الديوان » العصر العباسي » صردر » شدوا على ظهر الصبا رحلى

عدد الابيات : 59

طباعة

شُدُّوا على ظهر الصِّبا رَحلى

إن الشبابَ مطيَّةُ الجهلِ

إن أُحرِزتْ نفسي إلى أمدٍ

دبَّرتُها في الشَّيبِ بالعقلِ

إن المغرَّبَ في مواطنه

من عاش في الدنيا بلا خِلِّ

وإذا الفؤاد ثوى بلا وطر

فكأنه ربعٌ بلا أهلِ

من للظباء سواى يقنِصُها

إن أسكرتني خمرةُ العذلِ

أوغلتُ في خوض الهوى أنَفاً

للقلب أن يبقىَ بلا شُغلِ

وحِذرتُ سُلوانا فسُمتُهُمُ

أن يَحرِمونى لذّةَ الوصلِ

فضَلَتْ دموعى عن مدَى حزَنىَ

فبكيتُ مَن قَتَل الهوى قبَلى

ما مرّ ذو شَجنٍ يكتِّمه

إلا أقول متيمَّ مثلى

يُخفى ولا يَخفىَ على نظرى

عَلمَ الخضوع ومِيسَم الذلِّ

يا فاتكا أضراه أنَّ له

قَتْلَى بلا قَوَدٍ ولا عَقْلِ

لِمَ لا تُريُق دَماً وصاحبُه

لك جاعلٌ في أوسع الحِلِّ

بُعداً لغِزلان الخدور لقد

كُحِلَتْ مَحاجرُهنَّ بالخَتْلِ

يرمين في ليلِ الشبابِ لكى

تَخفَى علىَّ مواقعُ النبلِ

لو لم يُردْ بي السوءَ خالقُها

ما ضمَّ بين الحسن والبخلِ

غِقذف عدوَّك إن أردتَ به

دهياءَ بين الأعين النُّجل

يبلُغنَ كلَّ العُنفِ في لَطَفٍ

ويَنلنَ أقصى الجِدِّ بالهزلِ

هبْهم لَوَوْا وعدِى فطيفهُمُ

من ذا يجسِّره على مطلى

قد كدتُ أُنهِكهُ معاقَبةً

لولا ادّكارى حُرمَة الرُّسْلِ

وعهودُكم بالرَّمل قد نُقضتْ

وكذاك من يبنى على الرملِ

إن ازمعوا صرما فلِمْ عَقدوا

يومَ الكثيب بحبلهم حبلى

لا يوثِق الأُسراءَ بينهُمُ

إلا رِشاءُ الفاحِم الرَّجْلِ

كيف الخلاصُ ومن قدودهِمُ

وخدودهم ونهودهم عقلى

وإذا الهوى ربَط النفوسَ فما

يُغنيك حَلُّ يدٍ ولا رِجْلِ

صحبى الألى أزجَوْا مطيَّهُمُ

حتى أناخوها بذى الأَثْلِ

من يطَّلِعْ شَرَفا فيعلمَ لي

هل روَّح الرُّعيانُ بالإبلِ

أم قعقَعتْ عَمَدُ الخيام أم ار

تفعَتْ قِبابهُمُ على البُزْلِ

أم غرَّد الحادى بقافيةٍ

منها غرابُ البين يستملى

إنى أحاذر من رحليهمُ

ما حاذَرَتْ أُمٌّ من الثُّكلِ

إن كان ذاك فصادَفوا لقَمَا

يعمَى الدليلُ به عن السُّبْلِ

رفقا فلست أُطيق أحملُ ما

حَمَلَ الأجلُّ لنا في الثِّقلِ

وهو الذي كلٌّ يُقرّ له

يومَ الفخار عليهِ بالفضلِ

أَغلتْ مكارمُه المهورَ على

تزويج بِكرِ القول بالفعلِ

وحَبا العفاةَ وهم بدارهمُ

حتى دَعَوه جامعَ الشملِ

يعطيك في عُسُر وفي يُسُرٍ

ويُنيل من كُثْرٍ ومن قُلِّ

مثل السحابةِ ما تُغبُّك في ال

حالاتِ من وبل ومن طلِّ

فكأنما أوحىَ إلى يده

أن تقتلَ الإملاقَ بالبذلِ

شجر من المعروف أنبتها

تختال في ثمر وفي ظلِّ

ومناهلٌ إن يرضَ واردها

بالنَّهْل يجبُرْهُ على العَلِّ

ظنًّا بأن الفرضَ ليس له

حمدٌ وأن الشكرَ للنَّفلِ

لعدوّه وما للصديق به

والغيثُ رزقُ الحَزِن والسهلِ

وإذا السماء غدت كأنّ على

أبوابها قُفلا من المَحْلِ

وجدوا الغمامَ قلائصا غَرِضتْ

بالسير من جهد ومن هُزْلِ

واستحسن الكرماءُ من سَغبٍ

أن يبعثوا بذخائر النملِ

في شَتوةٍ شمطاءَ عانسةٍ

عزَّ الرَّضاعُ بها على الطفلِ

بكَرت أناملهُ بغاديةٍ

تكسو البلادَ مَلاحفَ البَقْلِ

وكأنما الأنواءُ حائلةٌ

عجفاءُ تَرمحُ حالبَ الرِّسْلِ

بلغَ المدى والتابعون له

متعثرون بزَلّة النعلِ

لو قُلّد الشجعانُ عزمَته

لغَنُوا عن الهِندىِّ ذى الصقلِ

حُنِيتْ أضالعُه على همم

مخلوقة للعَقد والحَلِّ

لا يدّعِى إقدامَه أحدٌ

وإن ادعاه فوالدُ الشِّبلِ

ما يذعَرُ الخصماءُ من فُطُمٍ

ترميهمُ بشقاشقٍ تغّلى

أبدا يفِرُّ صريعُ منطقه

منه إلى الخَطّىّ والنَّصلِ

يرنو الزمان إلى معاندِه

حنَقاً عليه بأعينٍ قُبْلِ

في كفِّه صمَّاءُ ضامرةٌ

سرَقَتْ شمائَلها من الصِّلِّ

سمُّ الأساودِ في نواجذها

وإن اغتذت بمُجاجةِ النحلِ

ما حُكِّمتْ في أمرِ مُشكلةٍ

إلا أتت بقضيَّةٍ فَصلِ

من مثلُه لقراع نائبةٍ

فيها فراق العِرْسِ للبَعلِ

هيهات أن تلقىَ مشابَهه

أمُّ الصقورِ قليلةُ النسلِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن صردر

avatar

صردر حساب موثق

العصر العباسي

poet-Sardar@

130

قصيدة

1

الاقتباسات

105

متابعين

علي بن الحسن بن علي بن الفضل البغدادي، أبو منصور. شاعر مجيد، من الكتاب. كان يقال لأبيه (صرّ بَعْر) لبخله، وانتقل إليه اللقب حتى قال له نظام الملك: أنت (صر ...

المزيد عن صردر

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة