الديوان » العصر الأندلسي » أبو حيان الأندلسي » أأرجو حياة بعد فقد زمرد

عدد الابيات : 36

طباعة

أَأَرجو حَياةً بَعدَ فَقدِ زُمُرُّدِ

وَكانَت بِها روحي تَلَذُّ وَتَغتَذِي

زُمُرُّدُ قَد خَلَّفتِ للصَّبِّ لَوعَةً

وَحُزناً بِقَلبي آخِذاً كُلَّ مَأخَذِ

رَمَيتِ بِسَهمٍ وَسطَ قَلبٍ مُجَرَّحٍ

كَأَنَّ بِهِ وَقعَ الحُسامِ المُشَحَّذِ

فَحَصَّنتُهُ بِالصَبرِ فيكِ وَعِندَما

نَبَضت أَتاه السَهمُ مِن كُلِّ منفَذِ

فَمِن مُقلَتي تَسهادُ جَفنٍ كَأَنَّما

يَمُرُّ عَلَيهِ اللَيلُ جلدةَ قُنفُذِ

وَمِن مَسمَعي صَغوٌ لِصَوتك دائِماً

وَمِن معطَسي تَوقٌ إِلى عَرفِكِ الشَذِي

وَمِن مَبسَمي أَنفاسُ نارٍ تَردَّدَت

عَلى كَبِدٍ حَرّى وَعَقلٍ مُؤَخَّذِ

بِهِ لَمَمٌ قَد مَسَّهُ وَتَخَبُّطٌ

فَلا بالرُقى يُهدى وَلا بِالتَعوُّذِ

تقدّمها بنتي نَضيرةُ بِنتها

وَقَد جُمِعا في مُلحدٍ لَم يُسرَّذِ

وَكُنّا الَّذي مَع وَصلَةٍ لي وَعائِدٍ

وَقَد حُذفا لَم يَبقَ مِنها سِوى الَّذي

وَزينةِ حِلم عَقلُها ثابِتٌ فَلا

تَأثرُ مِن إِيهامِ كُلِّ مُشَعوذِ

وَحازَت لِحُسنِ الخَلقِ خُلقاً مُدَمَّثاً

وَلينَ كَلامٍ طاهِرٍ لَيسَ بِالبَذي

فَما دَنَّسَت فاها بِغيبَةِ غائِبٍ

وَلا مَنَعَت رفداً لِمَن جاءَ يَحتَذي

وَتعرف أَجناسَ المَبيعِ جَميعه

وَأَثمانه مِن فَحمَةٍ للزُمُرُّذِ

وَإِن جاءَ كَحّالٌ وَذو الطب نَحوَها

تُباريهما فَأَذعنا للتَّتلمُذِ

تَغيَّر ذِهني بَعدَ جِسمي

فَعَقليَ لَم يَقبل عَزائمَ عوَّذِ

وَجسمي إِذا رُمتُ اِضطِجاعاً لِراحَةٍ

يَقلَّب عَلى جَمرِ الغَضا ثُم يَحتَذي

وَإِن رُمتُ نَهضاً لِلقيام فَأَخمَصِي

أَراهُ كَأَن شَوكُ القَتادِ بِهِ حُذي

وَإِن أَنا حاوَلتُ القُعودَ تَواتَرَت

هُمومٌ مَتى تَعلَق بِروحِيَ تَجبذِ

فَقَلبيَ في حُزنٍ وَعَينيَ في بُكا

فَيا لَكَ شَجواً بينَ ذا قَد ثَوى وَذِي

جَميلةُ خَلقٍ سَهلةُ الخُلقِ لينةٌ

رَقيقَةُ قَلبٍ ثاقِبِ الذهنِ أَحوَذي

أَجدك لَن تُصغِي لِشاكٍ مُوَلَّهٍ

جَريحِ فُؤادٍ فيكَ ذي مَدمَعٍ قَذي

تَباخَلتِ حَتّى الطيفُ لَيسَ بِزائِرٍ

لَدى هَجعَةٍ ساهِي الفُؤادِ مُجَذَّذِ

يَقي صالِحٌ وَأَحمَدُ وُمُحَمَّدٌ

وَبلقيسُ كَالأَيتامِ بَعدَ زُمُرُّذِ

وَكانَت لَهُم أُمّاً حَنوناً وَجَدَّةً

شَفوقاً تُشَهِّيهِم بِكُلِّ تَلَذُّذِ

وَتَختارُ أَنواعَ المَطاعِمِ سُكّرٍ

وَحَلوى وَبانيذٍ لَهُم وَطَبَرزَذِ

رَوَت مِن أَحاديثِ الرَسولِ مَسانِداً

وَكانَ لَها روحٌ بِتَسماعِها غُذي

صَحيحَ بُخارِيٍّ وَمسندَ دارمٍ

بِسَمعِ إِمامٍ ثابتِ النَقلِ جَهبَذِ

وَرَوَّت بِبَيتِ اللَهِ وَالقُدسِ ما رَوَت

لِمصريٍّ أَو شاميٍّ أَو مُتَبَغدِذِ

وَحجَّت وَزَارَت مَرَّتَينِ وَقَدَّست

وَما يَكُ مِن بِرٍّ تُعجِّل وَتنفِذِ

قَضى اللَهُ أَن عاشَت وَماتَت سَعيدَةً

وَلَيسَ امرؤٌ مِما قَضاهُ بِمنفَذِ

مَضَت وَلَها ذكرٌ جَميلٌ مُخَلّدٌ

ثَناء كَعَرف المسكِ وَالعَنبَرِ الشَذِي

إِلى العالَمِ العُلويِّ راحُوا بِروحِها

لِروح وَرَيحانٍ وَجَنَّةِ مغتَذِ

وَلَم تَكتَرِث يَوماً بِلِبسٍ وَزينَةٍ

وَحَليٍ فَتَبدو في النَعيمِ المُلَذّذِ

وَلَكن بِجودٍ وَاحتِمالٍ يَزينُها

بِنَفحٍ لِذي فَقرٍ وَصَفحٍ عَن البَذي

مُطَهرةٌ لَفظاً وَقَلباً وَبَرَّةٌ

مُبَرَّأةٌ عَن كُلِّ ما قادحٍ رَذي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أبو حيان الأندلسي

avatar

أبو حيان الأندلسي حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Abu-Hayyan-al-Andalusi@

316

قصيدة

1

الاقتباسات

358

متابعين

محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان الغرناطي أثير الدين أبو حيان الجياني الأندلسي النحوي. كان من أقطاب سلسلة العلم والأدب وأعيان المبصرين بدقائق ما يكون من لغة ...

المزيد عن أبو حيان الأندلسي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة