الديوان » العصر العباسي » الصنوبري » هاجت هواك منازل وديار

عدد الابيات : 39

طباعة

هاجتْ هواكَ منازلٌ وديارُ

دَرَسَتْ معالمهنَّ فهي قِفَارُ

ولقد يكونُ ولي بهنَّ مآلفٌ

إذ هندُ هندُ وإذ نَوارُ نَوار

لا غَرْو أن تبكي لرسمِ مَنازلٍ

ما في البكاءِ على المنازلِ عار

رَبْعٌ نأى عنه الأَنيسُ فما به

إِلاَّ وحوشٌ رُتَّعٌ وَصِوارُ

واستضحكتْ فرحاً به الأَطيار

غنَّى الحمامُ تطرُّباً فكأَنَّما

دارتْ عليهنَّ الغداةَ عُقار

وأُعيرَ وَجْهُ الأرضِ من أنوارها

ما لم يكنْ من قبلِ ذاك يُعَار

وتأزرتْ تلك الرُّبى بمطارِفٍ

خُضْرٍ وأبدتْ حُسْنَها الأسحار

نَوْرٌ أنارَ على رُباها فاغتدتْ

وعلى الرُّبى من نَوْرِه أنوارُ

وردٌ وخيريٌّ يَلُوحُ ونرجِسٌ

وبنفسجٌ وشَقائقٌ وَبَهار

أبدتْ بطونُ رياضِهِ بأدِلَّةٍ

العيونُ تغار

فكأَنَّ أخضره المريعَ زُمُرُّدٌ

وكأَنّ أصفرَهُ البديعَ نُضار

نشر الخزامى الغضُّ طيَّبَ نَشْرِهِ

فأَضاءَ حوذانٌ ولاح عَرار

يا صاحبيَّ ذرا الملامَ وأقْصِرا

عنِّي فما حَسَنٌ به الإقصار

لا عُذْر لي إِنْ لم أُقم أَوَدَ الصِّبا

ما لم يَشِبْ لي مَفْرِقٌ وَعِذار

وَمُهَفْهَفٍ يجري الوشاحُ بخصرِهِ

ويضيقُ عنه دُمْلُجٌ وَسِوار

نازعتُهُ حمراءَ يحسبُ أنها

برقٌ تأَلَّقَ ضوؤُهُ أو نارُ

عُمْرِيَّةٌ ما أن تَقَضَّى عُمْرُهُا

حتى تَقَضَّتْ دونه الأعمار

في قَعْرِ دَنٍّ لم تزل في قَعْرِهِ

حتى تزايلَ طينُهُ والقار

فعليه من نسجِ العناكبِ حُلَّةٌ

منسوجةٌ ومن الغبارِ إِزار

وإِلى أبي عبد الإله عَدَتْ بنا

نُجُبٌ تَقَسَّمُ نُحْضَها الأسفار

إن المطَهَّرَ جعفرَ بنَ محمدٍ

بَرُّ يفوزُ بحبِّهِ الأبرارُ

سمحُ السجيةِ باسطٌ لِعُفَاتِهِ

وَجْهاً عليه مهابةٌ ووقار

نجمٌ تفَرَّقَ عن سناهُ أنجمٌ

بحرٌ تَشعَّبَ من نداهُ بحار

قرمٌ رأى بَذْلَ المكارمِ هيّناً

فكبارُها أبداً لديه صغار

أنت المقدَّمُ والمعظَّمُ والذي

بِيدَيْهِ حَلَّ النَّقْضُ والإمرار

ما حلَّ مصراً قطُّ مثلُكَ آخرُ

فلذاك تحسدُ مصرَك الأمصار

روضُ الأماني من نوالك مُعْشِبٌ

وسماءُ جودِكَ بالنَّدى مِدْرار

وَطِوالٌ أيامِ الزمانِ على الورى

مما بَلَوْا من ظِلِّهنَّ قِصار

خَشَعَتْ لهيبتك القلوبُ وأطرقت

خوفاً وإِجلالاً لك الأَبصارُ

لولا أحاديثٌ مَضَتْ لملوككمْ

في الناسِ لم تكُ تُعْرَفُ الأسمار

ولكمْ مناقبُ لا مناقبَ مثلُها

جاءتْ بها الأَخبار والآثار

ما إِنْ يُقَاسُ بجودكم جودٌ ولا

بفخاركم أبداً يُقَاسُ فخار

إني لأَضْمِرُ من ودادِكَ في الحشا

أضعافَ ما قد بَثَّهُ الإظهار

كنْ أنتَ نعمَ الجارَ يا ابنَ محمدٍ

إذ كان هذا الدهرُ بئسَ الجار

كلُّ الورى بجميلِ شُكْركَ ناطقٌ

حتى لكادتْ تنطقُ الأحجار

وكأَنما الدنيا بقربِكَ جَنَّةٌ

والليلُ منها للأنامِ نهار

فلئن كفرنا نَعمةً أنعمتها

يوماً علينا إِننا كُفَّار

أصبحتَ ما لكَ من هوىً غير العلى

والناسُ في أهوائهمْ أوطار

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الصنوبري

avatar

الصنوبري حساب موثق

العصر العباسي

poet-alsanubri@

693

قصيدة

1

الاقتباسات

110

متابعين

أحمد بن محمد بن الحسن بن مرار الضبي الحلبي الأنطاكي، أبو بكر، المعروف بالصنوبري. شاعر اقتصر أكثر شعره على وصف الرياض والأزهار. وكان ممن يحضر مجالس سيف الدولة. تنقل بين ...

المزيد عن الصنوبري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة