الديوان » العصر الأندلسي » ابن فركون » هنيئا فقد وافت إليك البشائر

عدد الابيات : 59

طباعة

هنيئاً فقدْ وافَتْ إلَيْكَ البشائِرُ

وعزّتْ لأنصارِ النّبيّ عشائِرُ

علَتْ بكَ للدّين الحَنيفِ وأهْلِهِ

مراقِبُ في أفْقِ العُلَى ومظاهِرُ

لكَ الطّلْعَةُ الغرّاءُ والشّيمةُ التي

بها المُلْكُ زاهٍ رائِقُ الوصْفِ زاهِرُ

فجودُكَ عنْ صوْبِ الغَمامةِ واكِفٌ

ووجْهُك عن نور الهِدايةِ سافِرُ

ترومُ مُلوكُ الأرضِ شأوَكَ في العُلى

وكُلٌّ عن القصدِ المؤَمّل قاصِرُ

لئنْ عظُمَتْ أقدارُها في العُلى فما

توازيكَ في العَلْياءِ لكن توازِرُ

ولمّا رأيْتَ الغرْبَ قد فُلّ غرْبُهُ

وأقْفَرَ من رَبْعِ الخِلافَةِ عامِرُ

وقامَ وليُّ الكافِرينَ بعِبْئِها

فكَمْ مُسْلِمٍ قد ذلّ واعتزّ كافِرُ

تَدارَكتَها بابْنِ الخلائِفِ منْعِماً

وسَيْبُكَ مبذولٌ وسيفُكَ قاهِرُ

وما هِيَ إلا غادةٌ طالَما دعَتْ

إماماً لهُ حِلمٌ عن البغي زاجِرُ

ثَناهُ وفاءُ العهْدِ عنْها فلمْ يزَلْ

يرُدُّ يَداً عنْ ثوْبِها وهْوَ قادِرُ

إلى أنْ شكَتْ ما نالَها وتظلّمَتْ

لديْكَ وقَدْ دارَتْ عليْها الدوائِرُ

فأوْلَيْتَ من نُعْماكَ ما قدْ تسَحّبَتْ

على ظَمإٍ فيه السّحابُ المواطِرُ

وجهّزْتَ للنّصْرِ العزيز كتائِباً

تُسارِعُ نحْو المُلْتَقى وتُبادِرُ

يطولُ سُجودُ المعْتَدينَ لها ولا

مَحارِبَ إلا ما أرَتْها الحوافِرُ

وللهِ كمْ رامٍ لديْها نِصالُهُ

كواكِبُ أفْقٍ والقتامُ دَياجِرُ

سهامُ قِسيٍّ كالأهِلّةِ ترْتَمي

لرَجْمِ العِدى منْها نجومٌ زواهِرُ

وأرْسَلْتَ في البحْرِ الأساطيلَ نُزّعاً

تُراوِحُ أقْطارَ العِدَى وتُباكِرُ

يُراوِغُ بعضٌ بعضَها مُتلاعِباً

كما لعِبَتْ وسْطَ الفلاةِ جآذِرُ

وقد جلّلوها بالسّوادِ كأنّما

مجادِفُها هُدْبٌ وهُنّ نواظِرُ

ويَطْفو حَبابُ الماء في جنَباتِها

كما فُتحَتْ وسْطَ الرّياضِ الأزاهِرُ

فَللهِ منها مُنشآتٌ إذا رسَتْ

لها فَلكٌ بالسّعدِ واليُمْنِ دائِرُ

وإنْ هيَ سارَتْ فهْيَ وقْفٌ على الهُدى

تدافِعُ عن أحزابِهِ وتُصادِرُ

طِوالٌ على المبْنَى الرّفيعِ قَصرتَها

فكانتْ كغيدٍ قد حَوتها المَقاصِرُ

إلى أنْ دعا داعِي العزائم بعْدَ ما

تعيّنَ مشْروعٌ وبانَتْ معاذِرُ

جلوْتَ لأهْلِ الأرضِ منها عَجائِباً

لها مثلٌ في الغرْبِ والشرقِ سائرُ

وقد حمَلَتْ من كلّ أرْوَعَ باسِلٍ

نمَتْهُ إلى العَلْياءِ صِيدٌ أكابِرُ

دَريٌّ بغاراتِ الحُروبِ مُثاقِفٌ

عَليمٌ بأسْرارِ الخِلافةِ ماهِرُ

يقوم بأعْباءِ السُّرى وهْوَ قاعِدٌ

يُقيمُ صَغا الهَيْجاءِ وهْوَ مُسافِرُ

يغادِي العِدَى في مُلْتَقى الحرْبِ بالتي

إذا دهِمَتْ ما مِنْهُمُ مَن تُغادِرُ

ألَمْ يعْلَموا أنّ الخليفةَ يوسُفاً

مَناقِبُهُ شُهْبَ السّماءِ تُكاثِرُ

ألَمْ يَعْلَموا أنّ ابْنَ نصْرٍ حُسامُهُ

عن الرّوعِ لا وانٍ ولا مُتقاصِرُ

إذا حارَبَ ارْتاعَتْ لِذابِلِهِ العِدَى

وإنْ سالَمَ ارْتاحَتْ إليْهِ المَنابِرُ

لناصرِ دينِ اللهِ عزَّ جَنابُهُ

تُخَلّدُ آثارٌ وتُتْلَى مآثِرُ

على الفوْزِ بالحُسْنى مُعينٌ ومُنْجِدٌ

وللدّينِ والدّنْيا وليٌّ وناصِرُ

ألا إنَّ ملك الغرب لم يُلْفَ بعدَها

بِشاكٍ ولكِن للصّنيعَةِ شاكِرُ

بعزّك قد أضحى السّعيدُ ممَلَّكاً

لهُ النّصْرُ خِدْنٌ والنّجاحُ موازِرُ

وكانت نفوس الخلق ترْتاحُ نحْوَهُ

وللشّوْقِ ناهٍ في القلوبِ وآمِرُ

ونادتْ مرينٌ في أقاصِي بِلادِها

ألا سارِعوا نحْوَ المَعالي وبادِروا

ألا إنها أسرارُ غَيْبٍ تحجّبَتْ

تُقَصِّرُ عنْ إدْراكِهِنَّ الضّمائِرُ

أبى الله إلا أن يكُفَّ العِدَى وهلْ

يُغادَرُ في المُلْكِ المُهنّأِ غادِرُ

وما الغدر إلا خُطّةٌ ذَلّ رَبُّها

كَفى بأمينِ المُلْكِ أنْ عزّ طاهِرُ

وإنّ وليَّ الغدر في كلِّ حالَةٍ

عن الرُشْدِ ساهٍ أو منَ الرّوْعِ ساهِرُ

هو الدهر أبدى ذلَّهُ بعْدَ عِزِّه

وأظْهَرَ ما أخْفَتْهُ منهُ السّرائِرُ

وأوْرد آراء النجاح بزَعْمِهِ

موارِدَها لو أمْكَنتْهُ المَصادِرُ

وهلْ تنفعُ الأبصارُ إن لمْ يَبنْ لها

منَ الرّشدِ ما تُهْدي إلَيْها البصائِرُ

وهلْ دان بالتوحيد مَنْ كان دائِماً

يُوالِي مُوالي شِرْكِه ويُظاهِرُ

فهُنّئْتَهُ صُنْعاً جَميلاً خَطيرُهُ

يرُدُّ الذي والَى العِدَى وهْوَ صاغِرُ

وهُنّئْتَ يا موْلى الخلائِفِ مَوْسِماً

أتى منْهُ بالبُشْرى لبابِكَ زائِرُ

ترحّل شهْرُ الصّومِ أكرَمَ ظاعِنٍ

بما قُمْتَهُ منْ حقّه لكَ شاكِرُ

وأقْبَلَ عيدُ الفِطْرِ أشْرَفَ قادِمٍ

يُوالِي حَثيثاً سيْرَهُ ويُبادِرُ

لمالَقَةٍ جدّدْتَ عهداً حميدُهُ

مَدى الدّهْرِ لا يَبْلى ولا هوَ داثِرُ

حلَلْتَ بمغناها وسعدُكَ واضِحٌ

وحِزْبُك منصورٌ وجُنْدُكَ ظافِرُ

وأوْحشت من دار الخِلافةِ مَنزِلاً

حَديثُ عُلاهُ شائِعٌ مُتواتِرُ

سترْجعُ والصّنعُ الجميلُ مُحالِفٌ

ومُلْكُكَ للأمْلاكِ ناهٍ وآمِرُ

وتبْقى على مرّ الجديدينِ ناصِراً

وسعْدُكَ فيهِمْ مالَهُ الدّهْرَ آخرُ

أمَولايَ خذْها كالحَديقةِ كلّما

يهبُّ نسيمٌ من ثنائِكَ عاطِرُ

وأُهْدي لبحْرِ الجودِ منها قلائِداً

ومنْ عجَبٍ للبحْر تُهْدَى الجواهِرُ

إذا اللهُ قد أثْنى عليْكَ فما الذي

يقولُ بَليغٌ أو يُنَظّمُ شاعِرُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن فركون

avatar

ابن فركون حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Ibn-Farkoun@

190

قصيدة

80

متابعين

بو الحسين بن أحمد بن سليمان بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن هشام القرشي. شاعر، هو ابن أحمد بن فركون أحد تلاميذ ابن الخطيب ومن خاصته. وقد ...

المزيد عن ابن فركون

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة