الديوان » العراق » حيدر الحلي » غمضت بغتة جفون الفناء

عدد الابيات : 99

طباعة

غمضت بغتةً جفونُ الفناءِ

فوق إنسانِ مقلة العلياءِ

وله نقّبت بغاشية الحزن

محيَّا الدنيا يدُ النكباء

حمّلت وقر عبئها كاهلَ الده

رِ فأمسى يرغو من الإعياء

نكبةٌ لم تدعْ جليداً على الوج

د ولا صابراً على اللأواء

ليت أمّ الخطوب تعقمُ ماذا

أنتجت بغتة من الأرزاء

ولدت حين عنَّست هرماً ما

لم تلدْ مثله بوقت الصباء

فأصابت يداه في حرم المجدِ

فؤادَ العليا بسهم القضاء

فقضت نحبها وغيرُ عجيبٍ

قد أُصيب بأرأس الأعضاء

يا صريعَ الحمام صلَّى عليك

اللهُ من نازلٍ بربع الفناء

وسقى منه تربةً ضمنت جسمَ

ك غيث الغفران والنعماء

فحقيرٌ نوءُ الجفون وما قَد

رُ جفون السحاب والأنواء

أين عيس المنون فيك استقلت

بالحصيف المضفّر الآراء

ذهبت في معرسِ السفرِ جوداً

وروى حوَّم الأماني الظماء

نعم ربُّ النديِّ حلماً إذا النك

باءُ طارت بحوبة الحلماء

نعم ربُّ الحجى إذا أكل الطي

شُ حجى الحازمين في اللأواء

نعم ربُّ الندى إذا كسع الشولُ

بأغبارها عيالَ الشتاء

نعم ربُّ القِرى إذا هبَّت الري

حُ شمالاً في الشتوة الغبراء

نعم ربُّ الجفان ليلةً يُمسي

بضياهنَّ مقمرُ الظلماء

يا عفاء الأنام شرقاً وغرباً

دونكم فاحتبوا بثوب العفاء

واقصروا أعينَ الرجاء قنوطاً

مَن إليه تمتدُّ في البأساء

وانحبوا عن حريق وجدٍ لمن كا

نَ عليكم أحنى من الآباء

يستقلُّ الحبا لكم إن وفدتم

ولو المشرقان بعضُ الحباء

لو بكته عيونكم وأفضن الأ

بحرُ السبع والحيا في البكاء

لم تفوّه معشارَ ما قد أفاضت

لكم راحُ كفّه البيضاء

رحّلوا العيسَ قاصدين ضريحاً

فيه ما فيه من علًى وسخاء

واعقِروا عنده وجلَّ عن العقر

قلوباً مطلولة السوداء

جدثٌ ماء عيشكم غاض فيه

فانضحوا فوقه دمَ الأحشاء

حلَّ فيه من قد كفى آدماً في

غيث جدواه عيلة الأبناء

ليت شعري أنَّى دنا الموت منه

وهو في ربع عزَّةٍ قعساء

هل أتاه مسترفداً حين أعطى

ما حوته يداهُ للفقراء

ودَّت المكرماتُ أن تفتديه

ببنيها الأماجد الكرماء

هم مكانُ الجفون منها ولكن

هو في عينها مكان الضياء

وهم في الحياة موتى ولكن

هو ميتٌ يعدُّ في الأحياء

فحبا نفسَه الردى إذ أتاهُ

مستميحاً يمشي على استحياء

بعدما عاشت العفاة زماناً

من نداه في أسبغ النعماء

علمت فقرَها إليه ولم تعلم

إليه الردى من الفقراء

يا عقيدي على الجوى كبر الخط

بُ فأهون بالدمعة البيضاء

أجرِ من ذوب قلبك الدمعة الحم

راء حزناً في الوجنة الصفراء

عودُ صبري من اللحا قد تعرَّى

فانبذ الصبرَ لوعةً في العراء

إن تسلني عن ظلمة الكون لمَّا

حُلن أنوارَ أرضه والسماء

فهو أثواب ليل حزن دجاه

طبّق الخافقين بالظلماء

قد خفقن النجوم منه بجنحٍ

سامَ أنوارَهنَّ بالإِطفاء

ولبدر الغبراء حال أخوه

بدرُ أهل الغبراء والخضراء

وإلى الشمس قد نعوه فماتت

جزعاً من سماع صوت النعاء

وله غصَّ بالمصابِ ولما

يتنفس حتَّى قضى ابن ذُكاء

وقف المجد ناشداً يومَ أودى

شاحبَ الوجه كاسف الأضواء

هل ترى صالحاً على الأرض لمَّا

غابَ فيها المهديُّ بدر العلاء

قلت خفّض عليك من عظم الأم

ر ونهنه من لوعة البرحاء

ليس إلاَّ محمدٌ صالحٌ يوجد

في الأرض من بني حوَّاء

في التقى والصلاح والزهد والخش

ية والنسك بل وحسن الرجاء

هي في العالمين أجزاء لكن

هو كلٌّ لهذه الأجزاء

وبيوم المعاد لو لقيَ الخل

قَ بأعماله إلهُ السماء

كانَ حقًّا أن يعدم النار إذ ليس

نصيبٌ للنارِ في الأتقياء

ليس ينفكُّ للجميل قريباً

وبعيداً عن خطّة الفحشاء

ومهاباً له على أعين الدهر

قضى الكبرياءَ بالإِغضاء

وبليغاً قد انتظمن معاني

هِ بسلكِ الإِعجاز للبلغاء

وفصيحاً بنطقه يخرس الده

رَ فما قدرُ سائر الفصحاء

فارسُ المشكلات إن ندبوه

لبيانِ المقالة العوصاء

فهو من عزِّ لفظه يطعن الثغ

رةَ منه بالحجَّة البيضاء

واحدُ الفضلِ ما لهُ فيه ثانٍ

غير عبد الكريم غيث العطاء

بعقود الثناء فخراً تحلَّى

وتحلَّت به عقودُ الثناء

الذكيُّ الذي إذا قستَ أهلَ ال

فضل فيه كانوا من الأغبياء

والمصلِّي للمجدِ خلف أخيه

في سباق الأشباه والنظراء

ضربا في العُلى بعرقٍ كريمٍ

واحدٍ دون سائر الأكفاء

ينتمي كلُّ واحدٍ منهما عن

د انتساب الأبناء للآباء

للكرام الأكفّ تحسب فيهنَّ

يذوبُ الغمامُ يوم السخاء

معشرُ المجدِ شيعة الشرفِ البا

ذخ بيضُ الوجوه خضر الفناء

قد حباهم محمدٌ بجميل ال

ذكر إذ كانَ صالح الأبناء

يقظُ القلب في حياطة دين اللّ

ه حتَّى في حالة الإِغفاء

ذو يمينٍ بيضاء لم تتغيَّرْ

بأثام البيضاء والصفراء

يا عليماً يصيب شاكلة الغي

ب بتسديد أسهم الآراء

وكظيماً للحزن يطوي حشاه

جلداً فوق زفرةٍ خرساء

لك ذلّت عرامة الدهر حتَّى

لك أمسى يُعدُّ في الوصفاء

ملكت رقَّه يمينك فالعا

لم من رقّه من العتقاء

ولئن قد أساء فالعبدُ للمو

لى مسيءٌ جهلاً بغير اهتداء

أنتَ أطلقتَ أسر أعوامه الغب

ر من الجدب بالندى والسخاء

فجنى ما جنى وغير عجيبٍ

إنَّما السوء عادةَ الطلقاءِ

ولئن كانَ مسخطاً لك بالأم

سِ بهذي المصيبة الصمَّاء

فلك اليوم في محمدٍ الندب

الرضا عنه فهو أعلى الرضاء

ذو محيًّا كالبدر يقطر منه

مثل طلِّ الأنداء ماءُ الحياء

وعلاءٍ هي السماء مساعي

ه نجومٌ لألاؤُها بالضياء

ومزاياً لم أرض نظميَ فيها

ولوَ انِّي نظمتُ شهبَ السماء

أو فمُ الدهر كنتُ فيه لساناً

ناطقاً ما بلغتُ بعض الثناء

دون إحصائها الكلامُ تناهى

فغدت مستحيلة الإحصاء

تيَّمت قلبه حسانُ المعالي

بهواهنَّ لا حسانُ الظباء

وعلى الخَلق خلقُه فاض بالبش

ر فأزرى بالروضة الغنَّاء

خُلقٌ شفَّ فالهواء كثيفٌ

عنده إن قرنته بالهواء

أرضعته العلاءُ ثدياً وثدياً

رضع المصطفى ابنُ أمِّ العلاء

فهما في الزمانِ يقتسمان ال

فخرَ دون الورى بحظٍّ سواء

ألفت نفسُه السماحَ فتيًّا

بُوركا من فتوةٍ وفتاء

وحوى الفضلَ يافعَ السنِّ لمَّا

فات شوطَ المشايخ العظماء

يا رحابَ الصدور في كلِّ خطبٍ

وثقالَ الحلوم عند البلاء

لن تضلُّوا السبيلَ والبدرُ هادٍ

لكم في دجنَّة الغمَّاء

وأخوه محمدٌ حلمكُم فيه

حسين رأسٍ لدى النكباء

ولكم أوجهٌ بكلِّ مهمٍّ

ليس منها يحولُ حسنُ الثناء

ونفوسٌ إذا التقت بالرزايا

غير مضعوفة القوى باللقاء

وكملس الصفا قلوبٌ لدى الخط

ب بها رنَّ مقطعُ الأرزاء

إن أسمكم حسنَ الأسى ولأضعا

ف أساكم تضمَّنت أحشائي

فلكم بعضكم ببعضٍ عزاءٌ

ولنا فيكم جميل العزاء

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن حيدر الحلي

avatar

حيدر الحلي حساب موثق

العراق

poet-haidar-alheli@

283

قصيدة

471

متابعين

حيدر بن سليمان بن داود الحلي الحسيني. شاعر أهل البيت في العراق. مولده ووفاته في الحلة، ودفن في النجف. مات أبوه وهو طفل فنشأ في حجر عمه مهدي بن داود. ...

المزيد عن حيدر الحلي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة