الديوان » مصر » محمود سامي البارودي » سرى البرق مصريا فأرقني وحدي

عدد الابيات : 27

طباعة

سَرَى الْبَرْقُ مِصْرِيَّاً فَأَرَّقَنِي وَحْدِي

وَأَذْكَرَنِي ما لَسْتُ أَنْسَاهُ مِنْ عَهْدِ

فَيَا بَرْقُ حَدِّثْنِي وَأَنْتَ مُصَدَّقٌ

عَنِ الآلِ والأَصْحَابِ مَا فَعَلُوا بَعْدِي

وَعَنْ رَوْضَةِ الْمِقْيَاسِ تَجْرِي خِلالَها

جَدَاوِلُ يُسْدِيهَا الْغَمَامُ بِمَا يُسْدِي

إِذَا صَافَحَتْهَا الرِّيْحُ رَهْواً تَجَعَّدَتْ

حَبَائِكُهَا مِثْلَ الْمُقَدَّرَةِ السَّرْدِ

وَإِنْ ضَاحَكَتْهَا الشَّمْسُ رَفَّتْ كَأَنَّهَا

مَنَاصِلُ سُلَّتْ لِلضِّرَابِ مِنَ الْغِمْدِ

نَعِمْتُ بِهَا دَهْراً وَمَا كُلُّ نِعْمَةٍ

حَبَتْكَ بِهَا الأَيَّامُ إِلَّا إِلَى الرَّدِّ

فَوَا أَسَفَا إِذْ لَيْسَ يُجْدِي تَأَسُّفٌ

عَلَى مَا طَواهُ الدَّهْرُ مِنْ عَيْشِنَا الرَّغْدِ

إِذِ الدَّهْرُ سَمْحٌ وَاللَّيالِي سَمِيعَةٌ

وَلَمْيَاءُ لَمْ تُخْلِفْ بِلَيَّانِها وَعْدِي

فَتَاةٌ تُرِيكَ الشَّمْسَ تَحْتَ خِمَارِهَا

إِذَا سَفَرَتْ وَالْغُصْنَ فِي مَعْقِدِ الْبَنْدِ

مِنَ الفَاتِنَاتِ الْغِيدِ لَوْ مَرَّ ظِلُّهَا

عَلَى قَانِتٍ دَبَّتْ بِهِ سَوْرَةُ الْوَجْدِ

فَتَاللهِ أَنْسَى عَهْدَها ما تَرَنَّمَتْ

بَنَاتُ الضُّحَى بَيْنَ الأَرَاكَةِ والرَّنْدِ

حَلَفْتُ بِمَا وَارَى الْخِمَارُ مِنَ الْحَيَا

وَمَا ضَمَّتِ الأَرْدَانُ مِنْ حَسَبٍ عِدِّ

وبِاللُّؤْلُؤِ الْمَنْضُودِ بَيْنَ يَواقِتٍ

هِيَ الشَّهْدُ ظَنَّاً بَلْ أَلَذُّ مِنَ الشَّهْدِ

يَمِيناً لَوِ اسْتَسْقَيْتَ أَرْضاً بِهِ الْحَيَا

لَخَاضَ بِهَا الرُّعْيَانُ فِي كَلإٍ جَعْدِ

لأَنْتِ وَأَيُّ النَّاسِ أَنْتِ حَبِيبَةٌ

إِلَيَّ وَلَوْ عَذَّبْتِ قَلْبِيَ بِالصَّدِّ

إِلَيْكِ سَلَبْتُ الْعَيْنَ طِيبَ مَنَامِهَا

وفِيكِ رَعَيْتُ النَّجْمَ فِي أُفْقِهِ وَحْدِي

وَذَلَّلْتُ هَذِي النَّفْسَ بَعْدَ إِبائِها

وَلَوْلاكِ لَمْ تَسْمَحْ بِحَلٍّ وَلا عَقْدِ

فَحَتَّامَ تَجْزِينِي بِوُدِّيَ جَفْوَةً

أَمَا تَرْهَبِينَ اللهَ فِي حُرْمَةِ الْمَجْدِ

سَلِي عَنِّيَ اللَّيْلَ الطَّوِيلَ فَإِنَّهُ

خَبِيرٌ بِمَا أُخْفِيهِ شَوْقاً وَمَا أُبْدِي

هَلِ اكْتَحَلَتْ عَيْنَايَ إِلَّا بِمَدْمَعٍ

إِذَا ذَكَرَتْكِ النَّفْسُ سَالَ عَلَى خَدِّي

أُصَبِّرُ عَنْكِ النَّفْسَ وَهْيَ أَبِيَّةٌ

وَهَيْهَاتَ صَبْرُ الظَّامِئَاتِ عَنِ الْوِرْدِ

كَأَنِّي أُلاقِي مِنْ هَوَاكِ ابْنَ خِيسَةٍ

أَخَا فَتَكَاتٍ لا يُنَهْنَهُ بِالرَّدِّ

تَنَكَّبَ مُمْسَاهُ وَأَخْطَأَ صَيْدَهُ

فَأَقْعَى عَلَى غَيْظٍ مِنَ الْجُوعِ وَالْكَدِّ

لَهُ نَعَراتٌ بِالْفَلاةِ كَأَنَّها

عَلَى عُدَوَاءِ الدَّارِ جَلْجَلَةُ الرَّعْدِ

يُمَزِّقُ أَسْتَارَ الظَّلامِ بِأَعْيُنٍ

تَطِيرُ شَراراً كَالسُّقَاطِ مِنَ الزَّنْدِ

كَأَنَّهُمَا مَاوِيَّتَانِ أُدِيرَتَا

إِلَى الشَّمْسِ فَانْبَثَّا شُعَاعاً مِنَ الْوَقْدِ

فَهَذَا الَّذِي أَلْقَاهُ مِنْكَ عَلَى النَّوَى

فَرَاخِي وَثَاقِي يَا بْنَةَ القَوْمِ أَوْ شُدِّي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمود سامي البارودي

avatar

محمود سامي البارودي حساب موثق

مصر

poet-mahmoud-samial-baroudi@

374

قصيدة

8

الاقتباسات

1686

متابعين

محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري. 1255-1322 هـ / 1839-1904 م أول ناهض بالشعر العربي من كبوته، في العصر الحديث، وأحد القادة الشجعان، جركسي الأصل من ...

المزيد عن محمود سامي البارودي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة