الديوان » العصر العباسي » السري الرفاء » شباب المرء ثوب مستعار

عدد الابيات : 34

طباعة

شَبابُ المَرءِ ثَوبٌ مُستعارُ

وأيامُ الصِّبا أبداً قِصارُ

طوَى الدَّهْرُ الجديدَ من التَّصابي

وليسَ لِمَا طوى الدَّهرُ انتشارُ

ولم نُعْطَ المُنى في القُرْبِ منه

فكَيفَ بها وقد شَطَّ المَزارُ

صدودٌ في التَّقارُبِ واجتِنابٌ

وشوقٌ في التَّباعُدِ وادِّكارُ

يَطولُ إذا تَقاصَرَتِ الَّليالي

ويقرُبُ إنْ تباعَدَتِ الدِّيارُ

لَحى اللهُ العِراقَ وساكِنيهِ

فما للحُرِّ بينَهُمُ قَرارُ

وجادَ المَوصِلَ الغَرَّاءَ غَيْثٌ

يَجودُ وللبروقِ به انسفارُ

كما انهلَّتْ مَدامِعُ مُستَهامٍ

تلهَّبُ منه في الأحشاءِ نارُ

ففي أيامِها حَسُنَ التَّصابي

وفي أفيائِها خُلِعَ العِذارُ

لياليَ كان لي في كلِّ يومٍ

إلى الحاناتِ حَجٌّ واعتمارُ

فعَنْ ذِكرِ القيامَةِ بي صُدودٌ

وعن ساحِ المساجدِ بي نِفارُ

ولي خِدْنانِ همُّهما المعالي

وشأُنهما السَّكينةُ والوَقارُ

وساقٍ تَضحَكُ الدُّنيا إليه

إذا ضَحِكَتْ بِكَفَّيْهِ العُقارُ

يَطوفُ بها وقد حَمَلَتْ حَباباً

كما حملَ السَّقيطَ الجُلَّنارُ

كأنَّ الشَّرْبَ ينتهبونَ ناراً

لها لَهَبٌ وليس لها شَرارُ

رأى الدهرُ اجتماعَ الشَّمْلِ مِنّا

فشتَّتَه وللدَّهرِ الخِيَارُ

وبَدَّلَني بأخدانِ المعالي

أُناساً فِعلُهُم شَيْنٌ وعَارُ

مَشَاجِبُ لستُ أغشاهُم ولا لي

من الأيامِ بينَهُمُ انتصارُ

هم شجرٌ من التمويهِ أكدَى

فلا ظِلٌّ لدَيْهِ ولاثِمارُ

فمغبوطٌ وليسَ له عَشاءٌ

ومَحسودٌ وليس له دِثارُ

ومقصورُ النَّدى قَصُرَتْ يَداه

فلا نَفعٌ لَدَيْهِ ولا ضِرارُ

ومعتصِبٌ بتاجِ المُلكِ فيهِ

إلى مَنْ رامَ نائلَهُ افتقارُ

أسيرٌ في يدِ الأيامِ راضٍ

بما يجري به الفلَكُ المُدارُ

إذا حكَمَ العبيدُ عليه فاضَتْ

لفَرْطِ الذُّلِّ أدمُعُه الغِزارُ

فما يَخْشى سَطاه الدهرَ جانٍ

ولا يَرجو نَداه الدهرَ جارُ

أَ أَقعُدُ بالعراقِ أسيرَ دَهْرٍ

غريباً لا أزورُ ولا أُزارُ

وفي غَربيِّ دِجلةَ لي محلٌّ

جِوارُ المِكرُماتِ له جِوارُ

وسيِّدُ مَعشَرٍ كَرُموا وسادوا

يُجيرُ على الخُطوبِ ويُستَجارُ

يَهُزُّ على النوائبِ منه عَضباً

حُساماً لا يُفَلُّ له غِرارُ

له من جَوهَرِ الآدابِ حَلْيٌ

وللأسيافِ حَلْيٌ مُستَعارُ

تَشبَّهَ في الفِعالِ به أُناسٌ

وأنَّى يُشبِهُ الشَّبهَ النُّضارُ

جلَتْ عَزَماتُه نُوَبَ اللَّيالي

كما يجلو دُجى اللَّيلِ النَّهارُ

وشادَ المجدَ بالأفضالِ حتَّى

تناهَى في العُلوِّ به الفَخارُ

فما فيه عن المعروفِ مَنعٌ

ولا فيه عن الحَمْدِ ازوِرارُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن السري الرفاء

avatar

السري الرفاء حساب موثق

العصر العباسي

poet-Al-Sari-al-Raffa@

559

قصيدة

2

الاقتباسات

98

متابعين

السري بن أحمد بن السري الكندي، أبو الحسن. شاعر، أديب من أهل الموصل. كان في صباه يرفو ويطرز في دكان بها، فعرف بالرفاء. ولما جاد شعره ومهر في الأدب قصد ...

المزيد عن السري الرفاء

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة