الديوان » العصر العباسي » أبو دُلامة » أبعد الخيل أركبها ورادا

عدد الابيات : 59

طباعة

أبَعدَ الخَيلِ أركَبُها وِراداً

وَشُقراً في الرَّعيلِ إلى القِتالِ

رُزِقتُ بُغَيلَةً فيها وِكَالٌ

وَخَيرُ خِصَالِها فَرطُ الوِكَالِ

رَأيتُ عُيُوبَها كَثُرَت وَعَالَت

وَلَو أفنَيتُ مُجتَهِداً مَقَالي

ليُحصَى مَنطِقِي وَكَلامُ غَيرِي

عُشَيرَ خِصَالها شَرَّ الخِصَالِ

فأهوَنُ عَيبِها أنّي إذا ما

نَزَلتُ وقُلتُ إمشي لا تُبَالي

تَقُومُ فما تَريمُ إذا استُحِثَّت

وَتَرمَحُني وَتَأخُذُ في قِتَالي

وإنّي إن رَكِبتُ أَذَيتُ نَفسِي

بِضَربٍ باليَمينِ وبالشِّمالِ

وبالرِّجلَينِ أركِضُها جميعاً

فَيَا لَكَ في الشَّقَاءِ وفي الكَلالِ

رِياضَةُ جَاهِلٍ وعُلَيجِ سُوءٍ

مِنَ الأكرادِ أَحبنَ ذي سُعالِ

شَتِيمِ الوَجهِ هِلبَاجٍ هِدانٍ

نَعُوسٍ يَومَ حلٍّ وارتِحَالِ

فأدَّبَها بأخلاقٍ سِمَاجٍ

جَزاهُ اللهُ شرّاً عَن عِيَالي

فَلَمَّا هَدَّنِي ونَفَى رُقَادِي

وطَالَ لِذَاكَ هَمِّي واشتِغالي

أتَيتُ بها الكُنَاسَةَ مُستَبيعاً

أُفَكِّرُ دائباً كَيفَ احتِيالِي

بِعُهدَةِ سِلعَةٍ رُدَّت قَديماً

أطُمُّ بها على الدَّاءِ العُضَالِ

فَبَينَا فِكرَتي في السَّوم تَسري

إذا ما سِمتُ أُرخِصُ أم أُغالي

أتَاني خائِبٌ حَمِقٌ شقِيٌّ

قَديمٌ في الخَسَارَةِ والضَّلالِ

وقال تَبِيعُها قُلتُ ارتَبِطها

بِكُمِّكَ إنَّ بَيعِي غَيرُ غالِ

فَأَقبَلَ ضاحِكاً نَحوِي سُروراً

وقَال أرَاكَ سَهلاً ذا جَمَالِ

وَرَاوَغَنِي لِيَخلُوَ بي خِداعاً

وَلا يَدرِي الشَّقِيُّ بِمَن يُخَالي

فَقُلتُ بأربَعِينَ فَقَال أحسِن

إلَيَّ فإنّ مِثلَكَ ذُو سِجَالِ

فأترُكُ خَمسَةً مِنها لِعِلمي

بِمَا فيهِ يَصيرُ مِنَ الخَبَالِ

فلمّا ابتَاعَهَا مِني وَبُتَّت

له في البَيعِ غَيرِ المُستَقَالِ

أخَذتُ بِثَوبِهِ وَبَرِئتُ مِمَّا

أَعُدُّ عَلَيهِ مِن شَنِعِ الخِصَالِ

بَرِئتُ إلَيكَ مِن مَشَشٍ قَديمٍ

وَمِن جَرَذٍ وتَخريقِِ الجِلالِ

ومِن فَرطِ الحِرَانِ ومِن جِمَاحٍ

ومِن ضَعفِ الأسَافِل والأعالي

ومِن فَتقٍ بها في البَطنِ ضَخمٍ

ومِن عُقّالها ومِنَ انفِتالِ

ومِن عَضِّ اللّسانِ وكن خِراطٍ

إذا ما همَّ صَحبُكَ بارتحالِ

ومن عقدِ اللّسَانِ ومِن بَيَاضٍ

بِنَاظِرِها ومِن حَلِّ الحِبالِ

وعُقَّالٍ يُلازِمُها شَديدٍ

ومِن هَدمِ المَعَالِفِ والرِّكالِ

ومِن شَدِّ العِضَاضِ ومِن شَبَابٍ

إذا ما همَّ صَحبُكَ بالزِّيَالِ

تَقَطَّعَ جِلدُهَا جَرَباً وحَكّاً

إذا هُزِلَت وفي غَيرِ الهُزالِ

وألطَفُ مِن دَبيبِ الذَّرِّ مَشياً

وَتَنحِطُ مِن مُتابَعَةِ السُّعَالِ

وَتُلقي سَرجَهَا أبَداً شِماسَاً

وتَسقُطُ في الوُحُولِ وفي الرِّمالِ

ويُهزِلُها الجَمَامُ إذا خَصِبنا

ويُدبِرُ ظَهرَهَا مَسُّ الجِلالِ

تَظَلُ لرَكبَةٍ مِنها وَقيذاً

يُخَافُ عَليك مِن وَرَمِ الطِّحَالِ

وتَضرطُ أربَعينَ إذا وَقَفنَا

على أهلِ المَجَالِسِ لِلسُّؤَالِ

فَتُخرِسُ مَنطِقي وتَحُولُ بَيني

وبَينَ كَلامِهِم مِمَّا تُوَالي

وَقَد أعيَت سِياسَتُها المُكاري

وَبِيطَاراً يُعَقِّلُ بالشِّكَالِ

حَرونٌ حِين تَركَبُها لِحُضرٍ

جَمُوحٌ حِينَ تَعزِمُ لِلنِّزالِ

وذِئبٌ حِينَ تُدنيها لِسَرجٍ

وَلَيثٌ عِندَ خَشخَشَةِ المخالي

وَفَسلٌ إن أرَدتَ بها بُكُوراً

خَذُولٌ عِندَ حاجاتِ الرِّحالِ

وألفُ عَصاً وَسَوطٍ أصبَحِيٍّ

ألَذُّ لها مِنَ الشُّربِ الزُّلالِ

وتُصعَقُ مِن صُقاعِ الدِّيكِ شَهراً

وتُذعَرُ للصَّفِيرِ وَلِلخَيَالِ

إذا استَعجَلتَها عَثَرَت وَبَالَت

وَقَامَت سَاعَةً عِندَ المَبَالِ

ومِنفَارٌ تُقدِّمُ كَلَّ سَرجٍ

تُصَيِّرُ دَفَّتَيهِ على القَذالِ

وتَحفَى في الوُقُوفِ إذا أقَمنَا

كما تَحفَى البِغَالُ مِنَ الكَلالِ

وتَحفَى لَو تَسِيرُ على الحَشَايَا

وَلَو تَمشِي على دَمَثِ الرِّمالِ

ولَو جَمَّعتَ مِن هنَّا وهنَّا

مِنَ الأتبَانِ أمثالَ الجِبَالِ

وأمّا القَتُّ فَأتِ بألفِ وفرٍ

كأعظَمِ حَملِ أحمَالِ الجِمَالِ

فإنَّكَ لَستَ عَالِفَها ثَلاثاً

وعِندَكَ مِنهُ عُودٌ لِلخِلالِ

وإن عَطِشَت فأورِدها دُجَيلاً

إذا أورَدتَ أو نَهرَي بِلالِ

فَذَال لِرَيِّها سُقِيَت حَمِيماً

وإن مدَّ الفُراتُ فلِلنِّهَالِ

وكانَت قَارِحاً أيّامَ كِسرَى

وَتَذكُرُ تُبَّعاً عِندَ الفِصالِ

وَقَد قَرحَت ولُقمانٌ فَطِيمٌ

وَذُو الأكتَافِ في الحِجَجِ الخَوَالي

وَقَد دَبِرَت ونُعمَانٌ صَبِيٌّ

وقَبلَ فِصَالِهِ تِلكَ اللَّيالي

وتَذكُرُ إذا نشا بَهرَامُ جُورٍ

وعَامِلُهُ على خَرجِ الجَوَالي

وَقَد أبلى بها قَرنٌ وقَرنٌ

وأُخِّرَ يَومُها لِهَلاكِ مالي

فَأبدِلني بها يا رَبُّ بَغلاً

يَزِينُ جَمَالُ مَركَبِهِ جَمَالي

كَريماً حينَ يُنسَبُ وَالِداهُ

إلى كَرَمِ المَنَاسِبِ في البِغالِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أبو دُلامة

avatar

أبو دُلامة حساب موثق

العصر العباسي

poet-Abu-Dolamah@

53

قصيدة

2

الاقتباسات

188

متابعين

زند بن الجون الأسدي، بالولاء، أبو دلامة. شاعر مطبوع، من أهل الظرف والدعابة، أسود اللون. جسيم وسيم. كان أبوه عبداً لرجل من بني أسد وأعتقه، نشأ في الكوفة واتصل بالخلفاء ...

المزيد عن أبو دُلامة

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة