الديوان » العصر الأندلسي » الأرجاني » يا معرضا قد آن أن تتلفتا

عدد الابيات : 64

طباعة

يا مُعْرِضاً قد آن أَنْ تَتَلفَّتا

تَعذيبُ قلبِ المُستَهامِ إلى مَتى

لم أجعَلِ الأحبابَ فيكَ أعادياً

حتى تكونَ لكُلِّهم بِي مُشمِتا

نذرَ الوشاةُ دَمي وتُصبحُ نادماً

إن لم تكُنْ مُتَبيَّناً مَتُثبِّتا

هي ليلةٌ عَلِقَ الرُّقادُ بناظري

فقَضى خيالُك فَرْضَ وَصْلٍ فُوِّتا

لا مُتِّعتْ عَيْنايَ منك بنَظْرةٍ

إن عادتا من بَعْدِ ذاك فأغفَتا

قد طَلَّق العَينَيْنِ طَيفُك ساخطاً

فَلَه اللّيالي عَدَّتا واعتدَّتا

وأَظُنُّ أنّ سَوادَ إنسانَيْهما

لهما حِدادٌ للمُصابِ أحَدَّتا

يا ناسيَ المِيعادِ من سُكْرِ الصبا

بعَذابِ هَجْرِك كم ترَى أن تُعنِتا

مَن لي لِيُطْلِقَ رَسْمَ قُبلةِ عارضٍ

قد كان في ديوانِ وَعْدِك أُثبِتا

واحْلُلْ مَهبَّ الريحِ من أصداغهِ

يَستَغْنِ قَومُك أن يَؤُمُّوا تُبَّتا

لا تَجعلَنَّ لنَيْلِ وَصْلِكَ مَوعِدي

بمُرور يومٍ للزّمانِ مُوَقِّتا

يومُ المُتَيَّم منك حَولٌ كاملٌ

يتَعاقَبُ الفصْلانِ فيه إذا أتى

ما بينَ نارِ حشاً وماءِ مَدامعٍ

إنْ حَنَّ صافَ وإن بكَى وَجْداً شَتا

للهِ ظَبْيٌ كلّما عَرَضوا له

صَرَعَ الرُّماةَ بمقلتَيْهِ وأفلَتا

ويَضُجُ منّي كلُّ مَنْبِت شَعْرةٍ

فيما أُجِنُّ ولو خَرِسْتُ تَزَمُّتا

وإذا عتَبْتُ من الإقامةِ بينهم

قالَ الزّمانُ يداكَ فاعلَمْ أَوْ كتا

فَضْلي لأوّلِ نَظْرةٍ مَتَبَرِّجٌ

دَعْ مَن يُقلِّبُ طَرْفَهُ مُستَثْبِتا

وطَريقتي حَسْناءُ إلا أنّها

مُحتاجةٌ معَ حُسْنِها أن تُبخَتا

أمّا القريضُ فكان غايةَ بارعٍ

يَوماً إذا أسمَعْتُهُ أن يَبْهَتا

ما زِلتُ فيه لناطقٍ ولسابقٍ

طلَعا أمامي مُسْكِتاً ومُسَكِّتا

قد كان ذلك مرّةً فاليومَ لا

أغدو لناشئةِ القريضِ مُربِّتا

لم يُبقِ لي من بحر هزْلٍ مُغرَفاً

ضَجري ولا في صَخْرِ جِد مُنحَتا

إن ماتَتِ الهمَمُ العليّة في الورى

فيَحُقُّ أن تَجِدَ الخواطرَ أمْواتا

لا تَعْجَبنْ من شَدِّ عُقْلِ شواردي

في الصدر حتى ما يطقن تفلتا

كذب المدائح كلُّها فمقتُّها

ولقد يهون الشيء حتى يمقتا

إلا مديحَ جمالِ دينِ مُحَمّدٍ

ومَنِ المُطيقُ لمجْده أن يَنْعتا

ولسانُ أُمّتِهِ الذي من طاعةٍ

لِمقالِه اسَتمع الزّمانُ وأنصتَا

علَمُ الهدَى إن سِيلَ عن عِلم الهدى

نثَر الجواهرَ شارحاً ومُنكِّتا

فإذا الكلامُ تَطاردَتْ فُرسانُه

شاهدْتَ سيفَ اللهِ منه مُصْلتا

وإذا أُتيحَ مَواقفٌ مَشهودةٌ

ٌفي نصرِ دينِ اللهِ إن باغٍ عَتا

نادَى المُنادي من رَفيعِ سَمائه

ألا فتىً إلا سليلُ ابنِ الفتىَ

مَولىً إذا ما شاء جار على الفتى

وأجارَ مِن عَضِّ الزّمانِ المُسحَتا

ما عادَ مَنْ يَلْقاهُ إلا قائلاً

يا ابنَ الفَتى للهِ دَرُّك مِن فتى

يَهَبُ النّوالَ معَ العلومِ مع العُلا

هل ماجدٌ في الدّهر يأتي ما أتى

ماضي العزائمِ جُودُ أسحمَ أوطَفٍ

قد شِيبَ فيه ببأسِ أغلَبَ أهْرَتا

ذو مُعْجِزٍ من بِشْرِه في وَجْهِه

مهما بدا أحَيا رجاءً مَيتَا

وإذا يداهُ أسنتا بعَطيّةٍ

نَصرْتُكَ حتّى لم يُبَلْ إن أسنَتا

صدْرُ الشّريعةِ والأئمَّةُ كُلُّهم

كالسّاعدَيْنِ بِجانبيهِ احتَفَّتا

إن قال أسكَت كلَّ فَحْلٍ هَدْرُه

وثنَى لسانَ الخَصْمِ يَحْكي أُسكُتا

وتَخالُ في النادي فُصولَ كلامهِ

دُرًّا تَبَدَّدَ عِقْدُه فَتَبتَّتا

وكأنّما الجوزاءُ فوق سَمائها

للالتقاطِ له يَداها امتَدَّتا

يا أوحداً للعصرِ أصبح صِيتُه

يومَ الفَخارِ لكُلِّ جَرْسٍ مخفِتا

قَضتِ الخِلافةُ بالعلا لكَ في الورى

فانظُرْ لحَقِّ عُلاك مَن قد ثَبّتا

والشّاهدانِ الدَّولتانِ على عُلا

لك سَلَّمتْ وجميعُ مَن قد ضَمَّتا

فَمنِ المُطيقُ جُحودَ فَضْلٍ حُزْتَهُ

وبه العِدا والحاسدون أَقَرَّتا

أما العَدو فكَم طغَى لكنْ أبَى

رَبُ السماء له سوى أنْ يُكْبَتا

شَهِدتْ لك الحُسّادُ نَيْلَ مَراتبٍ

عَذَروا لها الأكبادَ أن تَتَفَتتَّا

أَحَسودَهُ خفِّضْ عليك فطالما

أصبَحْتَ طالبَ غايتَيْهِ فأعْيَتا

يا مَن أُودِّع قبل توديعي له

نَفْساً ورُحاً في ذُراهُ تَربَّتا

قَسَماً بمَنْ حَجَّ الحجيجُ لبَيْتِه

حتّى يُزارَ مُصبَّحاً ومُبَيَّتا

ما عن رِضاً منّي أُفارقُ خِدْمتي

مَن قَتْوُه شَرفٌ يُعَدُّ لِمَن قَتا

مع أن حُبَّكَ لم يَدَعْ لي فُرْطةً

من جانبي لِمُقَدَّمٍ مُتَلفَّتا

لكنَّ داعيةَ الضَّرورة طالَما

منَعتْ بها قَدَمَ الفتَى أن تَثْبُتا

ووَدِدْتُ عند صَلاةِ مَدْحِكَ مُصبحاً

بشِكايةِ الأيّام ألا أَقْنُتا

ومتى تُبدَّلُ قَوْلتي يا لَهْفتي

عند الإيابِ بقَولَتي يا فَرْحَتا

فلوِ استَطعْتُ لصُمْتُ عن كلّ الورى

صَوْماً لِنيَّتِه أكونُ مُبيِّتا

حتى أعودَ مُعَيّداً بكَ راجياً

في حَسْبتي للعَوْدِ ألا أغْلَتا

فأْذَنْ جُعِلْتُ لكَ الفدىمن ماجدٍ

فالأَمْرُ أمرُك نافِياً أو مُثْبِتا

اِحفَظْ مكاني في فؤادِك غائباً

حِفْظي مَكانكَ من لِساني يَثْبتُا

لك مَحْضُ شُكري والشِّكاية كلُّها

لِصُروفِ دَهْرِكَ لم يَزلْ لي مُعْنِتا

سيكونُ مُنشِدَ مَدْحِ مَجْدِكَ في البِلَى

عَظْمي وإن هو في الضّريحِ تَرفتا

ولَوَ أنَ أرضاً للمَدائح أَنبتَتْ

أضحى ثرىً قد ضَمَّني لك مُنبِتا

فاسعَدْ بصَوْمٍ أنت فيه وقبلَه

ما زلْتَ للهِ المُنيبَ المُخْبِتا

واسَعدْ كذاكَ بِعيدهِ وبِعوْدِه

في العِز ما غَنَّى الحَمامُ وصَوّتا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الأرجاني

avatar

الأرجاني حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-alarjani@

315

قصيدة

2

الاقتباسات

104

متابعين

أحمد بن محمد بن الحسين، أبو بكر، ناصح الدين، الأرجاني. شاعر، في شعره رقة وحكمة. ولي القضاء بتستر وعسكر مكرم وكان في صبه بالمدرسة النظامية بأصبهان. جمع ابنه بعض شعره في ...

المزيد عن الأرجاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة