الديوان » العصر العباسي » التهامي » ألم وليلي بالكواكب أشيب

عدد الابيات : 50

طباعة

أَلَمَّ وَلَيلي بِالكَواكِبِ أَشيب

خَيالٌ عَلى بُعدِ المَدى يَتأوَّبُ

أَلَم وَفي جفني وَجفن منصلي

غَراران ذا نوم وَذاك مشطَّبُ

أَعاصي الهَوى في حال نَومي وَيقظَتي

فَسَيّان عِندي وَصلها وَالتَجنُّبِ

لَحا اللَهَ قَلبي مالَه الدَهرَ عاكِفاً

عَلَيها ومن شأنِ القلوبِ التَقلُّبِ

ثوى برهة في ثاية الحيِّ وانبروا

فَوَلَّوا بِهِ في جانِب الظَعنِ يَجنُبُ

لَها مقلة في رؤيةِ العَينِ مُقلَةٌ

وَإِن جَرِّبت فَهي الحُسامُ المُجَرَّبُ

وَأَسودها في القَلبِ أَسود سالِخٍ

وَأَبيضها في الجسم أَبيَضُ مقضَبُ

وَما سُقمُ جفنيها بِضائِرِ طرفها

إِذا صَحَّ غرب السَيف فالجفن يَعطُبُ

وَتصمي قلوب العاشِقين إِذا رَمَت

فَلَيسَ لَها سَهمٌ إِذا مَرَّ يَكذب

وَيرشقها الرامي بِلحظَةِ طرفِهِ

وَيحسب أَنَّ السهمَ يَنمي فَيُنكَبُ

فَيرجَع عَنها ناكِصاً غَيرُ صائِبٍ

وَهَيهاتَ أَن يُردى الجَبانُ المُهَيَّبُ

وَلَم أَنسها تصفرُّ من غربة النَوى

كَما اصفرَّ وجه الشَمس ساعَة تغربُ

فَقَد شفَّ مِن تَحتِ البَراقِعِ وجهها

كَما شَفَّ مِن تَحتِ الجَهامَةِ كَوكَبُ

يبين وَيخفي في السَرابِ كَأَنَّها

سَنا دُرَّة في البَحرِ تَطفو وَتَرسُبُ

وَوَلَّت وَقَد حف الحسانَ بِها كَما

أَخاط بِسَفعاء المَلاطِمِ ربرَبُ

فَلَمّا أَتوا رَوضاً يَرُفُّ تَبَسَمَّت

أَقاحيه فيهِ استَبشَروا ثُمَّ طَّنُبوا

وَضاحكن نَّوار الأَقاحي فَقالَ لي

خليليَّ أَي الأَقحوانين أَعجَبُ

فَقُلتُ لَهُ لا فَرق عِندي وَإِنَّما

ثغور الغَواني في المَذاقَة أَعذَبُ

أَلَم ترني أَصبَحتُ مِمَّن يَروقُهُ

سِنانٌ خَضيب لا بِنان مُخَضَّبُ

يُساعِدني في الرَوع أَبيَض صارِمٍ

وَفي ثغر المَوماة وَجناء ذَعلبُ

أَظَلُّ بِأَجواز الفَلاة كَأَنَّني

عَلَيها عِقاب وَهيَ تَحتيَ مرقب

وَتشكل أَغفال الطَريقِ بحمرَةٍ

مِنَ الدَمِ في أَخفافها حينَ تَنقُبُ

وَإِنّي وَإِن أَصبَحتُ بِالشامِ ثاوِياً

أَحِنُّ إِلى أَرضُ الحِجازِ وَأَطرَبُ

إِذا شَبَّ نار الوَجدِ ما بَينَ أَضلُعي

فَأنّي بِسلوان القَريضِ أَشبِبُ

محبَّبة نَحوي تِهامَةَ مِثلَما

إِلى هبة اللَهِ العَلاء مُحبِبُ

ديار يَطيب العَيش فيها وَإِنَّهُ

لَدى ابن عَليِّ إِن تَأملَت أَطيَبُ

حُسام لَهُ مِن حيث ما شيم مضربُ

غَمام لَهُ من حيث ماشيم صَيِّبُ

لَقَد أَنجبتُ أَباؤُهُ إِذ أَتَت بِهِ

وَكَم مِن نَجيبٍ سَيِّد لَيسَ يُنجِبُ

الأئِمَّةُ في الجودِ لا تعدَلَّنه

عَلى طَبعِهِ فَالطَبعُ أَولى وَأَغلَبُ

لَهُ غِرَّة لِلبشر فيها تَرَقرُق

ترحب بِالعافين قَبلَ يرحِّبُ

وَلَم يَستَفِد بِالمَدحِ ما لَيسَ عِندَهُ

وَهَل يَنفَعُ التَجميل من هو أَشهَبُ

بَل المَدحُ يَنبو عَنهُ حَتّى كَأَنَّهُ

وَحاشاه يُهجى بِالمَديح وَيُثلَبُ

يَنوطُ نَجادي رَأيه وَحُسامِهِ

بصدر كَمِثلِ البَرِّ بَل هوَ أَرحَبُ

فَيفري بِسَيفِ البأسِ وَهوَ مُجَرَّدٌ

وَيفري بِسَيفِ الرأيِ وَهوَ مُغَيَّبُ

وَيرهِبُ حالي عَبسَهُ وابتسامُهُ

إِذا ابتَسَم الصِمصام فَهوَ مُقَطِّبُ

يَرُدُّ أَديم الأَرضِ أَشقَر مِن دَمٍ

إِذا لَفَّهُ بِالخَيلِ أَشقَر مُغرَبُ

أَغَرَّ كَأَنَّ الوَجهَ مِنهُ مُفضَّضٌ

وَما قارب الأرساغِ وَالكُلُّ مذهَبُ

يَعومُ بِهِ في غمَرةِ الحَربِ سابِحٌ

يُقَرِّبُ بُعدَ الهم حينَ يقربُ

وَيصدق في الهامات إِيماض سَيفِهِ

عَلى أَنَّ إِيماض الصَوارِم خُلَّبُ

كَأَنَّ سِنان الرُمح سِلكٌ بِكَفِّهِ

وَجمع أَعاديهِ الجُما المثقَّبُ

وَيَكشف غَمّاءَ الخطوبِ بِنَفسِهِ

لَدى النَقعِ وَالهَيجاء بالهامِ تحصُبِ

فَتَنظُرُهُ كالنَجم في حَومَةِ الوَغى

وَقَسطلها مِن شِدة الرَكضِ غيهبُ

وَتَشكره أَقلامه ساعَة الرِضى

وَتشكره أَرماحِهِ حينَ يغضبُ

لَهُ قَلمٌ فيهِ المَنِيَّةُ وَالمُنى

وَمِنهُ العَطايا وَالرَزايا تشعُبُ

إِذا كانَ في يُمناهُ نابَ عَن الظُبى

وَهَل يَنثَني في أصبع اللَيثِ مِخلَبُ

تريك المَعالي أَنَّ وفدك مُحسِنٌ

إِلَيكَ وَما تَحوي يَمينك مُذنبُ

فَكَم طَيبٍ تُغني وَعَلياء تَقتَني

ومكرمة تؤوي وَمال تُغرِّبُ

أَبا قاسم قلدتني مِنكَ أَنعُماً

أُقصِّرُ عَن شُكري لَها حينَ أَطنَبُ

وَلَو كانَ لي في كُلِّ مَنبَتِ شَعرَةٍ

لِسانٌ فَصيحٌ عَن مَديحك يُعرَبُ

فَعِش عمرَ هَذا فيكَ فَأَنَّهُ

سَيَبقى إِلى يَوم المَعادِ وَيكتب

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن التهامي

avatar

التهامي حساب موثق

العصر العباسي

poet-al-tohami@

105

قصيدة

3

الاقتباسات

217

متابعين

أبو الحسن علي بن محمد بن فهد التهامي. من كبار شعراء العرب، نعته الذهبي بشاعر وقته. مولده ومنشؤه في اليمن، وأصله من أهل مكة، كان يكتم نسبه، فينتسب مرة للعلوية ...

المزيد عن التهامي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة