الديوان » العصر المملوكي » ابن سنان الخفاجي » أينفعني فضل الحنين المرجع

عدد الابيات : 41

طباعة

أَيَنفَعُني فَضلُ الحَنينِ المُرَجَّع

وَهَيهاتَ ما وَجدي عَلَيكَ بِمُنجَعِ

وَكَيفَ يَفوزُ الغَيثُ فيكَ بِمِنَّةٍ

إِذا كُنتُ لا أَرضى سَحائِبَ أَدمُعي

أَرى زَفَراتِ الحُزنِ بَعدَكَ سَلوة

يَدُلُّ عَلى وِجدانِ قَلبٍ وَأَضلُعِ

وَلَيسَ بُكاء العَينِ إِلّا خِيانَةً

وَلا اللَّومُ إِلّا أَنَّها بَقِيَت مَعي

وَكُلُّ أَسىً لا تَذهَبِ النَّفسُ عِندَهُ

فَما هوَ إِلّا مِن قَبيلِ التَّصَنُّعِ

وَوَالله ما وَفَّيتُ وُدَّكَ حَقَّهُ

وَهَل هيَ إِلّا لَوعَتي وَتَفَجُّعي

وَأَينَ وَفائي لا مَدى الدَّمع بالِغٌ

رِضايَ وَلا جُهدُ الصَّبابَةِ مُقنِعي

رَضيتُ بِحُكمِ الدَّهرِ فيكَ ضَرورَة

وَكَيفَ إِبائي دونَهُ وَتَمَنُّعي

وَطاوعتُهُ حَتّى جَعَلتُكَ عِندَهُ

وَديعَة مُغرى بِالخِيانَةِ مولِع

أمثلُ في عَيني خَيالَكَ حاضِراً

وَأَنتَ بَعيدٌ عَن مَقامي وَمَوضِعي

فَلَو أَنَّني حَدَّثتُ نَفسي بِسَلوَةٍ

لَكُنتَ بِمرأى مِن حَديثي وَمَسمَعي

لَحى اللَّهُ دَهراً نازَعَتكَ صُروفُهُ

صَبابَةَ قَلب بِالفِراق مُرَوَّعِ

وَشُلَّت يَدٌ هالَت عَلى وَجهِكَ الثَّرى

لَقَد كسفت نورَ الصَّباح المُلَمَّعِ

تَصامَمتُ عَن ناعيكَ حَتّى أريبَهُ

وَدافَعتُ فيكَ الخَطبَ مِن كُلِّ مَدمَعِ

فَلَمّا أَبى إِلّا يَقيناً حَديثُهُ

فَزِعتُ إِلى جَفنٍ مِنَ الدَّمعِ مُترَعِ

يَزيدُ أَوامي وِردُهُ وَهوَ طافِحٌ

وَقَد كانَ مَن يَشرَب مِنَ العَدِّ يَنقَع

فَقَدتُكَ فَقدَ الماءِ بَعدَ ظَماءةٍ

مِنَ الغُلِّ في قَفرٍ مِنَ البيدِ بَلقَع

وَكانَ رَجائي فيكَ ذُخراً جَعَلتُهُ

مَلاذيَ في دَفع الهُمومِ وَمَفزَعي

فَيا ماء عَيني كَيفَ خَلَّفتَ نورَها

مَجالاً لِغَربِ الدَّمعَةِ المُتَسَرِّع

وَما كُنتُ أَخشى مِن يَدَيكَ خِيانَةً

تُضَرّمُ ناراً في مَقيلي وَمَضجَعي

أصاعِدُ قَد بَلَّغتُ لَو بَلَّغَ الثَّرى

نِداءَ حَزينٍ أَو شِكايَةَ موجَعِ

ذَكَرتُ لَكَ العَهدَ القَديمَ وَقَد مَضَت

عَلَيهِ لَيالٍ ما تَهِمُّ بِمَرجِع

وَخالَسَني فيكَ الزَّمانُ بَقِيَّةً

مِنَ الصَّبرِ في أَعشارِ قَلب مُوَزَّعِ

فَأيُّ حُسام حالَتِ الأَرضُ دونَهُ

وَكانَ مَتى يَضرِب بِهِ الخَطبُ يَقطَع

وَمُقتَسِم النُعمى أَناخَت عُفاتُهُ

عَلى المَحلِ في رَوضٍ مِنَ الجودِ مُمرَعِ

لَهُ نَشوَة عِندَ السُّؤالِ كَأَنَّما

تُنازِعُهُ كَأسُ السُّلافِ المُشَعشَعِ

إِذا أَعمَلَ الأقلام نالَت غُروبُها

مَطارِحَ أَطرافِ القَنا المُتَزَعزِعِ

وَما الطَّعنَةُ النَّجلاء في كُلِّ مَعرَكٍ

سِوى الخُطبَةِ الغَرّاءِ في كُلِّ مَجمَعِ

أقَرَّ لَهُ بِالفَضلِ كُلُّ مُنازِعٍ

وَيَأسِرهُ في الفِكرِ كُلُّ مُمَنَّعِ

وَأَثنى عَلَيهِ الحاسِدونَ ضَرورَة

بِأَحسَن ما يَغلو الصَّديقُ وَيَدَّعي

لَعَمري لَقَد مَنَّيتُ نَفسي بِقُربِهِ

سِفاهاً وَمَن يَطلُب مِنَ الدَّهرِ يُمنَعِ

فَجالَ الرَّدى دونَ اللِّقاء وَلَم تَدَع

صُروفُ الرَّدى مِن حيلَةٍ في التّجمعِ

سَقاكَ وَقَد أَغنى عَنِ الغَيثِ مُزنَةٌ

مِنَ الدَّمعِ تَهمي في مَصيفٍ وَمَربَعِ

سَحاب تُرَجِّيهِ الصَّبا وَكَأَنَّما

يَمُدُّ بِطَودٍ مِن عِمايَة أَتلَعِ

يُفَوّفُ أَبرادَ الرِّياضِ وَبَرقُهُ

يَشُقُّ جَلابيبَ الظَّلام المُوَشَّعِ

كَأَنَّ حَنينَ الرَّعدِ في حُجُراتِهِ

حُدآء مَهيبٍ بِالرِّكابِ مُزَعزَعِ

لَهُ زَجَلٌ يَروي النَّسيمُ وَراءَهُ

أَحاديثَ نَشرِ الرَّوضَةِ المُتَضَوِّعِ

وَقَد جَلَّ قَدرُ الماء إِن كانَ حافِظاً

مَوَدَّةَ ثاوٍ في التُّرابِ مُضَيَّعِ

وَما أَنا إِلّا لاحِق بِكَ فَانتَظِر

لِقائي وَمَن يَسلُك سَبيلَكَ يَتبَعِ

عَوائِدُ مِن ذِكراكَ عِندي حَبيبَةٌ

وَمالي مِنها غَيرُ مَبكى وَمَجزَعِ

وَأَيُّ جُفون ما أَفاضَت دُموعَها

عَلَيكَ وَقَلبٍ فيكَ لَم يَتَصَدَّعِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن سنان الخفاجي

avatar

ابن سنان الخفاجي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Ibn-Sinan-Al-Khafaji@

148

قصيدة

21

متابعين

عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان، أبو محمد الخفاجي الحلبي. شاعر. أخذ الأدب عن أبي العلاء المعري وغيره. وكانت له ولاية بقلعة (عزاز) من أعمال حلب، وعصي بها، فاحتيل ...

المزيد عن ابن سنان الخفاجي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة