الديوان » العصر العباسي » ابن الزيات » قف بالمنازل والربع الذي دثرا

عدد الابيات : 58

طباعة

قِف بِالمَنازِلِ وَالرَّبعِ الَّذي دَثَرا

فَسَقِّها الماءَ من عَينَيكَ وَالمَطَرا

بَل ما بُكاؤُكَ في دارٍ تَضَمَّنَها

ريبُ الزَّمانِ فَأَجلى أَهلها زُمَرا

بلى وَجَدتُ البكا يَشفي إِذا طَرَقَت

طَوارِقُ الهَمِّ إِن سَحا وَإِن دَرَرا

ما أَحسَنَ الصَّبرَ لَو كانَ المُحِبُّ إِذا

حَلَّت بِهِ نَوبَةٌ مِن دَهرِهِ صَبَرا

كَيفَ العَزاءُ وَلَم يَترُك لَهُ كَبداً

يَومُ الفراقِ وَلَم يَترُك لَهُ بَصَرا

ما زالَ يُشعِلُ ناراً في جَوانِحه

وَيُجشِمُ المُقلَتَينِ الدَّمعَ وَالسَّهَرا

يا دارُ دار الأُلى وَلَّت حُمولَهُمُ

لَو شِئتِ خَبَّرتِنا عَن أَهلِكِ الخَبَرا

أَينَ الَّذينَ عَهِدنا لا نَحِسُّهُمُ

وَلا نَرى مِنهُمُ عَيناً وَلا أَثَرا

قاظوا رَبيعَهُم في خِصبِ بادِيَة

حَتّى إِذا القيظُ وَلي آثَروا الحَضَرا

فَقَرَّبوا كُلَّ شِملالِ مَخيسَة

قَد شَذَّبَ النَيُّ عَن أَصلابِها الوَبَرا

وَكُلُّ قَرمٍ إِذا الحادي أَرَنَّ بِهِ

سارَ العِرَضنَةَ بَعدَ الأَينِ أَو خَطَرا

يا حادِيَ العيسِ لا تَربَع فَإِنَّ لَنا

بِها لِحاقاً قُبَيلَ الصُّبحِ أَو سَحَرا

أَمّم بِلادَكَ إِنَّا قاصِدونَ لَها

وَلَو نَزَلتَ بِبَطنِ السِّيفِ مِن هجَرا

تَقولُ وَالبينُ قَد شُدَّت رَكايِبُهُ

مَن شاءَ هذا لبينٍ أَو بِهِ أَمرَا

أَحفَظ مَغيبي فَإِنّي غَيرُ غادِرَةٍ

أَما حَفِظتَ وَلا حُسنى لِمَن غَدَرا

فَقُلتُ وَالعَينُ قَد جادَت مَساربُها

يَكادُ يَمنَعُ مِنها دَمعُها النَّظَرا

أَنتِ الَّتي سَمتني سلم العُداة وَقَد

يُسالِمُ المَرءُ أَعداءً وَإِن وُترا

لَولاكِ لَم تَسر الوَجناء في بَلَدٍ

لَم أَلقَ فيهِ إِذا اِستَنصَرتُ مُنتَصِرا

بِلا دَليلٍ وَلا عُقَدٍ يُشَكُّ لَها

إِلَّا تَعسُّفها وَالصَّارِمَ الذَّكرا

يا ناصِرَ الدينِ إِذ رَثَّت حَبائِلُهُ

لَأَنتَ أَكرَمُ مَن آوى وَمَن نَصَرا

أَعطاكَ رَبُّكَ مِن أَفضالِ نِعمَتِهِ

رِياسَتَينِ وَلَم تَظلم بِها بَشَرا

لَو كانَ خَلقٌ يَنالُ النَّجمَ مِن كَرَم

إِذَن لَنالَت يَداكَ الشَّمسَ وَالقَمَرا

إِنِّي شَعرتُ فَلَم أَمدَح سِواكَ وَلَم

أعمِل إِلى غَيرِكَ الإِدلاجَ وَالبكرا

ما كانَ ذلِكَ إِلَّا أَنَّني رَجُلٌ

لا أَقرَبُ الوِردَ حَتّى أَعرِفُ الصَّدرا

إِنِّي مَتى أَظمَ لا أَجهَر بِراحِلَتي

سَدمَ المِياه وَلا أَطرق بِها الكَدرا

إِلا مَوارِدَ لا يَلقى الغَريبُ بِها

مِن دونِها ذا يَدٍ يُهدي لَهُ الحَجَرا

إِئتِ المِياهَ الَّتي تَسقي إِذا طُرِقَت

عَذباً وَتَستُر من ذي الفاقَة العَوَرا

لَم أَمتَدِحكَ رَجاءَ المالِ أَطلُبُهُ

لكِن لِتُلبِسَني التَّحجيل وَالغُرَرا

إِلَيكَ أَعمَلتُها تَدمي مَناسِمُها

مِن مَسحِها المَروَ وَالكَدّانِ وَالبَهَرا

لَم يُبقِ من نيها عَضُّ النُّسوعِ بِها

أَلا تَعَسُّفُها وَالنَّاظِرُ الحَذِرا

تَخدي عَلى ثَفِنات يَرتَمينَ بِها

إِذا المَطِيُّ وَنى لَم تَعرِف الخَوَرا

لأياً أُنيخَت قَليلاً ثُمَّ أزعَجَها

حادٍ إِذا ما وَنى أَمثالُهُ اِنشَمَرا

في مَهمَهٍ لا تَرى عَينُ البَصيرِ بِهِ

إِلَّا حَواسرَ صَرعى غودِرَت جَزرا

يَعُضُّ مِن هَولِهِ الحادي بِإِصبَعِهِ

وَيَجعَل الماءَ دونَ الزَّادِ مُدخَرا

حَتَّى أنيخَت بِأَعلى النَّاسِ مَنزِلَةً

عِندَ الإِمامِ وَأَعفاهُم إِذا قَدِرا

هُوَ الَّذي فُقِئت عَينُ الضَّلالِ بِهِ

لَمّا تَفاقَمَ أَمرُ النَّاسِ وَاِنتَشَروا

ما زالَ يُلحِقُها ضرماً مُضرمَةً

في حَومَةِ المَوتِ حَتّى اِستَنتَجَ الطهَرا

قادَ الأَعادي كُرهاً خاضِعينَ لَهُ

حَتّى أَمَرَّ عَلى ما ساءَهُ المِرَرا

أَبدى مُحاربَةً ثُمَّ اِنبَرى لَهُمُ

بِالمَكرِ أَنَّ اِبنَ أم الحَربِ مَن مَكَرا

ساقَ الكَتائِبَ مِن مَرو فَأوردها

بطن السَّوادِ يَجُرُّ الشَّوك وَالشَّجَرا

حَتَّى أَحَلَّت بِدارِ الملكِ داهِيَةً

شابَ اِبنُ عِشرينَ مِنها وَاِشتَكى الكِبَرا

وَاِبتَزَّتِ النَّاكِثَ المَخلوعَ بزَّته

وَأَوطَأتهُ بِساطَ الذُلِّ مُقتَسِرا

وَفَرَّقت بَينَ ذي زَوجٍ وَزَوجَتِهِ

وَأَنسَت أُمّاً طُفَيلَيها وَإِن صَغُرا

مِن كُلِّ سابِحَةٍ أَو سابِحٍ عِندَ

نَهد مراكله مِن بَعدِ ما ضَمَرا

يَظَلُّ مِن وَقعِ أَطرافِ الرِّماحِ بِها

كَأَنَّ فيها إِذا اِستَعرَضَتها زَوَرا

لا يَتَّقي الطَّعن إِلا أَن يَصدَّكُما

صَدَّت كَريمَةُ قَومٍ أُسمِعَت هجرا

قُبٌّ خِفافُ العُجى تَبلى فَوارِسها

قَد صَيَّرَ الطَّعنُ في لَبَّاتِها وَقَرا

بِكُلِّ أَروَعَ خَطَّارِ بَشكَتِهِ

في كَفِّهِ صارِم يُفرى بِهِ القَصَرا

لا يَطعَنونَ إِذا جالَت خُيولُهُم

إِلا الحَوافِرَ وَاللَّبات وَالثُّغَرا

كَم قَد تَداركتنا مِن قعر مُظلِمَةٍ

وَكَم جَبَرتَ كَسيرَ العَظمِ فَاِنجَبَرا

وَكَم سَنَنتَ لَنا في الخَيرِ مِن سُنَنٍ

أَمثالُها ما عَلِمنا تُنبِتُ الشَّعَرا

أَنتَ المُدَبِّرُ لَولا ما تَداركنا

مِن يُمنِ رَأيِكَ كُنَّا لِلرَّدى جزرا

لَم يَشكُر الفَضل كُنه الشُّكر إِنَّ لَهُ

فَضلاً يُضاعِفُ أَضعافاً إِذا شَكَرا

لا يَجمَعُ المالَ إِلَّا رَيث يُتلِفُهُ

وَلا يُزَهِّدُهُ في العُرفِ مَن كَفَرا

لا يَقطَعُ الأَمرَ إِلا من مَفاصِله

سِيانِ ما غابَ مِنهُ عَنهُ أَو حَضَرا

كُنا نَقولُ أَلا يا لَيتَ باقينا

وَالحَيُّ مِنَّا كَمِثلِ المَيتِ إِذ قُبِرا

فَالأَرضُ بِالذر مِن طيبِ الزَّمانِ لَنا

تَقولُ يالَيتَ أَنَّ المَيتَ قَد نُشِرا

يا لَيتَ أَنَّا نَقيهِ السوءَ أَنفُسَنا

بَل لَيتَ أَعمارَنا كانَت لَهُ عُمُرا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن الزيات

avatar

ابن الزيات حساب موثق

العصر العباسي

poet-ibn-alzayyat@

174

قصيدة

2

الاقتباسات

141

متابعين

محمد بن عبد الملك بن أبان بن حمزة، أبو جعفر، المعروف بابن الزيات. وزير العتصم والواثق العباسيين، وعالم باللغة والأدب، من بلغاء الكتاب والشعراء. نشأ في بيت تجارة في الدسكرة ...

المزيد عن ابن الزيات

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة