الديوان » العصر الأندلسي » ابن فركون » عزاء فإن الخطب قد جل موقعا

عدد الابيات : 44

طباعة

عَزاءً فإنّ الخَطْبَ قد جلّ موْقِعا

وصبْراً وإن لمْ يُبْقِ للصّبْرِ موضِعا

تأسَّ أميرَ المُسْلِمينَ فإنّهُ

ورُودُ سَبيلٍ لمْ يزَلْ مُتوقّعا

تعزَّ إمامَ الأكرمينَ فإنّ في

بقائِكَ فينا للحوادثِ مُرْدَعا

فإنّ عَليّاً قد قَضى اليومَ نحْبَهُ

فلمْ نلْقَ مثلَ اليومِ أدْهى وأفظَعا

وإنّ عليّاً مَنْ علِمْنا كمالَه

فَلا تُنْكِروا أنّا نهيمُ تشيُّعا

فَيا نجْمَ أفْقٍ قد هَوى بيدِ النّوى

وما كان إلا للهِدايةِ أُطْلِعا

ويا غيثَ سُحْبٍ طالَما جادَ بالنّدى

فروّى جَناباً قد ذَوى حين أقْلَعا

ويا بدْرَ تمٍّ ضمّهُ التُرْبُ مَغْرباً

وكانَ له أفْقُ المكارِمِ مطْلِعا

وعهْدي ببدْرِ التّمِّ يسْمو إلى العُلَى

فما بالُهُ في التّرْبِ أصبَحَ مودَعا

رحَلْتَ فما خلّفْتَ إلا مُروَّعاً

مَشوقاً مُعنّىً مُغْرَمَ القلبِ موجَعا

نأيْتَ فما ودّعْتَ إلا مُتيَّماً

رهينَ أساهُ مُسْتَهاماً مفجَّعا

فَيا حسْرَةً جلّتْ مواقِعُ خطْبِها

ويا عثْرَةً ما إنْ يُقالُ لَها لَعا

وإنّ مُحيّاً لاحَ في مظْهَرِ العُلَى

تَوارَى فأضْحى بالتّرابِ مُقنَّعا

وإنّ جَمالَ الوجْهِ غيَّرهُ البِلَى

ويا طالَما أبدى الجميلَ وأبْدَعا

لقد وضَعوا في التُرْبِ من كان كلما

تُجاريهِ شمسُ الأفْقِ أسْنى وأرْفَعا

لقد كان صدْرَ المعلُواتِ وقلبَها

لذلكَ ضمّتْهُ الصّفائِحُ أضْلُعا

عَلِمْنا بأنّ الوجْدَ أوّلُ وافِدٍ

غَداةَ نَوى عنّا الرّحيلَ وودّعا

سألْناهُ عهْداً بالبَقاءِ فما وَفى

ورُمْنا جَواباً للنّداءِ فما وَعى

وقَفْنا على الأطْلالِ وهْيَ بلاقِعٌ

نُساجِلُ فيهنّ الحَمامَ المُرَجِّعا

ولا جِسْمَ إلا أنْ يذوبَ صبابةً

ولا قلْبَ إلا أنْ يحِنَّ ويَنْزَعا

أترْكَنُ للسُّلْوانِ بعد بعادِهِ

ولم يُبْقِ فيه موقِعُ الخطْبِ مَطْمَعا

لأفْنى قُوَى الصّبْرِ الجَميلِ فِراقُهُ

ولكنّهُ أبْقَى سُهاداً وأدمُعا

فَيا ليْتَ شِعْري مَن أراهُ موَدّياً

إليْهِ سَلامي حينَ ولّى مودّعا

دعاهُ الرّدَى حتى أجابَ نِداءَهُ

وأسْرَى به ريْبُ المَنونِ فأسْرَعا

أجابَ مُناديهِ غَداة دَعا بِهِ

وكمْ نطَقَ الدّاعي فلبّاهُ مُسْرِعا

تأهّبَ للموتِ الذي جاءَ وافداً

وما هابَ أن يَلْقَى العواليَ شُرَّعا

فكمْ هزّ في الحرْبِ العَوانِ حُسامَهُ

وأرسلَ يقْفو إثْرَهُ الرُمْحَ مُشْرَعا

سَلوا عنْهُ في الهيْجاءِ أرْضَ شُقورة

وقد أصبحَتْ منها المعاهِدُ بَلْقَعا

وفي جبَل الفتْحَينِ كمْ جدَّ عزْمُهُ

سِباقاً إلى داعِي الهُدَى وتسرُّعا

سيَلقَى لدى الرّحْمنِ فضْلَ جهادِهِ

شَفيعاً كما يُرْضي النّبيَّ مُشَفَّعا

فقدْ كان في العَلياءِ أرْفَعَ مظْهَراً

وأكرَمَ آثاراً وأعذَبَ مَشْرَعا

إلى أن أثارَ الدّهْرُ كامِنَ حِقْدِهِ

فعمّى حِلالاً من حِماهُ وأرْبُعا

فعُذْنا بطولِ الذّكرِ لو كان مُجْدياً

ولُذْنا بحسْنِ الصّبْرِ لوْ كان مُقْنِعا

لقد حسَدتْ زُهْرُ النجومِ خِلالَهُ

فأبْدَتْ إلى عَليائِهِنّ تطلُّعا

رمَتْهُ على عَمْدٍ سِهامُ عُيونِها

فما أخْطأتْهُ حيثُ لم نُلْفِ مَدْفَعا

فإنّا إلى اللهِ العظيمِ وإنّنا

لرحْمَتِهِ نرْجو مَآلاً ومرْجِعا

لأذْنَبَتِ الأيامُ فيما أتَتْ بهِ

ولكنها أبقَتْ إلى العُذْرِ موْضِعا

إذا هي أبقَتْ ناصرَ الدّين يوسُفاً

فقدْ شيّدَتْ للدّينِ رُكْناً ممَنَّعا

فلا أذْهَبَتْ صُنْعاً جميلاً أفادَهُ

خُلوداً ولا هدّتْ لعُلْياهُ مَصْنَعا

ولا صدَعتْ للدّين شَملاً قضَى بأنْ

يقومَ بأمْرِ اللهِ عنهُ ويَصْدَعا

ولا رُوِّعَ السّرْبُ الذي هوَ آمِنٌ

ولا بُدّدَ الشّمْلُ الذي قد تجمّعا

ودام بمنْ خطّ الرّكابَ بطَيْبَةٍ

ومَن طافَ عندَ الحجر والرُكْنِ أوْ سَعَى

ولازالَ بالعلْياءِ والعزِّ مُفْرداً

وقد حازَ أشْتاتَ المَكارِمِ أجْمَعا

سألْنا لهُ اللهَ البَقاءَ مُخَلّداً

وحاشى وكلا أن يُخيّبَ مَن دَعا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن فركون

avatar

ابن فركون حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Ibn-Farkoun@

190

قصيدة

80

متابعين

بو الحسين بن أحمد بن سليمان بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن هشام القرشي. شاعر، هو ابن أحمد بن فركون أحد تلاميذ ابن الخطيب ومن خاصته. وقد ...

المزيد عن ابن فركون

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة