الديوان » العصر الأندلسي » ابن فركون » أثار هواها نزعا تشتكي الوجا

عدد الابيات : 47

طباعة

أثارَ هَواها نُزّعاً تَشتَكي الوَجا

سَنا بارِقٍ يهْدي الرّكائِبَ في الدُجا

تألَّقَ خَفّاق الجَناحِ كأنّما

غَدا مُزْجياً ركْبَ السّحائِبِ مُزْعِجا

أنارَ وقد أخفَى الظّلامُ سَبيلَها

فأسْرَعَ للتأْويبِ منْ باتَ مُدْلِجا

تقولُ حُداةُ العيسِ إذ غالَها السُّرَى

ألَمْ يانِ للإصْباحِ أن يتبَلّجا

ألا يا خَليليَّ انزِلاها مَعاهِداً

ومُرّا عليْها بالرِّكابِ وعرِّجا

لعَهْدي بها والحيُّ في عَرَصاتِها

يُحَيّا بما يُهْدي جنىً وتأرُّجا

وصَوْبُ الحَيا حلّ الحُبا في بِطاحِها

فللّهِ ما أبْهى حُلاها وأبْهَجا

كأنّ سَقيطَ الطّلِّ منْ قُضْبِ دوْحِها

مُرَدِّدُ لَفْظٍ من لسانٍ تَلَجْلَجا

مَعاهِدُ لا تُخْفي الصّبابةَ إذ غَدا

نَسيمُ صَباها للغَرامِ مهيِّجا

وللوَخْدِ طِرْفٌ ما كَفَفْنا جِماحَهُ

فجالَ بمَيْدانِ التّصابي وهَمْلَجا

ومائِسَةِ الأعْطافِ لم نَدْرِ قبْلَها

بأنّ شُموسَ الأفْقِ يَحْلُلْنَ هوْدَجا

هيَ الشمسُ يُسْتَجْلى سَناها وقد غَدا

لها البدْرُ والجوزاءُ قُرْطاً ودُمْلُجا

فمَنْ لمْ يُشاهِدْ وجْهَها وقَوامَها

فَما البدْرُ مُلْتاحاً ولا الغُصْنُ رَجْرَجا

ومَنْ هامَ بالحَسْناءِ من غيْرِ حيِّها

فما القَدُّ مُرْتاحاً ولا اللّحْظُ أدْعَجا

ومَنْ أمَّ بحْرَ الجودِ والعِلْمِ لا يُرَى

على غيْرِ مَولانا ابْن نصْرٍ معَرِّجا

هوَ اليوسُفيُّ الناصِرُ المَلكُ الذي

عزائِمُهُ تُخْشى ورُحْماهُ تُرْتَجى

هوَ اليوسُفيُّ العالِمُ العَلَمُ الذي

عوامِلُهُ شهْبٌ من النّقْعِ في دُجَى

ألا عَدِّ عنْ ذِكْرِ القَياصِرَة الألى

لديهُ ودَعْ كِسْرى المُلوكِ متوَّجا

فهذا إمامٌ تابعٌ جدَّهُ الذي

غَدا سيّدَ الأنْصار أوْساً وخزْرَجا

وهذا الذي مازالَ في الأرضِ أمنُهُ

على الخلقِ ظِلاً في الهَواجِرِ سَجْسَجا

وهذا الذي مازال في اللهِ سالِكاً

سَبيلاً إلى النّصْرِ العزيز ومَنْهَجا

شمائِلُه تحْكي الشمائِلَ رقّةً

وأمْداحُهُ زهْرَ الرّياضِ تأرُّجا

رجَوْنا به نيْلَ المكارمِ والعُلى

فلمّا رأيْنا وجْهَهُ صدقَ الرَّجا

فمِنْ عزْمَةٍ تكفي العِدَى وتكفُّها

ومنْ جودِ كفٍّ لا تُخيّبُ مَن رَجا

إذا ماجَ بحْرُ الرّوْعِ خاضَتْ غِمارَهُ

صوافِنُهُ تحْكي السّفينَ المُلَجِّجا

وقد أسْمَعَتْ غرُّ الجيادِ صَهيلَها

وراقَتْ حَوالَيْها العَوالي توشُّجا

فتحْسِبُ أن الحرْبَ أبدَتْ حديقةً

بها القُضْبُ مُلْداً والحمائمُ هُزَّجا

أمَوْلايَ إنّ اللهَ مازالَ مُلْهِماً

لأجْملِ صُنْعٍ جاءَ بالنّصرِ مُلْهِجا

تعوجُ الأعادي عن لقائِكَ كلّما

تُقوّمُهُ رُمْحاً وتعْلوهُ أعوَجا

فأسْمرُك الخطّيُّ يلتاحُ نصْلُهُ

شِهابَ هُدىً ليْلَ العَجاجَة مُفْرِجا

وكفُّكَ للعافينَ تندَى غمامةً

وسيفُك يُذكي جاحِماً متأجِّجا

كذلكَ من شأنِ الغَمامِ انسكابُها

إذا ما تُريكَ البارِقَ المتوهّجا

كأنّ مُثارَ النّقْعِ ليلٌ وفجْرُهُ

حُسامُك يبْدو خاضِباً متضرِّجا

كأنّ ميادينَ الطّراد صَحيفةٌ

يُريكَ بها الخطّيُّ خطّاً مُثَبّجا

ولكنّهُ معْنى سُعودِكَ موضِحٌ

وضوحَ النّجومِ الزُهْرِ والليلُ قد سَجا

لكَ العزْمُ إنْ أمْضَيْتَ أحْكامَهُ ففي

نُحورِ عُداةِ الدّينِ قد أصبحَتْ شَجا

لك العِلْمُ يَهْدي كُلَّ مَنْ ضلّ رُشدَهُ

وعاجَ عن النّهْجِ القويمِ وعرّجا

وقد عادَ عيدٌ كان منْ قبْلُ مُطْلِعاً

مُحيّاكَ وضّاحَ الأسرّةِ أبْلَجا

فللهِ يومٌ قد أرانا حقيقةً

منَ الطّلعةِ الغرّاءِ صُبْحاً تبلّجا

مدَدتَ لتقبيلِ الخلائِقِ راحةً

يفوقُ نداهَا الزّاخِرَ المُتمَوِّجا

وهلْ بعْدَ أن قبّلْتُ كفَّك آمِلاً

أكونُ إلى شيءٍ من الدّهْرِ مُحْوَجا

رَدَدتَ سِهامَ الدّهر حتى تقصّدَتْ

وقد كان بابُ القَصْدِ دونيَ مُرْتَجا

فدونَكَ يا موْلَى الورَى من مدائِحي

ثَناءً كأزْهارِ الرياضِ مؤَرَّجا

أتيتُ بها كالزُّهْرِ والزَّهْرِ في الرُبَى

فراقَتْ ورقّتْ بهجَةً وتأرُّجا

حياءً من التقْصير بالطِّرْسِ حُجِّبَتْ

على أنها حسْناءُ تُبْدي التبرُّجا

فهُنِّئْتَهُ عيداً كريماً ومَوسماً

جَميلَ المُحيّا رائِقَ الحُسْنِ مُبْهِجا

وبُلِّغْتَ ما تَرْجوهُ بدْءاً وعَودةً

ولازِلْتَ في الأمْلاكِ أكرَمَ مُرْتَجى

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن فركون

avatar

ابن فركون حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Ibn-Farkoun@

190

قصيدة

81

متابعين

بو الحسين بن أحمد بن سليمان بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن هشام القرشي. شاعر، هو ابن أحمد بن فركون أحد تلاميذ ابن الخطيب ومن خاصته. وقد ...

المزيد عن ابن فركون

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة