الديوان » العصر العباسي » التهامي » أرحت نفسي من عداة الملاح

عدد الابيات : 80

طباعة

أَرحَت نَفسي مِن عداة الملاح

لِليأسِ روح مِثلِ روحِ النَجاح

وَرُبَّما حَكَّمَت في مُهجَتي

نَشوان مِن ماء الصِبا وَالمراح

وَكَيفَ لا تُدرِكُهُ نَشوَةٌ

وَاللَحظُ راحَ وَجَنى الريق راح

لَو لَم تَكُن ريقَتُهُ خَمرَةٌ

لَمّا تَثنىَّ عطفه وَهوَ صاح

يَبسِمُ عَن ذي أَشَرٍ مِثلَما

يَلتَقِط الظَبيُ بِفيه الأَقاح

تُهدي الصَبا رَيّاهُ مِن رَوضَة

تَظَلُّ أَحياناً وَحيناً تراح

أَنيقَةٍ يَجمَعُ أَرجاؤُها

بيضُ المَقاصيرِ وَبيضُ الأَداحِ

وَلَو دَرى مسرى الصَبا نَحوَها

سَد مِنَ البُخلِ مَهَبِ الرِياح

كَم مَرَّةٍ أَعجَزَنا حِلَّهُ

فَساقَهُ النَوم إِلَينا سِفاح

أَفلَتَهُ مِنّي وَقَد صِدتُهُ

بِرَقدَةٍ صَوت مُنادي الفَلاح

تُسلِبنا اليَقظة ما زَفَّهُ

لَنا الكَرى مِن كُلِّ خود رَداح

فَنَحنُ في نَومٍ وَفي يَقَظَةٍ

بَينَ دَنوٍ مِنهُمُ وانتِزاح

وَمَوقِفٌ لَولا التَقى لالتَقى

فيهِ نَجادي ونظّام الوشاح

قُلتُ لِخلي وَثغور الرُبى

مُبتَسِماتٍ وَثغور المِلاح

أَيُهُما أَحلى تَرى مَنظَراً

فَقالَ لا أَعلَم كُلُّ أَقاح

كَيفَ رَجوعي في الهَوى بَعدَما

خَلَعته خَلع رِداء فطاح

وانجاب عَن فوديَّ لَيل الصِبا

لِكُلِّ لَيلٍ مُدلَهِمٍّ صَباح

فازوَرَّت البيضُ بِأَبصارِها

مَطروفَةً عَنّي وَكانَت صِحاح

مَن كانَ يَهواكَ لِشَيءٍ مَضى

إِذا مَضى عَنكَ تَوَلّى وَراحَ

وَخَلَّهُ أَظهَرَ ما أَضمَرَت

سَيري فَقالَت أَقلىً وَاطِّراح

فانحَلَّ سِلكَ الدَمعِ في ثَغرِها

فَشَجَّت الخَمرُ بِماءٍ قراح

وَلَيسَ يُمضي عَزمَتي لَو دَرَت

مُغرٍ وَلا يَعطِفها قَولَ لاح

لَو علمَت أَن العلى في السُرى

قالَت عَلى الرَشد انحَ ما أَنتَ ناح

آلَيت استَسقي سِوى مَنصِلي

إِن الغَوادي بِمُرادي شحاح

المَجد شرب لَم يَزَل ماؤُهُ

مُرَقرِقاً فَوقَ صفاح الصفاح

لِكُلِّ مُعتادٍ ضراب العدى

مِن فَوق مُعتاد ضَريب اللِقاح

يُديرُ وَالمَوت لَهُ فاغرٌ

طَرَفاً فَوقَ طرف وَقاح

يَنصُل في الطَعنِ حراب القَنا

كَأَنَّها أَلسِنَة في الجِراح

يَعتَصِبُ المَجد عَلى نَفسِهِ

وَقَد يُبيحُ الطَعن غَيرَ المُباح

وَمجهل مُشتَبِه طرقه

كَأَنَّما هُنَّ خُطوط بِراح

يُسعِدُني فيهِ وَفي غَيرِهِ

ذو صُدورٍ كفلاة فِساح

كَأَنَّما أَشباح أَنضائنا

قِسيٌّ نَبع وَكَأنّا قداح

حَتّى اجتَلَينا بَعدَ طولِ السُرى

بغرَّة الكامِل وَجه الصَباح

فَقالَ لي صاحِبي أَبدَرُ السَما

فَقُلتُ لا بَل هوَ بَدرُ السَماح

ينبيك عَن سؤددٍ بشره

مَخائِل السُؤدَدِ خَرس فَصاح

صَعب إِباء النَفس سَهل النَدى

إِنَّ المَعالي شَدَّةٌ في سَماح

هَل يَقبَل الضَيم فَتىً حَيَّهُ

في الكُفرِ والإِسلامِ حَيُّ لِقاح

يَذكُر التيجان آباءُهُ

بِهِ وَتِلكَ القَسمات المِلاح

إِذا رَأتهُ قلقَت هَزَّةٌ

كَأَنَّما في كُلِّ تاج جناح

تَبكي لكَسرى وَتَرا آي ابنَهُ

فَيَستَحيل الأرتياع ارتِياح

فَهَل تَرى التيجان مِنهُ عَلى

بَدرٍ لِبَدرٍ التَمِّ مِنهُ افتِضاح

يَختِم ما استَفتَح آباؤهُ

وَلِلعُلى خاتِمَة وافتِتاح

قَد عدل الدَهرُ بإِعلائِهِ

وَكُلُّ ما في الدهر ظلم صِراح

واصطَلَحَ الناس عَلى فَضلِهِ

واختَلِفوا بَعدُ فَلَيسَ اصطِلاح

شَرَّفتُ نَفسي باِمتِداحي لَهُ

فَقَد تَعَجَّلَت ثَوابُ امتِداح

لَمّا أَناخ الجودَ في كَفِّهِ

نادى بِأَعلى صَوتِهِ لا بَراح

في كَفِّهِ أَحيا وَمِن كَفِّهِ

أَحشَر إِن حُمَّ القَضاءَ المُتاح

مُقَسَّم الخاطِرِ مَكدوده

في تَعب مِن مَجدِهِ لا استِراح

يَطمَح مِن عِزٍ إِلى آخَرٍ

دامَ لَهُ العِزُّ وَدامَ الطِماح

في عَسكَرٍ مِن نَقسِهِ رأيهِ

رايَتِهِ إِن عَلِم الحَربُ لاح

يَهزِم مَن زاحَمَ عَن أَنفُسٍ

مُكَلَّمات وَجُسوم صِحاح

قَد يَغلِبُ المَرءُ بِتَدبيرِهِ

أَلفاً وَلا يَغلِبهُمُ بِالسِلاحِ

وَلِلمُعادي رُتَبٌ في العِدى

الرأي ثُمَّ الكيد ثُمَّ الكِفاح

وَلَيسَ بَعدَ الحَربِ مِن غايَةٍ

هُنَّ حُظوظ مِثلَ ضَربِ القِداح

وَلا يُبالي عِندَ فَلِّ العِدى

أَهيبَة فلتهمُ أُمَ رِجاح

حامى عَن المُلكِ فَأَضحى حِمىً

مِن بَعدِ ما شارَف أَن يُستَباح

فَصارَ عَريناً لِلَيث الشَرى

وكانَ مَرعىً لِلسوام المراح

يُوَفِّر الأَمر أَلا إِنَّما

رَأسان في تاج خِلاف الصَلاح

ثُمَّ اِنثَنى إِذ كَفَروا سَعيَهُ

لكل مطواعٍ ذَلول جِماح

ذو سَحب تنبت أَعداءَهُ

وَحاسديه في جَميع النَواح

وَالفَضلُ مَحسودٌ وَقَد حازَه

فَما عَلى حاسدِهِ مِن جُناح

كَم ناقِصٍ ترجم عَن فاضِلٍ

دَلَّ عَلى بَيت كَريم نُباح

وَمَن رأى تاج المَعالي عَلى

مَفرق لَيث فَوقَ طَرَف النَجاح

قَد نالَ بِالأَقلام ما قَصَّرت

أَو قَصُرَت عَنهُ طوال الرِماح

مِثلَ الأَفاعي الرَقش أَقلامُهُ

فَهُنَّ دُرياق وَسُمٌّ ذباح

إِن لمس الطرس بِأَطرافِها

فاضَ نَوالاً وَبَياناً وَساح

وَشمت مِن أَنمله أَبحراً

لؤلؤهنَّ الكَلِمات الفِصاح

حكمة آبائك مِن فارِسٍ

كَسَوتها لَفظ قُرَيش البِطاح

يُظهِر آلأوكَ إِخفاؤها

إِنَّ النَدى مِسك إِذا صين فاح

وَالعُرف بَدر كُلَمّا اسدَفَت

لَهُ لَيالي الجحد زادَ اتِضاح

قُل لِبَني الآمال هَبوا فَقَد

هَبَّت بِكُم بابن عَلي رِياح

مَحا بِهِ الدَهر إِساءآتِهِ

تَنَصُّلاً وَالدَهر واحٍ وَماح

يا ابن علي أَعدني بِالغِنى

كَمِثلِ ما أَعديتَني بِالسَماح

طارَ إِلى العَلياء قَوم وَما

قَصَّرتُ لَكِن كَيفَ لي بِالجَناح

دونَ العُلى ملحمة صَعبَة

سِلاحُها المال وَمالي سِلاح

آن لِجادي الغَيث أَن يَجتَدي

وَمُستَميح البَحر أَن يُستَماح

فاسلم وَعِش في رفعَة نَجمها

في فلك العِز حليفَ النَجاح

وَدَم كَما أَنتَ فَما بَعد ذا

لِمَن دَرى كَيفَ المَعالي اقتِراح

في عَزِّ إِقبال وَيُمنٍ وَفي

ظِل سُعودٍ يَقتَدي بِالصَلاح

ما شَق نور الفَجر درَع الدُجى

وَما دَعا في الأَيك طَيرٌ وَناح

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن التهامي

avatar

التهامي حساب موثق

العصر العباسي

poet-al-tohami@

105

قصيدة

3

الاقتباسات

216

متابعين

أبو الحسن علي بن محمد بن فهد التهامي. من كبار شعراء العرب، نعته الذهبي بشاعر وقته. مولده ومنشؤه في اليمن، وأصله من أهل مكة، كان يكتم نسبه، فينتسب مرة للعلوية ...

المزيد عن التهامي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة