الديوان » العصر العباسي » التهامي » صب نأى فأفاعي البين تلسعه

عدد الابيات : 29

طباعة

صَبٌّ نَأَى فَأَفاعي البَينِ تلسعه

وَلَيسَ عِندَ ذَوي الآلامِ يَنفَعُهُ

مشرق شَقَّ عنه ثَوبَ سَلوَتِهِ

حُزناً وَأَضحى سَلبياً مِنهُ ينزَعُهُ

في كُلِّ يَومٍ له من فِرطِ لَوعَتِهِ

جِنيَّةٌ في رَضى الأَحبابِ تَصرعُه

يا صاحِبيَّ أَصبِحاني راح عذركما

كَأَساً تردَّدَ في بؤسي تَشعشُعُه

وَخَلِّياني وطرف الحُبِّ أَركضه

حَتّى تَكَلُّ عَناءً منه أَربعُهُ

أَستودع اللَهَ في أَرض الحِجازِ رشاً

في رَوضَةِ القَلبِ مأواهُ وَمربَعُهُ

إِن يُعظِمُ البين قَلبي من تَعذُّبهِ

فَلِلصَّبابَةِ ثدي راح يُرضعُهُ

ما بنت عنه قِلىً مَنّي لصُحبَتِهِ

وَلا لودٍ سَها عنه يضيعُهُ

بَل غالَني فيهِ واشٍ ما قدرتُ عَلى

مرادهِ في مضرّاتي فأدفعُهُ

وآشٍ وَشا في أَذائي جهدَ طاقته

فَلا تَهنّا بحلو العيشِ يَجرَعُهُ

موكَّلٌ بِنَبات الخَيرِ يَحصُدُهُ

وَلا يَرى مِن صَوابِ الأي يَزرَعُهُ

قَد كانَ يَحكُمُ ما يَهوى فَأَقبَلُهُ

وَما أَتى مِن خِطابٍ كُنتُ أَسمَعُهُ

فَرُحتُ أَفرقُ مِن مَوتي بِمَنزِلِهِ

إِذ كانَ لَيسَ لَهُ حِفظٌ فَيُردِعُهُ

بِاللَهِ يا وَجدُ رِفقاً بِالفُؤادِ فَما

أَطيقُ أَكثَرَ مَمّا أَنتَ تَصنَعُهُ

كَيفَ العَزاء لمن في الغرب مُهجَتُهُ

وَجسمه بَلدُ الفِسطاطِ مَرتَعُهُ

صَبٌّ سَرى النَوم عَن جفنيهِ مُرتَحِلاً

فَالدَمع في إِثرِهِ جارٍ يُشَيِّعُهُ

وَأَنتَ يا وَصلُ عُج في رَبع فُرقتنا

عَساكَ تَجمع شَملاً عِزَّ مَجمَعُهُ

وَأَسقِهِ من حَيا التَقريب ساريَة

فَإِنَّهُ داثِر قَد مُجَّ مَوضِعُهُ

عَسى اللَياليَ بِأَوطاي الَّتي سلفت

يرجعن فيهِ رُجوعاً لا تُوَدِّعُهُ

فَكَم تركنا هلال الكأسِ طالعة

فيهِ تُغَيِّب هَمَّ النَفسِ مطلِعُهُ

سَماؤُهُ كَفَّ من كَفَّ الغَرامَ بِهِ

مَمدودَةٌ نَحوَ حَبل الصَبرِ يَقطَعُهُ

وَالرّاح رائِحَةٌ فينا وَغادِيَة

عَلى مَجالِسِ رَبعٍ جَلَّ مرتَعُهُ

راحٌ هيَ الرِيحُ فاجعلها عَلى طربٍ

تِجارة قَبلَ خُسرٍ لَيسَ يَنفَعُهُ

وَمُت بِها مَوتُ مَن يُرجى الحَياة لَهُ

فَمَيِّتُ الرّاحِ مَيتٌ صَحَّ مَرجِعُهُ

مَخبيَّةُ الدَهرِ كانَت في ذَخائِرِهِ

فَجادَ من صَفوِها ما كانَ يَمنَعُهُ

كَأَنَّها شفقٌ وَالمزجُ يكسِبُها

غَيماً سرياً بِلا ريثٍ يُقشِّعُهُ

وَلائِمٌ لامَني جَهلاً فَقُلتُ لَهُ

لي في الصَبابَةِ عُذرٌ لَيسَ تَدفعُهُ

لي فاصِرف اللَومَ قَلبٌ شاعَ منكَشِفاً

في مَذهَبِ الحُبِّ يا هَذا تَشَيُّعُهُ

وَمهجة لإِمام الحُسنِ يتبعها

فَالوجه عَهدٌ عَلَينا لَيسَ يَخلَعُهُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن التهامي

avatar

التهامي حساب موثق

العصر العباسي

poet-al-tohami@

105

قصيدة

3

الاقتباسات

216

متابعين

أبو الحسن علي بن محمد بن فهد التهامي. من كبار شعراء العرب، نعته الذهبي بشاعر وقته. مولده ومنشؤه في اليمن، وأصله من أهل مكة، كان يكتم نسبه، فينتسب مرة للعلوية ...

المزيد عن التهامي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة