الديوان » العصر العباسي » الصنوبري » بنفسي نفوس بين زمزم والحجر

عدد الابيات : 38

طباعة

بنفسي نفوس بين زمزم والحجر

تولت فوافاها الردى وهي لا تدري

نفوسٌ مَضَتْ أوْحَى مضيٍّ وغادرتْ

نفوسَ بني الدنيا سَكارى بلا سُكْر

عجبتُ لقلبٍ ما تَصَدَّع حَسْرَةً

ولو كان صخراً أو أَشدَّ من الصخر

سلامٌ على إِخوانِ بِرٍّ مذ انقضت

أُخُوَّتُهُمْ قُلْنَا سلامٌ على البِرِّ

أتَوْا يقطعونَ البدوَ والحضْرَ رغبةً

إلى خيرِ بيتٍ حلَّ في البدو والحَضْر

سَرَوْا وَسَرَتْ أيدي المنايا إِليهمُ

ففازوا لَدُنْ فازوا بأجرٍ على أَجر

رأوا حجَّهُمْ حَجّاً وغزواً فلم تَطِبْ

نفوسُهُم عن كَسْبِ ذُخْرَينِ في ذُخْرِ

بلى وقفوا للضَّرْبِ والطَّعْنِ موقفاً

كأنهمُ فيه وقوفٌ على الجمر

دموعهمُ تجري خشوعاً وخشية

دماءَ غدا من هَوْلها البرُّ كالبحر

فأكْرِمْ بهمْ والموتُ فوقَ رؤوسهمْ

يلوذونَ خَوْفَ الموتِ بالباب والسِّتر

أبى لهمُ إِحرامهمْ لبسَ جُنَّةٍ

فلم يلبسوا شيئاً سوى جُنَّةِ الصَّبرِ

وأَعْجِبْ لهمْ إِذ يُنحرونَ كأنَّهمْ

هديُّهُمُ أيام تُهْدى إلى النَّحر

رفاقٌ أقاموا لا تُشَدُّ لغيرهمْ

رحالٌ ووفدٌ لا يؤوبُ إلى الحشر

غَدَتْ أُزُرُ الإحْرام بيضاً إِليهمُ

فراحوا إلى الأجداثِ في أُزُرٍ حُمْر

وما غُسِلوا بالماءِ بل بدمائهمْ

وما حُنِّطوا إِلا منْ التُّرْبِ لا العطر

فأعْظِمْ به رزءاً ولو كانَ عُشْرَ ما

رُزِئْناه منهمْ من فَراشٍ ومن ذَرِّ

حوى جُلَّهُمْ قبرٌ من الأرض واحدٌ

فيا خيرَ محبُوبِينَ في خيرِ ما قبر

أُلوفٌ من الشبّانِ والشيب ضمَّهُمْ

قَلِيبٌ قريبُالجانبين من القَعْر

فلم أَرَ مَقْبُورِينَ أكثرَ منهمُ

وليس لهمْ قبرٌ يُعَدُّ سوى قَبْر

وما إن هَوَوْا في هُوَّةٍ بل تسابقوا

إلى رَبْوَةٍ خضراءَ بين ربىً خُضْر

إلى جَنَّةٍ زهراءَ تزدادُ زهرةً

بما واجهتْ منهمْ من الأوجِهِ الزُّهْر

أَحُجَّاجَنا ما لي أرى السَّفْرَ آيباً

ولست أراكم آيبينَ معَ السفر

أجاورتمُ البيتَ العتيقَ فحبَّذا

جواركمُ الباقي إلى آخرِ الدهر

جوارُ حجيجٍ لا طوافَ عليهمُ

ولا سَعْيَ في ميقاتِ ليلٍ ولا فجر

وقالوا الأسى مما يُسلِّيك عنهمُ

وأين الأُسى حتى تُسَلِّيَ أو تُغْري

لقد ذُعِروا في حيثُ للطيرِ مأمنٌ

وفي حيثُ لا تَخْشَى الوحوشُ من الذُّعْر

فيا لبَني الإسلامِ كم من سعادةٍ

حَوَوْها بأيدي الأشقياءِ بني الكفر

بأيدي ذوي غدرٍ وغيٍّ كأنني

بأرواحهمْ في قبضةِ الغيِّ والغدر

بهائمُ لم تألفْ سجوداً جباهُهُمْ

ولا ألفوا بَسْطَ الأكفِّ إلى الطُّهر

ولا مرَّ ذكرُ الصَّوْمِ بين بيوتِهِمْ

ولا خاضَ في سمعٍ ولا جالَ في صَدْر

ولا كان حجُّ البيتِ مما تسربلوا

إليه أهاويلَ المهامهِ والقفر

بلى إن حججناه غَزَوْهُ فويلهم

لقد حُمِّلوا وزراً ثقيلاً من الوزرِ

رأوا ما رأوا من نهبهِ مغنماً لهم

وما هو إلا مَغْرَمٌ ليبس بالنزر

وظنُّوا الذي فازوا به أَنّهُ الغنى

وواللهِ ما فازوا بشيءٍ سوى الفقر

فيا ربِّ لا تُمْهِلْ عدوِّك وارْمِهِ

بقاصمةِ الأعناقِ قاصمةِ الظَّهر

ويا ربِّ خُذْ منهمْ لدينك ثأرَهُ

فقد وَتَروهُ مستهينين بالوِتر

إلهي أَعِدْ أيامَ عادٍ عليهمُ

ويوماً كيومَيْ أهلِ مدينَ والحِجْر

وأيِّد أميرَ المؤمنينَ وسيفَهُ

بنصرٍ كما عوَّدتَ يا خالقَ النصر

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الصنوبري

avatar

الصنوبري حساب موثق

العصر العباسي

poet-alsanubri@

693

قصيدة

1

الاقتباسات

109

متابعين

أحمد بن محمد بن الحسن بن مرار الضبي الحلبي الأنطاكي، أبو بكر، المعروف بالصنوبري. شاعر اقتصر أكثر شعره على وصف الرياض والأزهار. وكان ممن يحضر مجالس سيف الدولة. تنقل بين ...

المزيد عن الصنوبري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة