عدد الابيات : 48

طباعة

لا تلُمْ أمسَك فيما صَنَعا

أمسِ قد فاتَ، ولن يُستَرجَعا

أمسِ قد ماتَ .. ولن يبعثَه

حملُك الهمَّ له .. والهَلعَا

هَدراً ضيَّعتَه مثل دمِ ال

ملك " الأبرَشِ " لما ضُيِّعا

لم تُمطِّرْه فلا تَسأَلْ به

أشبَاباً، أم سَحاباً أقلعا

واطَّرِحْه واستَرِحْ من ثِقْلِه

لا تُضِع أَمْسَك واليومَ معا

آهِ كم جرَّرتَها عن كَبِدٍ

من وَقيدِ الآهِ سالتْ قِطَعا

آه يا شَرخَ الصِبا لو طَلَلٌ

سَمِعَ النجوى، ولو مَيْتٌ وَعَى

ما أذلَ العُمرَ مَمحوقَ السَّنا

يشتكي منه المغيبُ المطلَعَا

فهو ما ارتحتَ له حتى امّحى

" وهو ما سلَّمَ حتى ودَّعَا "

وأخسَّ المرءَ يشكو يومَه

فإذا ولَّى بكاه جَزَعا

عاطشاً يمضي ولمّا يغتَرِفْ

من أفاويق الصِبا ما رَضَعا

تنحِتُ الآلامُ من أطرافِه

يأكلُ الموضعُ منه الموضِعا

يا بقايا ذكرياتٍ كلَّما

جُسَّ عودٌ من صَداها رَجَّعا

أجمَعُ المُرَّ  إلى المُرِّ بها

وأُسَقّاها سَموماً جُرَعا

تَرْتَعي في النَومِ مني حَمَلاً

وادِعاً يَرقُبُ منها السَبُعا

حَدِّثي ما شِئتِ عن أُبدوعةٍ

ولقد يأتي الزمانُ البِدَعا

عن فتىً أخصَبَ في شَتْوتِه

لاعِناً فيها الربيع البَلْقَعا

عاشَ في العشرينَ شيخاً ورَعَى

بعد سِتّينَ شَباباً ممرِعا

ورأى من ذي وهذي عِبرةً

ولكم ضُرَّ الفتى كي يُنْفعا

قِفْ على " براها " وجُبْ أرباضَها

وسَلِ المُصطافَ والمرْتَبَعا

أعلى الحُسنِ ازدهاء وَقَعَت

أم عليها الحسنُ زهواً وَقَعا

واستَعِرْ منها عيوناً جمَّةً

وتملَّ الناسَ والمُجتمَعا

وسلِ الخَلاّقَ هل في وُسعِه

فوقَ ما أبدَعَه أن يُبدِعا

قُلتُ مما أفرَطَ الحسنُ بها

بئْستِ الدُنيا لنا مُنتجَعا

يحسُدُ المُقعَدُ من جُوع بها

مُتْخَماً أُقعِدَ ممّا شَبِعا

يا لَصيفٍ مُمتِعٍ لو لم يكُنْ

غيرُه كانَ الفصولَ الأربعا

ممطرٍ آناً .. ورَيّانَ الضُحَى

مُزهرٍ آناً .. وذاوٍ سَرِعا

حُلُمُ العذراءِ في يَقظتِها

ويُناغي حينَ تَغفو المَخْدَعا

تشتَهي ما ظلَّ أن لا يَنْقَضي

فإذا وَدَّعَها أن يرجِعا

مَرَّتِ الأسرابُ تَترى .. مَقْطَعٌ

من نشيد الصيفِ يتلو المَقْطَعا

وتَفَتَّحْنَ على رَأْدِ الضُحى

حُلُماً أَشْهَى، وصَحْواً أمْتَعا

وتَقاسَمْنَ الصِبا مَيْعتَه

وشَذاهُ، والهَوَى، والمُتَعا

وتَخَفَّفْنَ فما زِدْنَ على

ما ارتدَتْ " حَوّاءُ " إلاّ إصبَعا

رَحْمَتا " لابنِ زُرَيقٍ " لو رَأَى

فَلَكَ الأزرارِ ماذا أَطلَعا

كُلُّ مَضمومٍ إلى صاحِبِه

مُشْرَئِبِّينْ إلى النُور مَعا

ما أَرقَّ الزَّهرَ في سِيقانه

وعلى لَبّاتِها ما أروَعا

يا بديلَ الخُلْدِ لولا أَنّها

كانتِ المَرأَى، وكان المَسمَعا

لا تَخطَّاكِ الحَيَا من مُمْرعٍ

صابَه . . أو لم يَصُبه أَمْرَعا

وتناغَتْ بكِ أوتارُ الصِبا

ما شدا شادٍ، وما داعٍ دَعَا

فلقد رُضتِ جِماحاتِ الهَوَى

فتَحوَّلْنَ الرَضِيَّ الطَيِّعا

كَفَيتِ النفسَ مما غذِيَتْ

مَطمَحاً لم تَغْذَه، أو مَطْمَعا

لا أُحابيكِ فبي حَزُّ المُدى

من عَقابيلَ أبتْ أنْ تُنْزَعا

وأحاسيسَ يُبقِّي عَضَّةً

مَدرَجُ النَمل بها أنّى سعَى

ومُضِبٍّ في رُؤىً لا تَخْتَفي

فأُواريها، ولا أَنْ تَسْطَعا

أُسدِل السِترُ على واحدةٍ

فتَعَرَّى ما سِواها أجمَعا

تَتَساقَى مُصبِحاتٍ من دمي

وتُماسي فتُقِضُّ المضجَعا

غنيةٌ أنْ قد تَلَمَّسْتُ المَدَى

من مَداها .. ورَقَيتُ الأَوجعا

كُلَّما أفزَعَني من وَحْشِها

طارقٌ .. ألفَيتُ فيك المَفْزَعا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد مهدي الجواهري

avatar

محمد مهدي الجواهري حساب موثق

العراق

poet-jawahiri@

216

قصيدة

2

الاقتباسات

1954

متابعين

محمد مهدي الجواهري (26 يوليو 1903 – 27 يوليو 1997): شاعر عربي عراقي، يعتبر من بين أهم شعراء العرب في العصر الحديث. تميزت قصائده بالتزام عمود الشعر التقليدي، على جمال ...

المزيد عن محمد مهدي الجواهري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة