الديوان » مصر » حسن الحضري » هو النور من النور جاء

عدد الابيات : 43

طباعة

عَدَتْ طارقاتُ الهمِّ والليلُ مقبلُ

فَلِلْقَلْبِ منها آهةٌ وتأمُّلُ

وأطلالُ رسمٍ تبعثُ الذِّكْرَ بعدما

توهَّمْتُ أنَّ الذِّكْرَ إذْ ذاك مُعضلُ

فماذا تُرَجِّي مِن رسومٍ تقلَّبتْ

بها حادثاتُ الدَّهرِ مِن حيثُ تَذْهَلُ

وهلْ يتردَّى في الصبابةِ عاقلٌ

وهلْ يَتْبَعُ الأشجانَ إلا مضلَّلُ

فَدَعْ عنكَ هذا إنما الأمرُ منقضٍ

بما قدَّر الرَّحمنُ لو كنتَ تعقلُ

وشُدَّ إلى خيرِ البريَّةِ مَدْحَه

ومَن ذا يوفِّي حقَّه ويكمِّلُ

وقد بَسَطَ المُدَّاحُ فيضَ عطائهم

فما بلَغوا إلا يسيرًا يقلَّلُ

فماذا يقولُ المادحون وقد مضـى

بِذكرِكَ قرآنٌ مِن اللهِ مُنْزَلُ

وذِكْرُكَ مقرونٌ لدَى العرشِ باسمِه

فأيُّ مقامٍ بعدَ ذلك أفضلُ؟!

هو النُّورُ مَن بِالنُّورِ جاءَ فأشرقتْ

له ظلماتُ الأرضِ مِن حيث يُقبلُ

هو الخاتَمُ المبعوثُ للنَّاسِ رحمةً

يُظِلُّ بها الرحمنُ قومًا ويشملُ

سراجٌ منيرٌ للبريَّة كلِّها

به يهتدي مَن كان عن ذاك يَسألُ

ألستَ ترى طيرَ السماءِ تراقصتْ

له فرحًا تشدو له ثُمَّ ترقلُ

وخرَّتْ عوادِي الجنِّ ثُمَّتَ أيقنتْ

بأنَّ استراقَ السمعِ بابٌ مقفَّلُ

وأشرقَتِ الأنوارُ في كلِّ بقعةٍ

تُرَتِّلُ مِن آياتها ما تُرَتِّلُ

وتهتِفُ باسمِ اللهِ ذي العرشِ ربِّها

لها في دعاءِ الليلِ منها تبتُّلُ

وهشَّتْ له هَذِي السماءُ فأمطرتْ

سحائِبَ نُورٍ بالرخاءِ تُهَلِّلُ

ولو سألوا عن شاتِها أمَّ معبدٍ

لَلَاحَ لهم مِن بعدُ آيٌ مفصَّلُ

لقد كان يومُ الجذعِ للناسِ آيةً

لِمَنْ هو في أرجائها يتأملُ

وسبَّح للرحمنِ في يَدِكَ الحصَـى

وأصغَتْ إليكَ الجِنُّ مِن حيثُ تُقْبِلُ

أمينٌ على شرعِ الإلهِ وعدلِه

صدوقٌ فما تُخفي ولا تتبدَّلُ

أتيتَهُمُ بالمكرُماتِ مُتَمِّمًا

وما عافَها إلا سفيهٌ مختَّلُ

حَدَوْتَ بهم خيرَ الطريقِ فمَن عصَـى

فكلٌّ له قلبٌ به يتعقَّلُ

أتيتَهُمُ بالحقِّ، والحقُّ واضحٌ

وقلتَ لهم إنِّي مِن اللهِ مرسَلُ

بسطتَ لهم حبلَ المودَّةِ علَّه

يَؤُوبُ إلى الحسنَى غويٌّ مضلَّلُ

سَنَنْتَ لهم هَدْيَ الصِّـراطِ ليسلُكوا

وقد خابَ مَن عن هَديِه يتحولُ

وقابلتَهم بالعفوِ فضلًا ومنَّةً

لِمَنْ كان مِن بعدِ الضلالةِ يعقلُ

فإنْ يجحَدُوا فاللهُ ربُّكَ عالمٌ

بأفئدةٍ ما إنْ لها بعدُ موئلُ

تَلِينُ لهم في القولِ حِلْمًا وتتَّقي

عداوةَ كلٍّ بالَّتي هي أمثَلُ

فإنْ يزعُمُوا أنْ قَدْ غَضِبْتَ لحاجةٍ

بنفسِكَ فلْينطِقْ بها المتقَوِّلُ

دعوتَ إلى الدِّينِ القَوِيمِ بحكمةٍ

وآياتِ صدقٍ ليس فيها تبذُّلُ

دعوتَ فما أبقيتَ قولًا لقائلٍ

وربُّكَ يهدِي مَن يشاءُ ويُضْلِلُ

وأعمَلْتَ شُورَى الرأيِ مِن حيثُ أدرَكوا

بأنَّ سديدَ الرأيِ ما هو يُقْبَلُ

فلا أنتَ بالْفَظِّ الغليظِ ولا الَّذي

يهمُّ إلى سُوءِ الخصالِ فيفعَلُ

وما يُطْمِعُ الأدنينَ منكَ تعصُّبٌ

ولا يُقْنِطُ القاصينَ حقدٌ يكبِّلُ

أذلِكَ سِحْرٌ أمْ جنونٌ كما ادَّعَوا

فسبحانَ رَبِّ العرشِ عما تَقَوَّلُوا

فقَدْ ضلَّ قَبْلًا أكثَرُ الناسِ وامتطَوْا

ركائِبَ غيٍّ دُونَها الحتفُ أعجَلُ

وقد كانتِ الآياتُ تُتلى عليهمُ

وما يهتدِي إلا فؤادٌ مذلَّلُ

هَدَمْتَ صُرُوحَ الـشِّركِ تَرْفَعُ قَدْرَهُمْ

وفي الناسِ مَن يعلُو ومَن يتسفَّلُ

وجمَّعتَ شَمْلَ العالمينَ بِرايةٍ

هي الحقّ يعلُو والضَّغائنُ أسفَلُ

ولو شئتَ مُلْكَ الأرضِ جاءتْ مطيعةً

وشُكْرُكَ للرَّحمنِ عن ذاك يَشغَلُ

سَلُوا نُطَفَ الأصلابِ تُخْبِرْ بفضلِهِ

ومَن ذا الذي مِن بعدِ ذلك يجهلُ

فقُوموا لربِّ العالمين وأخبِتُوا

فواللهِ قدْ لاحَ السَّبيلُ المفضَّلُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن حسن الحضري

avatar

حسن الحضري حساب موثق

مصر

poet-hassan-alhadary@

55

قصيدة

202

متابعين

حسن عبد الفتاح خلف حسين الحضري، وُلِد في مدينة سمالوط بمحافظة المنيا في مصر يوم التاسع والعشرين من أكتوبر سنة ألف وتسعمائة وخمسٍ وسبعين (1975)، وحصل على ليسانس الآداب/ شعبة ...

المزيد عن حسن الحضري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة