الديوان » مصر » محمود سامي البارودي » أرى نفحة دلت على كبدي الوجدا

عدد الابيات : 31

طباعة

أَرَى نَفْحَةً دَلَّتْ عَلَى كَبِدِي الْوَجْدَا

فَمَنْ كَانَ بِالْمِقْيَاسِ أَقْرَبَكُمُ عَهْدَا

مَلاعِبُ آرامٍ وَمَجْرَى جَدَاوِلٍ

وَمُلْتَفُّ أَفْنَانٍ تَقِي الْحَرَّ وَالْبَرْدَا

إِذَا انْبَعَثَتْ فِيهِ النَّسَائِمُ خِلْتَهَا

تُنِيرُ عَلَى مَتْنِ الْغَدِيرِ بِهِ بُرْدَا

كَأَنَّ الصَّبَا تُلْقَى عَلَيْهِ إِذَا جَرَتْ

مَسَائِل فِي الأَرْقَامِ أَوْ تَلْعَبُ النَّرْدَا

أَقَامَ الرَّبِيعُ الطَّلْقُ فِي حَجَراتِهَا

وَأَسْدَى لَهَا مِنْ نِعْمَةِ النِّيلِ مَا أَسْدَى

فَلِلَّهِ كَمْ مِنْ صَبْوَةٍ كَانَ لِي بِهَا

رَوَاحٌ إِلَى حُسَّانَةِ الْجِيدِ أَوْ مَغْدَى

إِذِ الدَّهْرُ لَمْ يُخْفِرْ ذِمَاماً وَلَمْ يَخُنْ

نِظَاماً وَلَمْ يَحْمِلْ عَلَى ذِي هَوىً حِقْدَا

تَدُورُ عَلَيْنَا بِالأَحَاظِي شُمُوسُهُ

وَتُمْسِي عَلَيْنَا طَيْرُ أَنْجُمِهِ سَعْدَا

وَيَا رُبَّ لَيْلٍ لَفَّنَا بِرِدَائِهِ

عِناقاً كَمَا لَفَّ الصَّبَا الْبَانَ وَالرَّنْدَا

وَلَثْمٍ تَوَالَى إِثْرَ لَثْمٍ بِثَغْرِهَا

كَما شَافَهَ الْبازِي عَلَى ظَمَأٍ وِرْدَا

فَتَاةٌ كَأَنَّ اللهَ صَوَّرَ لَحْظَهَا

لِيَهْتِكَ أَسْرَارَ الْقُلُوبِ بِهِ عَمْدَا

لَهَا عَبَثَاتٌ عِنْدَ كُلِّ تَحِيَّةٍ

تَسُوقُ إِلَيْهَا عَنْ فَرائِسِها الأُسْدَا

إِذَا انْفَتَلَتْ بِالْكَأْسِ خِلْتَ بَنَانَها

تُدِيرُ عَلَيْنَا مِنْ جَنَى خَدِّهَا وَرْدَا

وَمَا أَنْسَهُ لا أَنْسَ يَوْماً تَسَابَقَتْ

بِهِ عَبْرَتَاهَا وَالنَّوَى تَصْدَعُ الصَّلْدَا

فَلَمْ أَرَ لَحْظاً كَانَ أَقْتَلَ بَاكِياً

وَأَمْضَى الظُّبَا فِي الْفَتْكِ ما سَالَ إِفْرِنْدَا

حَرَامٌ عَلَى الْعَيْنَيْنِ إِنْ لم تَسِلْ دَمَاً

عَلَى بَيْنِهَا وَالْقَلْب إِنْ لَمْ يَذُبْ وَقْدَا

فَيَا قَلْبُ مَا أَشْجَى إِذَا الدَّارُ بَاعَدَتْ

وَيَا دَمْعُ مَا أَجْرَى وَيَا بَيْنُ مَا أَرْدَى

وَيَا صَاحِبِي الْمَذْخُورَ لِلسِّرِّإِنَّنِي

ضَلَلْتُ فَهَلْ مِنْ وَثْبَةٍ تُكْسِبُ الْحَمْدَا

حَلَفْتُ بِمَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ نِقَابُهَا

وَيَا لَكَ حَلْفاًمَا أَرَقَّ وَمَا أَنْدَى

بِأَلَّا تَفِيئَ الْعَيْنُ عَنْ سُنَّةِ الْبُكَى

وَأَلَّا تَرِيعَ النَّفْسُ إِنْ لَمْ تَمُتْ وَجْدَا

وَكَيْفَ يُفِيقُ الْقَلْبُ مِنْ سَوْرَةِ الْهَوَى

وَقَدْ مَدَّهُ سِحْرُ الْعُيُونِ بِمَا مَدَّا

وَمَا كُنْتُ لَوْلا الْعَذْلُ أُبْدِي خَفِيَّةً

وَلَكِنْ تَوَالِي الْقَدْحِ يَسْتَرعِفُ الزَّندَا

وَمَنْ لِي بِأَنَّ الْقَلْبَ يَكْتُمُ وَجْدَهُ

وَكَيْفَ تُسَامُ النَّارُ أَنْ تَكْتُمَ النَّدَّا

فَلا وَصْلَ إِلَّا ذُكْرَةٌ تَبْعَثُ الأَسَى

عَلَى النَّفْسِ حَتَّى لا تُطِيق لَهُ رَدَّا

أَبِيتُ قَرِيحَ الْجَفْنِ لا أَعْرِفُ الْكَرَى

طَوالَ اللَّيَالِي والْجَوانِحُ لا تَهْدَا

فَيَأَيُّهَا النُّوَّامُوالشَّوْقُ عَازِرٌ

أَلا أَحَدٌ يَشْرِي بِغَفْوَتِهِ السُّهْدَا

لَقَدْ ذَلَّ مَنْ يَبْغِي مِنَ النَّاسِ نَاصِراً

وَقَد خَابَ مَنْ يَجْنِي مِنَ الأَرْقَمِ الشَّهْدَا

فَإِيَّاكَ أَنْ تُخْدَعْ بِشِيمَةِ صَاحِبٍ

فَمَنْ ظَنَّ خَيْرَاً بِالزَمَانِ فَقَدْ أَكْدَى

فَقَدْ طَالَمَا جَرَّبْتُ خِلاً فَمَا رَعَى

وَحِلْفاً فَمَا أَوْفَى وَعَوْنَاً فَمَا أَجْدَى

وَمَا النَّاسُ إِلَّا طَالِبٌ غَيْرُ وَاجِدٍ

لِمَا يَبْتَغِي أَوْ وَاجِدٌ أَخْطَأَ الْقَصْدَا

فَلا تَحْسَبَنَّ النَّاسَ أَبْنَاءَ شِيمَةٍ

فَمَا كُلُّ مَمْدُودِ الْخُطَا بَطَلاً جَعْدَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمود سامي البارودي

avatar

محمود سامي البارودي حساب موثق

مصر

poet-mahmoud-samial-baroudi@

374

قصيدة

8

الاقتباسات

1686

متابعين

محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري. 1255-1322 هـ / 1839-1904 م أول ناهض بالشعر العربي من كبوته، في العصر الحديث، وأحد القادة الشجعان، جركسي الأصل من ...

المزيد عن محمود سامي البارودي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة