الديوان » العصر العباسي » التهامي » عصرت مدامعك الأناة المعصر

عدد الابيات : 42

طباعة

عصرت مَدامعك الأَناةُ المُعصِرُ

وَلِمِثلِ فرقتها المَدامِعُ تُذخَرُ

رَحلت ضُحىً وَلِكُلِّ قَلبٍ حَيرةً

في حُسنِها وَلِكُلِّ عَينٍ مَنظَرُ

عَبِثَ النَعيمُ ها فصوَّرَ جِسمها

خَلقاً جَديداً وَالنَعيم يُصَوِّرُ

بَكُرَت طَلائِع لِلمَشيب بِلمَّتي

إِنَّ المَشيب إِساءَةٌ لا تُغفَرُ

وَيقال إِنَّ الشَيءَ يَأَلَفُ شَكلهُ

وَالبيضُ عَن بيضِ المَفارِقِ تَنفُرُ

لا تلحُها فَلكُلِّ يَومٍ مَوضِع

وَالعُرفُ في بَعض المَواضِعِ يُنكرُ

وَالشَيبُ صُبحٌ وَالسَواد دِجِنَّةٌ

وَاللَيلُ أَصلَحُ لِلوصالِ وَأستَرُ

كُنّا نضيفُ إِلى الغُرابِ فراقنا

فَإِذا المَشيبُ هوَ الغُرابُ الأَزهَرُ

كَيفَ السَبيل إِلى لِقائِكِ في الدُجى

وَاللَيلُ حَيثُ حَلَلتِ مِنهُ مُقمِرُ

يَتَحَيَّفُ القَمَرُ المُحاقَ تَحَيُّفاً

وَهلال خَدِّكِ كُلَّ يَومٍ مُبدرُ

بَدرٌ يُغادِر رَبعَهُ مِن طيبه

يَهدي ثَراه كَما يُهادي العَنبَرُ

وَتَحُلّ بِالبَيداءِ حِصناً سوره

زُرق الأَسِنَّةِ وَالعَجاجُ الأَكدَرُ

يَعتاد في أَلحاظِنا لِودادِهِ

فَكَأَنَّها جُندٌ لَديه وَعسكَرُ

تعصي قُلوب ذَوي الهَوى أَربابُها

فيهِ فَكُلٌّ في هَواهُ مُسَخَّرُ

وَكَأَنَّهُ مِن يُمن حيدرة استَعارَ

النَصرَ فَهوَ عَلى القُلوبِ مُظَفَّرُ

أَو من جَلالتِهِ استَعارَ جَماله

فَعُيوننا عَنه تَكِلُّ وَتَحسَرُ

ملكٌ لَهُ في كُلِّ أَرضٍ نِعمَةً

وَبِكُلِّ مُعتَرِكٍ ثَناء يُؤثَرُ

وَلِسَيفِهِ في كُلِّ هامٍ مَورِدٌ

وَلِرُمحِهِ في كُلِّ صَدرٍ مَصدَرُ

مُتَقَلِّدٌ مِن رَأيِهِ وَحُسامِهِ

سَيفَينِ ذا يَخفى وَذَلِكَ يَظهَرُ

صيغَت لِحَيدرَةَ بن يَملول يَدٌ

مِنها المَنايا وَالمُنى يَتَحَدَّرُ

وَجَبينه بَدر وَساحَة صَدرِهِ

بَرٌ وَأَنمُلُ راحَتَيهِ أَبحُرُ

يَجلو إِذا عَبِسَ اللَئيمُ لِوَفده

وَجهاً لماء البِشرِ فيهِ مخبَرُ

طَلقٌ كَصَفحِ السَيفِ إِلّا أَنَّهُ

في جانِبَيهِ مِن البَشاشَةِ جَوهَرُ

وَتَرى عِداهُ إِذا رَأَوهُ وَحدَهُ

جَيشاً لَهُ ظهرَ الحِصان مُعَسكَرُ

كَم رَدَّ دونَ الدارِعينَ بِنَفسِهِ

جَيشاً يَضيقُ بِهِ الفَضاء الأَقوَرُ

لِلنَّقعِ فيهِ وَلِلجوارِحِ فَوقَهُ

سِترانِ أَدكَن ذا وَذاكَ مُحَبَّرُ

تَعرى الوِهاد وَتَكتَسي مِن جُندِهِ

طُرُزاً وَتنتَقِبُ الجِبال وَتُسفِرُ

قَسَمَ الفَلا شِطرَينِ تَحتَ مَسيره

شَطراً يَسيرُ بِهِ وَشَطراً يَنصُرُ

إِن شئتَ أَنصار الحِمامِ فَناده

وَالخَيلُ تعثر بِالقَنا يا حَيدَرُ

وَكأنَّ صدرَ قَناتِهِ يَوم الوَغى

سِلكٌ وَأَبطال الفَوارِسِ جَوهَرُ

مُتَيَقِّظٌ في كُلِّ جارِحَةٍ لَهُ

مَخصوصة قَلب وَعين تَنظُرُ

لِلجودِ ما تَحوي يَداهُ وَما حَوى

وَالمَجدُ ما يُخفي الحَياء وَيُظهِرُ

أَمّا الإِمام فَإِنَّهُ لَكَ شاكِرٌ

وَاللَهُ أَرضى مِنهُ عَنكَ وَأَشكَرُ

آليت أستَسقي الغَمائِم بَعدَها

وَيَمين حَيدرة الغِمامِ الأَكبَرُ

أَولَيتَني مِن غَيرِ مَعرِفَةٍ جَرَت

نِعَماً فَجِئتَكَ بِالمَدائِحِ أَشكُرُ

وَغَرستَ عِندي نعمة لَكَ أَثمَرَت

وَمن الفِعالِ مُقَدَّم وَمؤَخَّرُ

فَدِمَشقٌ قَد نارَت بِحُسنِ رِياضِها

إِذ كُنت فيها أَنتَ سَعدٌ نَيِّرُ

فَظلامُها فَجرٌ وَحُسن ضِيائِها

دُرٌّ وَتربَتُها عَبيرٌ أَذفَرُ

أَنتَ الرَبيعُ وَكَيفَ تَحيا بَلدَةٌ

حَتّى يُجاوِرُها الرَبيع المُمطِرُ

أَكثرت جودك ثُمَّ قلت وَنَفسُ مَن

يهب النَفيس مِنَ العَطايا أَكثَرُ

يا صاحِ لَيسَ بِمُنكَرٍ أَن يُجتَنى

مِن مِثلِ هذا البَحرُ هَذا الجَوهَرُ

بِالنُصحِ قَدَّمك الإِمام عَلى الوَرى

ومن الفِعال مُقدَّمٌ لا يُنكَرُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن التهامي

avatar

التهامي حساب موثق

العصر العباسي

poet-al-tohami@

105

قصيدة

3

الاقتباسات

214

متابعين

أبو الحسن علي بن محمد بن فهد التهامي. من كبار شعراء العرب، نعته الذهبي بشاعر وقته. مولده ومنشؤه في اليمن، وأصله من أهل مكة، كان يكتم نسبه، فينتسب مرة للعلوية ...

المزيد عن التهامي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة