الديوان » العصر الأندلسي » ابن فركون » زمان الرضى أنسى القطيعة والجفا

زمانُ الرّضَى أنْسى القطيعَةَ والجَفا
وأصبَحَ للقصْدِ المؤمَّلِ مُسْعِفا
وقد راقَ شمسُ الأُنْسِ فيه تألُّفا
فمالكَ والقلبُ المَشوقُ قدِ اشْتَفى
تذكّرْتَ طوْعَ الوجْدِ للبَيْنِ موقِفا
نعَمْ أنفسُ العشّاقِ تدْعو لربّها
وتسألُ أنفاسَ الصَّبا من مَهَبِّها
وقد روّعَ الهِجْرانُ آمِنَ سِرْبِها
وما كُنتُ لوْلا مَن كلِفْتُ بحُبِّها
لأذْكُرُ رَبْعاً للتّصابي ومألَفا
أَهيمُ وإنْ شطّ المَزارُ تعشُّقا
وأسألُ عهْداً للوَفاءِ وموْثِقا
وأُصغي إلى ذِكْرِ التّواصُلِ واللِقا
وبالفكْرِ لا أزْدادُ إلا تشوُّقا
وللذّكرِ لا أرْتاحُ إلا تشوُّفا
تأمّلتُ ربْعاً للحَبيبِ ومَعْلَما
فبُحْتُ وهل كان الغرامُ لِيُكْتَما
وهل يالَفُ الصّبْرُ الفؤادَ المُتيَّما
وساجِمُ دمْعي من جُفونيَ قدْ هَما
وبارِقُ قَلبي في ضُلوعيَ قد هَفا
وممّا أهاجَتْ عِنديَ الشوْقَ والجوى
طُلولٌ تُناجيني علَى البُعْدِ والنّوى
فأهْذي بذِكْرِ الحيّ منْ جانِبِ اللِّوى
لأنْ جدّدَتْ عهْدَ الصّبابةِ والهَوى
لدَى مرْبَعٍ للصّبْرِ والأُنْسِ قد عَفا
وبي ظبْيُ إنْسٍ تيّمَ القلْبَ لوْعَةً
إذا رُمْتُهُ يحْكي الكواكِبَ مَنْعةً
ويَحْسِبُ تَشبيهي بذلكَ بدْعَةً
فيُزْري بنورِ البَدْرِ حُسْناً ورِفْعَةً
ويُخجِل غُصْنَ البانَ لِيناً ومَعْطِفا
أقولُ إذا أبصَرْتُهُ مُتمايلا
مُنعَّمَ قدٍّ يترُك الجِسْمَ ناحِلا
مُحيّاكَ مَنْ أبْدى بهِ البَدْرَ كاملا
ومَن هزّ للعُذّالِ قدّكَ ذابِلا
وجرّدَ للعُشّاقِ جَفْنَك مُرْهَفا
ألا بأبي وجْهٌ يَروقُ كمالُهُ
تطلّعَ في أُفْقِ الضّلوعِ هِلالُهُ
وإنّ مَشوقاً قد سَباهُ جَمالُهُ
لقَدْ رقَّ وجْداً قلْبُهُ فتخالُهُ
فتىً رامَ أنْ يُخْفي الصّبابةَ فاخْتَفَى
ألا إنّ في يُمْنايَ للبأسِ والرّجا
مجالاً به القُصّادُ لا تشتَكي الوَجَى
وإنّ الذي في حُبِّه أتْرُكُ الحِجى
حَكى الزَّهْرَ والزُّهْرَ المُنيرةَ في الدُجى
وغُصْنَ النّقا لِيناً وخَدّاً ومَرْشَفا
أصرّفُ في الهَيْجاءِ سيفاً ولَهْذَما
وأبْذُلُ ما تهْوَى النفوسُ تكرُّما
فمالِي أنادي الظبْيَ واللحْظُ قد رَمى
أيا ساحِرَ الأجفانِ قلْ ليَ مُنْعِما
أيُشفَى فؤادٌ منْ هواكَ على شَفا
أهيمُ غَراماً شاءَهُ المُلْكُ أو أبَى
وأتْبَعُ فيهِ مِنْ خُضوعيَ مذْهَبا
فَيا عجَباً للقَلْبِ منّيَ أنْ صَبا
وهذِي مُلوكُ الأرْضِ شرْقاً ومَغْرِبا
تُطاوعُ منّي ناصرَ الدّين يوسُفا
كتَمتُ ولكِن ما عَلى الشمْسِ كاتِمُ
وداءُ الجَوى طيَّ الجَوانِحِ دائِمُ
وإنّي وفي مِلْكي المُلوكُ الأكارِمُ
إذا لامَني في حُبِّه اليومَ لائِمُ
أقولُ لهُ مهْلاً فقدْ برِحَ الخَفا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن فركون

avatar

ابن فركون حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Ibn-Farkoun@

190

قصيدة

80

متابعين

بو الحسين بن أحمد بن سليمان بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن هشام القرشي. شاعر، هو ابن أحمد بن فركون أحد تلاميذ ابن الخطيب ومن خاصته. وقد ...

المزيد عن ابن فركون

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة