الديوان » لبنان » ناصيف اليازجي » أسألت بان الجزع وهو يصفق

عدد الابيات : 35

طباعة

أسألتَ بانَ الجِزْعِ وَهْوَ يُصَفِّقُ

كيفَ الثَنيَّةُ بَعدَنا والأبرَقُ

وهَلِ الأجارعُ أُمطِرتْ بعدَ النَوَى

يوماً وهل تِلكَ الخَمائلُ تُورِقُ

يا جِيرةَ الحَيِّ الذينَ تَحَمَّلوا

ما كُنتُ أحسَبُ أنَّنا نَتَفرَّقُ

أستغِفِرُ اللهَ العظيمَ بأنَّنِي

فارَقتُكم وبَقيتُ حَياً يُرزَقُ

ولَقد بكَيتُ على الدِّيارِ فساءَني

دَمعٌ لهُ سَعَةٌ وطَرْفٌ ضَيِّقُ

والدَّمعُ مِن بعضِ المِياهِ قليلُهُ

يُروي ولكنَّ الكثيرَ يُغرِّقُ

هل مُبْلغٌ عَنّي التَحيَّةَ ظَبيةً

عن مِسكِ نَكْهتِها اللَطائِمُ تُفتَق

تَلقَى مَعاطِفَها الغُصونَ فتنثَني

خَجَلاً وتَلقْاها النُجومُ فتخفِقُ

بَدَوِيةٌ من آلِ مُرَّةَ قد حَلا

نهبُ القُلوبِ لَها بطَرْفٍ يَسرِقُ

مِن خالِ وَجْنَتِها بَلاءٌ أسوَدٌ

من وَشْمِ بُلجَتها عَدُوٌّ أزرَقُ

يا دُرَّةَ الغَوَّاص طَيَّ خِبائِها

ويَحْي مَتى هذا الخِباءُ يُمزَّقُ

لو تُطبَعُ الأحداقُ فيهِ رأيتَهُ

كالدِّرعِ من حَدَقٍ إليهِ تُحدِّقُ

إنْ لم تُصِبْ قَدَمٌ إليكَ تَطَرُّقاً

خوفَ الرقيبِ فللقُلوبِ تَطَرُّقُ

قد كانَ لي قلبٌ فطارَ بهِ الهَوَى

فأنا بِلا قلبٍ أهيِمُ وأعشَقُ

وَجْدٌ تَوَقَّدَ في خِلالَ أضالعٍ

قد كانَ يُحرِقها فصارَتْ تُحرِقُ

قد أيْمَنَ الصَبرُ الذي أعدَدتُهُ

للنَّائِباتِ ورَكْبُ شَوقي مُعْرِقُ

شَوقٌ يهيجُ إلى الذي ينسَى بهِ

شَوقَ الجمالِ الهائمُ المُستغرِقُ

العالمُ الصَّدرُ الكبيرُ الشاعرُ ال

فَطِنُ الشَّهيرُ الكاتبُ المُتأنِّقُ

عَلَمٌ يَمُدُّ على العِراقِ رِواقَهُ

وبهِ العواصِمُ تَستَظِلُّ وجِلَّقُ

أبقَى لهُ الباقي الذي هُوَ عبدُهُ

شِيَماً من الفاروقِ لا تَتَفرَّقُ

منها الوَداعةُ والزَهادةُ والتُّقَى

والعَدلُ والحِلمُ الذي لا يَقلقُ

بدرٌ بأُفْقِ الشَرقِ لاحَ وضوءُهُ

في الخافِقِيْنِ مُغرِّبٌ ومُشرِّقُ

ما زالَ في شَرَفِ الكمالِ فلم يكُنْ

نَقصٌ ولا خَسْفٌ بهِ يتَعلَّقُ

هُوَ ذلكَ الرَّجُلُ الذي آثارُهُ

لا تُقتَفى وغُبارُهُ لا يُلحَقُ

ولهُ الفُتُوحُ إذا تَمرَّدَ مارِدٌ

في كُلِّ مُعضلةٍ وعَزَّ الأبلَقُ

تأتي نَفائِسُهُ إليَّ سَوابقاً

وهُوَ الذي في كلِّ فضلٍ يَسبُقُ

ولَعلَّها كالصُّبحِ يسبُقُ شَمسَهُ

والشمسُ تدنو بعدَ ذاكَ فتُشرِقُ

سُرَّتْ برُؤيةِ خَطّهِ العينُ التي

أبداً لرُؤيةِ وَجهِهِ تَتَشوَّقُ

أثَرُ الأحبَّةِ يُستلَذُّ بهِ كما

يَلتَذُّ وَسنانٌ بطَيْفٍ يَطرُقُ

غَمَرتْ فَوائِدُهُ البعيدَ بنَيْلِها

مثلَ القرِيبِ ونِيلُها يَتَدَفَّقُ

كالبحرِ يُهدِي من جَواهرِهِ إلى

مَن لا يَراهُ كمَنْ بهِ يتَعمَّقُ

يا أيُّها القَمَرُ الذي من دُونِهِ

طَبَقُ المفَاوِزِ لا السَّحابُ المُطْبِقُ

إن كُنتَ قد أبعَدتَ عَنَّا نازِحاً

فالبُعدُ أشجَى للقُلوبِ وأشْوَقُ

أُثني عليكَ كأنَّني مُتَفضِلٌ

ولَكَ التَفضُّلُ عندَ مَن يَتَحقَّقُ

لو لم يكُنْ لكَ ما نَطَقْتُ بِمَدْحِهِ

فتُرَى بماذا كانَ شِعري يَنطِق

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ناصيف اليازجي

avatar

ناصيف اليازجي حساب موثق

لبنان

poet-nasif-al-yaziji@

479

قصيدة

5

الاقتباسات

146

متابعين

ناصيف بن عبد الله بن ناصيف بن جنبلاط، الشهير باليازجي. شاعر، من كبار الأدباء في عصره. أصله من حمص (بسورية) ومولده في (كفر شيما) بلبنان، ووفاته ببيروت. استخدمه الأمير بشير ...

المزيد عن ناصيف اليازجي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة