلّا في ذُراك مقامي

وحبُّك ثاوٍ في سوادِ جوانحي

وأَنت صباحي في سوادِ ظلامي

ولمّا وردتُ العِدَّ في عزّك الّذي

به الشَّرفُ الأقصى بلَلْتُ أُوامي

ولستُ أُبالي من لِمامِ عظيمةٍ

أَمامي بها دون الأنامِ إمامي

وما لي اِلتِفاتٌ بعد أنْ كنتَ جُنَّتِي

إلى مَنْ رماني عامداً بسهامِ

وَما شقّت الأوطار إِلّا بلغتُها

بكلِّ صهيلٍ تارةً وبُغامِ

ومحتقرين للدّؤوبِ كأنّهمْ

سِراعاً إلى القِيعانِ فوق نَعامِ

إِذا اِلتَفّ مِنهمْ واحدٌ بقبيلةٍ

فَقَد لَفّ نبعٌ منهمُ بثمامِ

وإِنْ قُذِفوا في حَوْمةٍ فكأنّما

قذفتَ يَبيساً من غَضاً بضرَامِ

كأنّهمُ لم يعرفوا الموتَ جُرأةً

عليه ولا وارَوْا فتىً برِجامِ

فَقُلْ للّذي يَبغي مساماةِ هاشمٍ

وقد فَضَلوا في الفخر كلَّ مُسامِ

وفيهمْ شعارُ الدّين يجري ومنهمُ

كما شاهد الأقوامُ كلُّ هُمامِ

وقد ملكوا الأرضَ العريضةَ كلَّها

وقادروا عرانين الورى بخطامِ

عدلتَ بحصباء الثّرى أنجُمَ العُلا

وسوّيتَ ظُلْماً جُثَّماً بقيامِ

فأين ضياءٌ ساطعٌ من ظلامِهِ

وأين سماءٌ من حضيض رَغامِ

فللّه أيّامٌ مضين وأنتُمُ

تخوضون فيها الخيلَ لُجَّ قَتامِ

وللخيلِ إمّا بالجسومِ طريحةً

عِثارٌ وإمّا بالصّعيدِ بهامِ

وما إنْ ترى في ذلك الحين آمراً

مطاعاً سوى رمِحٍ وحدِّ حُسامِ

ولمّا أردتمْ فصلَ ما كان مُلبِساً

ضربتمْ لُهاماً في الورى بلُهامِ

وما زلتُمُ حتى أخذتمْ تراثَكم

وأنتمْ كرامٌ من أكفّ لئامِ

وَطارَ الّذي لا خيرَ فيه كأنّه

عقيبَ اِنبلاجِ الصّبح طيفُ مَنامِ

وحقُّكُمُ في النّاس ما كان خافياً

ولكنْ تغابٍ دونه وتَعامِ

وفُزتُم به من غير أنْ تتدنّسوا

بعارٍ وأنْ تُقْذَوْا عليه بذامِ

فللّه ما قاسيتُمُ من شديدةٍ

وداويتُمُ في اللَّه أيّ سَقامِ

وعرّضتُمُ أجلادكمْ في حفيظةٍ

لكلِّ كُلومٍ صَعْبةٍ وكَلامِ

وحُمِّلْتُمُ الأعباءَ وهي ثقيلةٌ

وكم من ثقيلٍ فوق ثِقْلِ سِلامِ

وإنْ كنتُمُ عُرِّيتُمُ من مقامكمْ

زماناً فكم صُدَّ الضُّحى بظلامِ

فَواديكمُ والحمدُ للّه مُفْهقٌ

من العزّ فينا والبحورُ طوامِ

وأنتمْ كما شئتُمْ وشاء وليُّكمْ

ودمعُ الّذي يُشجى بذلك هامِ

وبالقائمِ الماضي الشّبا قامتِ العُلا

وهبّتْ عيونٌ بعد طول مَنامِ

ولولاه كنّا مثلَ نَهْبٍ مقسَّمٍ

وَلَيسَ لَنا في ذي الأذيّة حامِ

هَنيئاً بِهَذا العيد يا خيرَ مفطرٍ

كما كنتَ عصرَ اليومِ خيرَ صيامِ

فإنْ تركوا مآكلاً ومشارباً

فإنّك ترّاكٌ لكلّ حَرامِ

وإنْ جانبوا بعضَ الأثامِ تورُّعاً

فَأنتَ الّذي جانبتَ كلَّ أَثامِ

وَإِنْ خَشَع الأقوامُ يوماً لربّهم

فأين خشوعٌ من خشوع شَمامِ

فلا زلتَ طلّاعاً لكلِّ ثنيَّةٍ

من العمرِ سبّاقاً لكلّ حِمامِ

وإن لم يدمْ شيءٌ فمُتّعتَ بالّذي

به أنتَ مشغوفٌ بكلّ دوامِ

وبُلّغتَ من ذُخرِ النُّبُوّةِ كلّما

تُرامِي وعنه بالنّضالِ تُحامي

فبشّرْ بوالي العهدِ قومَك عاجلاً

فَلا طَرْفَ إلّا نَحو ذلك سامِ

وَلا اِجتازَ ثَلْمٌ لم تَرِدْهُ بريبةٍ

ولا مرّ نقصٌ محتوٍ بتمامِ

وَلا اِعتلَّ شيءٌ كان فيك مُصحَّحاً

ولا اِنحلَّ منكَ الدَّهرَ سلكُ نظامِ

وإنْ أجدبتْ أجراعُ قومٍ فلا يزلْ

جنابُك ممطوراً بكلّ غَمامِ

فَلا تَحفِلَن إلّا بما أنا قائلٌ

ولا تسعمنْ في المدحِ غير كلامي

ونُصحُكمُ فرضٌ فدونك قولةً

حططتُ لها حتّى أقولَ لِثامي

لَقَد ظَفِرت أيّامُكُم بِمُحمَّدٍ

بماضٍ حديدِ الغَرْب غيرِ كَهامِ

فخدمتُهُ أغنتكُمُ وهو واحدٌ

وكم واحدٍ أغنى غَناءَ أنامِ

فضمّا عَليه باليدين فإنّه

مَلِيٌّ كَما نهوى بكلِّ مَرامِ

وَليسَ سعودُ المرء إلّا رضاكُمُ

وإنْ لم يَطُفْ منكمْ برَبْعِ مَلامِ

خدمتُكمُ والرَّأسُ منّيَ فاحمٌ

وها الرّأسُ مُبَيضُّ الذُّرا كثَغامِ

وَلَم تَظفروا منّي بِهَفوةِ عامدٍ

تطأطئُ رأسي أو تجرّ مَلامي

فمَغْنىً جفوتمْ لا وطأتُ تُرابه

ولا ضُربتْ يوماً عليه خيامي

وما لِيَ تعريجٌ بغير شعابكمْ

ووادٍ حللتمْ فيه دارُ مقامي

وعنكمْ ضرابي او طعانِيَ في العِدا

وفيكمْ جِدالي كلُّه وخصامي

فلا زلتُ موقوفَ الغرامِ عليكمُ

إلى أنْ أَزورَ تربتي بحِمامي

وعَقْرُكمُ لا كان منه ترحُّلِي

ودرُّكُمُ لا كان منه فطامي

وإنِّيَ منكمْ وُصْلَةً وولادَةً

وفي حبّكمْ لا زلت عنه مسامي

وسِيطَ بلحمي وُدُّكمْ ثمّ رُوِّيَتْ

عظامِيَ منه وهي غيرُ عظامي

وذكرُكُمُ زادي وقوتِيَ في الورى

ومثلُ شرابي طعمُهُ وطعامي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الشريف المرتضى

avatar

الشريف المرتضى حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Sharif-al-Murtaza@

588

قصيدة

4

الاقتباسات

89

متابعين

علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم، أبو القاسم، من أحفاد الحسين بن علي بن أبي طالب. نقيب الطالبيين، وأحد الأئمة في علم الكلام والأدب والشعر. يقول بالاعتزال. ...

المزيد عن الشريف المرتضى

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة