الديوان » العصر العباسي » السري الرفاء » تهيبه ورد الردى لو تهيبا

عدد الابيات : 51

طباعة

تهيَّبه وِردُ الرَّدى لو تهيَّبا

ربائبَ في الأظعانِ يُحسَبْنَ رَبرَبا

مَلكْنَ بتقليبِ النَّواظرِ قلبَه

فقد أَمِنَتْ في الحبِّ أن يتقلَّبا

طوالعُ من حُمْرِ القِبابِ شموسُها

وما طلعَت منهنَّ إلا لتَغرُبا

سَفرْنَ فلاحَ الأقحوانُ مفضَّضاً

على القُربِ منا والشَّقِيقُ مُذَهَّبا

وجُدْنَ بألحاظٍ مِراضٍ كأنَّها

تُصرِّحُ بالعُتبى إلى مَنْ تعتَّبا

وقد أثمرَ العُنَّابَ والوردَ بَانُها

فأبدعَ في تلك الثِّمارِ وأغرَبا

محاسنُ عنَّت في مَساوٍ من النَّوى

فللّه ورْدٌ ما أمرَّ وأعذبا

رأت جانبَ الأعداءِ سهلاً فأسهلَت

فلائقُ كانت بِغضةً وتحبُّبا

عذيريَّ من قلبٍ إذا سُمتَه الهَوى

أجابَ وإن ذكَّرتَه صبوةً صَبا

وطيفِ حبيبٍ خافَ طيفَ رقيبِه

فزارَ وسارَ خائفاً مترقِّبا

إذا كان سُقيَا الخائفين تجنُّباً

فلا زالَ صَوبُ المُزْنِ يَسقيكَ صَيِّبا

حَيَاً كلما حيَّتْ به الريحُ منزِلاً

ثَنَتْ فيه هُدَّاباً إليك وهَيدَبا

تلهّبَ فيه البرقُ حتى كأنَّه

حريقٌ على أثباجِ ليلٍ تلهَّبا

فباتَ كأنَّ الريحَ في جَنَباتِه

تهُزُّ صفيحاً منه بالتِّبرِ مُذهَبا

وساجَلَ معروفَ الوزيرِ ومَنْ له

بعُرْفٍ يعُمُّ الأرضَ شَرْقاً ومغرِبا

هُمامٌ يعُدُّ السمهريَّةَ مَعقِلاً

يعوذُ به والمَشرَفيَّةَ مَكسِبا

حليمٌ إذا أحْفَظْتَه زادَ حِلمُه

فكيفَ يرى عن مَذهَبِ الحقِّ مذهَبا

ومبتسمٍ والطعنُ يَخضِبُ رُمحَه

كأنْ قد رأى منه بَناناً مُخَضَّبا

رأيناه يومَ الجودِ أزهرَ واضحاً

ويومَ قِراعِ البيضِ أبيضَ مِقْضَبا

وخِلناه في بذلِ الألوفِ قبيصةً

وخِلناه في سَلِّ السيوفِ المُهَلَّبا

ملوكٌ إذا الأيامُ دامَت رماحُهم

حَسِبتَهم الأيامَ صَدراً ومَنكِبا

يُنازعُهم فضلَ النَّجابةِ معشرٌ

ولولاهمُ لم يَعرفِ الناسُ مُنجِبا

وَهَجْرٍ تردُّ الخيلُ رأْدَ ضَحائِه

بأرهاجها قِطْعاً من الليلِ غَيهَبا

كأنَّ سيوفَ الهندِ بينَ رماحِه

جداولُ في غابٍ علا وتأشَّبا

تَضايقَ حتى لو جَرى الماءُ فوقَه

حَماه ازدحامُ البيضِ أن يتسرَّبا

وقَفْتَ به تُحيْي المُغيرةَ ضارباً

بسيفِكَ حتى ماتَ حَداً ومَضرِبا

وصُلْتَ على الأعداءِ تلعَبُ بالقَنا

وأرواحِهم حتى ظنَّناه مَلعَبا

وكم مِقنَبٍ في الرَّوْعِ يُحسَبُ واحداً

وكم واحدٍ في الرَّوْعِ يُحسَبُ مِقنَبا

فلو كنتَ من حربِ العُداةِ بمعزِلٍ

دعوتُك في حربِ النوائبِ مِحرَبا

إذا غابَ عن ذي الرأي وجهُ رَشادِه

لجأتَ إلى رأيٍ يُريك المغيَّبا

أساءَ إلينا الدهرُ يا ابنَ محمدٍ

فلما تنافَرنا إليك تجنَّبا

دعوتَ إلى الجَدوى ومثلُك مَنْ دعا

بِ حَيِّ على ماءِ الحياةِ فثوَّبا

فما بَعُدَتْ نُعماكَ عن ذي قَرابَةٍ

ولا جَانَبَتْ مِنْ سائرِ الناس أجنَبا

إليك ركبتُ الليلَ فَرداً فلم أقُل

أعاذلتي ما أخشنَ اللَّيلَ مَركَبا

لِيَصْدُرَ عنكَ الشِّعرُ مالاً مسوَّماً

إذا نحنُ أوردناه دُرّاً مُثَقَّبا

فهل لك من جازٍ إذا اعترضت له

شهودُ قوافي الشِّعرِ جَدَّ فأسهَبا

وضاربةٍ في الأرضِ وهي مُقيمةٌ

كأنَّ مَطاياها الجَنوبُ أو الصبَّا

يثقِّفُها طِبٌّ بتثقيفِ مثلِها

ويخدُمُها حتى تَرِقَّ وتَعذُبا

مُطِلٌّ على سهلِ الكلامِ وحَزْنِه

فما يصطفي إلا اللُّبابَ المُهَذَّبا

تركتُ رِحابَ الشامِ وهي أنيقةٌ

تقولُ لِطُلاّبِ المكارمِ مَرحَبا

مدبَّجةَ الأطرافِ مخضرَّةَ الثَّرى

مصقَّلةَ الغُدرانِ مَوشيَّةَ الرُّبا

إذا نحنُ طاردْنا الغنيمةَ أمكَنتْ

بِهِنَّ وإن جُلْنا على الصيدِ أكثَبا

فما ذِمَّةُ الأيامِ فيها ذميمةٌ

ولا جانبُ الدنيا بها متجنَّبا

ولكنَّ ذا القُربى أحقُّ بمنطِقٍ

إذا كان ذو القُربى إلى الحمدِ أقرَبا

وذي شرفٍ إن عَدَّ ثَهْلانَ فاخراً

عددتُ له رَضْوى وقُدْساً وكَبكَبا

تعصَّبتُ في شِعري عليه ولو حوَى

عصائبَ تيجانِ الملوكِ تعصبُّا

فلا زِلتَ مُبَيضَّ المكارمِ راخياً

بجُودٍ ومحمَرَّ الصوارمِ مُغضَبا

ودونَكما تتلو نظيرتَها التي

هي الكوكبُ الدُّريُّ يجنُبُ كوكَبا

كأنَّ قَوافيها سهامُ مثقِّفٍ

تصعَّدَ فيها لحظُه وتصوَّبا

كأنَّك منها ناظرٌ في حديقةٍ

تقطَّرَ فيها فارسُ القَطرِ أو كَبا

كلاماً يفوقُ المِسكَ طيباً كأنما

أتاكَ برَيحانِ النحورِ مطيَّبا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن السري الرفاء

avatar

السري الرفاء حساب موثق

العصر العباسي

poet-Al-Sari-al-Raffa@

559

قصيدة

2

الاقتباسات

98

متابعين

السري بن أحمد بن السري الكندي، أبو الحسن. شاعر، أديب من أهل الموصل. كان في صباه يرفو ويطرز في دكان بها، فعرف بالرفاء. ولما جاد شعره ومهر في الأدب قصد ...

المزيد عن السري الرفاء

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة