الديوان » العصر المملوكي » الشريف المرتضى » هبت تلوم على الندى هند

عدد الابيات : 72

طباعة

هبّتْ تلومُ على النّدى هندُ

يا هندُ خيرٌ من غِنىً حَمْدُ

الحمدُ يبقى لي وإنْ تَلِفَتْ

نفسِي وفاتَ الأهلُ والوُلْدُ

وَالمالُ تَأكلُهُ النّوائبُ وال

أحداثُ حتّى ما لَهُ رَدُّ

وَيَبيت يحرسُهُ وإن دفعتْ

عنه الكرامُ الطِّفْلُ والعبْدُ

وَالحمدُ لا يَستطيع يأخذهُ

مِنْ راحتيَّ النّاكلُ الوَغْدَ

وإذا سريتُ سرى معِي وَضِحاً

وهْناً وجُنْحُ اللّيلِ مُسْودُّ

يا هِندُ إنّ الدّارَ زائلةٌ

والقربُ يأتي بعده بُعدُ

عُمْرِي يروح وما أهَبْتُ بهِ

ذاك الحِمامُ به ولا يَغْدُو

ما كنتُ بالمنقادِ في يَدِه

لو كان في أيدِي الرّدى بُدُّ

وَالمَرءُ غايةُ لِبْسِهِ كَفَنٌ

يَبلى وآخِرُ بَيتِهِ اللَّحْدُ

كَم مَعشَرٍ هُجرتْ ديارُهُمُ

بأساً وعرّج عنهُمُ القصدُ

مُتَجاوِرينَ بدارِ مَضْيَعَةٍ

لا حرَّ عندهُمُ ولا بَرْدُ

ما فارَقوا إلّا بِرغمِهُمُ

في النّاسِ مَنْ عَشِقوا ومَنْ وَدّوا

وَإِذا دعا وجْداً يُدِلُّ بهِ

عند المنيّةِ خانَهُ الوُجْدُ

والخُلْدُ مُنْيَتُهُ وليس له

مُكْثٌ على الدّنيا ولا خُلْدُ

يا هندُ ليس يُجير من حَذَرٍ

خوفَ الرّدى غَوْرٌ ولا نَجْدُ

كلُّ النفوسِ وإنْ غفلنَ هوىً

بين الحمامِ وبينها وعْدُ

والنّدْبُ فسلٌ في الزّمان إذا

أهوى له والواهنُ الجَلْدُ

لو فات تشعيثُ الزّمان فتىً

فات الأصمَّ اليابسَ الجَلْدُ

ونَجَتْ وعولُ هضابِ كاظمةٍ

منه وما شَقِيَتْ به الرُّبْدُ

وَتودُّ هندٌ وهْيَ مُشفقةٌ

أنّى خَلَدْتُ وفاتَها الوُدُّ

وتردّ عنِّي كلَّ طارقةٍ

أنّى وليس يُطيعها الردُّ

وَتَقول لا عَبِثَ البِعادُ بنا

وَتضلّ عَمّن خانهُ البُعْدُ

وَتَؤودُها البأساءُ إنْ نزلتْ

داري وعرّس عندِيَ الجَهْدُ

وَتُريدُ لي ما ليسَ في يَدِها

أمداً على الأيّامِ يمتدُّ

وتُعيذُنِي ما ليسَ يَنفعها

من راحةٍ ما بَعْدها كَدُّ

تَسَلين إنْ زلّتْ بنا وبِكم

قدمٌ وطُوِّل بيننا العهدُ

كَم جاءَ مثلَكِ وهْيَ ذاهبةٌ

من حادثٍ بعضُ الّذي يبدو

إنّ الرّدى لابدّ أُورَدُهُ

مستوخماً يوبى له الوِرْدُ

يَلِجُ البيوتَ وليس يدفعهُ

هَزْلٌ يرادُ به ولا جِدُّ

لا تَخدِشِي خدّاً عليَّ فما

ردّ الفتى أنْ يُخدَش الخدُّ

وتعلَّمي إنْ كنتِ عالمةً

أنّ الحِمامَ على الورى يعدو

ما إنْ جنى وِرْدٌ عليكِ ردىً

حتّى يُعطَّ لذلكَ البُرْدُ

لا تَحفلي بِالشامِتين فما

أنا في المنيّةِ دونهمْ وَحْدُ

لَم يُدرِكوا بَعدِي الطِلابَ ولا

سدّوا بمثْلِي الخَرْقَ إنّ سدّوا

وَلَقد كَفيتُهُمْ وما شَعروا

كيْدَ العِدا وَلِكَيدِهمْ وقْدُ

وعَلَتْ بهمْ لمّا جَذَبتُهُمُ

بيَدَيَّ قَسْراً تلكُمُ الوَهْدُ

نَزعوا الخمولَ بما كَسوتُهُمُ

من مَأْثُراتٍ حشوُها المجدُ

وَتَناهَبوا الأوْساقَ مِنْ شَرَفٍ

لا صاعَ فيهِ لَهُمْ ولا مُدُّ

وَأَنَا الّذي وَسْطَ الخميسِ إذا

نادَيتُ شُدّوا بِالقَنا شَدّوا

وعَلَيَّ مِن خِلَعِ القَنا حَلَقٌ

لَم يدنها نَسجٌ ولا سَرْدُ

في حيثُ ينجيكَ الطّعانُ وَلا

يُنجِي الأقبُّ القارحُ النَّهْدُ

مَنْ لِي بعارِي المَنْكِبَين منَ ال

دُنيا له عن خَتْلها شدُّ

يَنجو قَذاها غيرَ مُتّئدٍ

مِثْلَ الوَسيقةِ لَزَّها الطَّرْدُ

وَيَصُدُّ عَن تَزويقِ زينتها

حَيث اِستثيرَ فأعوَزَ الصَّدُّ

وَجناءَ مِنها الصّبرُ عن مَلَقٍ

تُنبِي بهِ أسبابُها النُّكْدُ

يا مُرَّةً وَيظنّ ذائقُها

أبَدَ الزّمانِ بأنّها شَهْدُ

ما دامَ غيُّك وهوَ منك هوىً

فَيدوم فيك وَيذهب الرُّشدُ

كَم ذا عقدتِ على الوفاءِ وما

ينفَكُّ يضعفُ ذلك العَقْدُ

وذنوبُ صَرْفِكِ إنْ عُدِدْنَ لنا

فَنِيَ الزّمانُ وَما اِنقَضى العَدُّ

أَمّا دِيارُ السّاكِنين إِلى

نَجواكِ فهْيَ الدُرَّسُ المُلْدُ

لا جِرْسَ فيه غير أنْ صَدَحَتْ

قُمْرِيّةٌ أو قَعْقَعَ الرَّعْدُ

وَبَكى عَلى مَنْ حلّها وَمضى

مُسْحَنْكِكُ القُطرينِ مُرْبَدُّ

زَجِلاً كأنّ صَلِيلَ هَيْدَبِهِ

زَأَرتْ وَقَد ريعَتْ بِه الأُسْدُ

أين الّذينَ عَلى القِنانِ لهمْ

شَرَفٌ عَزيزٌ بَحرُهُ عِدُّ

مُدّوا النعيمَ فحين تَمَّ لهمْ

سُلبوه وَاِنقطَعَ الّذي مُدّوا

من كلِّ أَبّاءِ الدنيّةِ لمْ

يُفْلَلْ له في مطلبٍ حَدُّ

كاللّيثِ أبرز شخصَه خَمَرٌ

والسّيفِ أعلَنَ مَتْنهُ غِمْدُ

ذَعَنَتْ لعزّتهمْ وهَيبتهمْ

الشّيبُ في الأحياء والمُرْدُ

ويسودُ طفلُهُمُ تميمتُهُ

لم تنفصمْ وقرارُهُ المَهْدُ

ردّوا الخطوبَ قعُدْنَ ناكصةً

لكنّهمْ للموتِ ما ردّوا

وكأنّهمْ من بعدما سكنوا الْ

أجداثِ ما هَزَلوا وما جدّوا

ما نافعٌ جدِّي إلى أمَدٍ

جدّ الفَتى وَقدِ اِلتَوى الجَدُّ

فَلَئِنْ فُقِدْتُ فإنّ لِي كَلِماً

حَتماً خَوالِدَ ما لَها فَقْدُ

تفرِي البلادَ وما يُحَسُّ بها

عَنَقٌ على دوٍّ ولا وَخْدُ

من كلِّ قافيةٍ مُرَقِّصَةٍ

يشدو بها الغِرّيدُ إنْ يشدُو

وإذا تضوّع نشرُ نَفْحَتِها

قال العَرَارُ تضوّع الرَّنْدُ

طَلَعتْ كَشمسِ ضحىً على أُفُقٍ

بيضاءَ لا يسطيعها الجَحْدُ

وَكَأنَّما أَغراضُها شرَرٌ

في وهنِ ليلٍ شبّها زَنْدُ

سَيّارةٌ جَمحُ الكلام لها

سَمْحٌ وحُرُّ فصيحها عَبدُ

يُنثْنِي عليها الحاسدون على

إحسانها وخصومُها اللدُّ

فَلَوَ اِنَّ جوهرَ لَفظها جسدٌ

لأضافَهُ في سِلْكِهِ العِقْدُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الشريف المرتضى

avatar

الشريف المرتضى حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Sharif-al-Murtaza@

588

قصيدة

4

الاقتباسات

79

متابعين

علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم، أبو القاسم، من أحفاد الحسين بن علي بن أبي طالب. نقيب الطالبيين، وأحد الأئمة في علم الكلام والأدب والشعر. يقول بالاعتزال. ...

المزيد عن الشريف المرتضى

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة