الديوان » العراق » حيدر الحلي » لا زلت يا ربع الشباب حميدا

عدد الابيات : 65

طباعة

لا زلتَ يا ربع الشباب حميدا

باقٍ وإن خلقَ الزمانُ جديدا

ما أنتَ للعشاق إلاَّ جنَّةٌ

صحبوا بها العيشَ القديمَ رغيدا

أيام كانَ العيشُ غضاً ناعماً

والدهر مقتبل الشباب وليدا

والدار طيِّبة الثرى مما بها

يسحبنَ ربّات الخدور برودا

يستاف زائرُها ثراها عنبراً

فيكذِّبَن طرفاً يراه صعيدا

يعطو إلى عذبات فرع أراكةٍ

ظبيٌّ تفيأ ظلَّها الممدودا

غنجٌ يسلُّ من اللواحظ مرهفاً

يغدو عليه قتيله محسودا

هو مُنتضىً في الجفن إلاَّ أنه

بين الجوانح يغتدي مغمودا

أضحت ضرائبه القلوب تعدّ أد

ما هابه وهو الشقيُّ سعيدا

وشقيقُ خديه النقيُّ من الحيا

أضحى بعقرب صدغه مرصودا

يمسي سليماً يشتفي بالريق مَن

باللثم بات بقطفه معمودا

كم بتُّ معتنقاً له في ليلةٍ

بات العفاف بها عليَّ شهيدا

وكأنما في الأفق هالةُ بدرها

وبها الكواكب قد طلعنَ سعودا

نادٍ محمدُ حلَّ فيه وولده

بعلاه حفَّت ناشئاً ووليدا

هو دارةُ الشرف التي قد مهَّدتْ

أبد الزمان بعزِّهم تمهيدا

فرشوا بساحة أرضه القمرين وات

كأوا على زهر النجوم قعودا

متعاقدين على المكارم أحرزوا

شرفاً تماثل طارفاً وتليدا

وعليهمُ قطباً فقطباً دائرٌ

فلكُ الفخار أبوَّة وجدودا

كانوا قديماً والعلى صدفٌ لهم

دراً تناسق في الفخار نضيدا

وأبوهم البحرُ المحيط وقد بدوا

منه على جيد الزمان عقودا

هو لجَّة المعروف ما عرفتْ بنو ال

دنيا سواه منهلاً مورودا

وبقيةُ الأمجاد لم يُرَ غيره

خلفاً لهم فوق الثرى موجودا

مستظهراً بعناية من ربه

وقفتْ عليه العزَّ والتأييدا

متمحضٌ لله في أفعاله

بالغيب يخشى الخالق المعبودا

فكأنما الأعضاء منه أعينٌ

تذكي جهنَّمُ نصبهنَّ وقودا

لم تجترحْ ذنباً جوارحُ جسمه

بل كانَ عن خطط الذنوب بعيدا

فتراه مرتعدَ الفرائص رهبةً

لا باحتمال خطيئةٍ مجهودا

يمسي بنفسٍ لا تميلُ مع الهوى

لله يحيي ليله تهجيدا

وإذا تجلّى الليل أصبح باسطاً

للوفد كفاً ما تغبُّ الجودا

نسكٌ كما شاء الإلهُ وأنعمٌ

لم يحصها إلاَّ الإلهُ عديدا

يا من لو اقتسم الأنامُ صلاحه

ما سنَّ فيهم ذو الجلال حدودا

لله منجبةٌ ولدتَ بحجرها

كانَ التقى في حجرها مولودا

لا تغتذي بغذا الجنين نزاهةً

لكن غذيت الشكرَ والتحميدا

وبرزت والدنيا جميعاً مجهلٌ

علماً جلا منها الغواشي السودا

وغدتْ وكانت عاقراً أمُّ الندى

لمَّا تطرَّقها نداك ولودا

تنميك من سلف المعالي أسرةٌ

غلبوا على الشرف الكرام الصيدا

من كل معصوم البصيرة لم يزلْ

منه الرداءُ على التقى معقودا

لم يرتفعْ لك بيتُ مكرمةٍ لهم

إلاَّ وكان له أخوك عمودا

شهدتْ صفات أبي الأمين بأنه

فضُلَ البريَّة سيداً ومسودا

وأحله حيثُ استحقَّ من العلى

حسبٌ على الأحساب نال مزيدا

بذلَ السماحَ بذا الزمان وإنه

لأعزُّ من بيض الأنوق وجودا

وعلى حياض سماحه اختلف الورى

شرقاً وغرباً مصدراً وورودا

يزداد منهلُ عرفه فيضاً إذا

جفَّتْ ضروعُ الغاديات جمودا

ما إن غدا في العرف مبدأ غايةٍ

إلاَّ لها ابنُ أخيه كانَ معيدا

ليس الحيا الوسميُّ من جدوى محم

دٍ الرضا في المحلِ أنضر عودا

قد جاورتْ مغناهُ دجلة فاغتدى

بندى يديه ماؤها ممدودا

والبحر من يُمسي ويصبح جاره

لا بد أنْ يمتاح منه الجودا

جذلان يشرق للسماحة كلما

دفع الظلامُ له الركابَ وفودا

يسترشدون بنور أبلجَ إنْ خبا

ضوءُ النجوم يزد سناه وقودا

بأغرَّ يغلب وجهه شمس الضحى

بضيائه حتَّى تموت خمودا

ما المجد منتحلٌ لديه وإنما

ولدته أمُّ المكرمات مجيدا

قد حلَّقتْ فيه لأرفع رتبةٍ

هممٌ تناهتْ في العلوِّ صعودا

وحوتْ له النفسُ الكريمة سؤدداً

أمسى بناصية السهى معقودا

فإذا عقود المجد فُصِّل نظمُها

كانت مناقبه لهنَّ فريدا

هو شمس أفق المكرمات وبدرها ال

هادي لمن أمسى يجوب البيدا

ورث السماحة من خضمِّ سماحةٍ

فغدا بمجموع الفخار وحيدا

ذا الشبلُ من ذاك الهزبر وإنما

تلد الأسودُ الضاريات أسودا

يا من تعذَّر أن يحيط بوصفهم

نظمٌ ولو ملأ الزمان قصيدا

والجامعين المكرمات بوفرهم

مذ أكثروا في شمله التبديدا

ولهم بأندية العلاء إذا بدوا

تهوى الأعاظم ركَّعاً وسجودا

أهدتْ لجيد علاكم ابنةُ فكرتي

درر الثناء قلائداً وعقودا

جُليتْ محاسنها عليكم فاجتلوا

منها لمجدكم كعاباً رودا

هي نثرةٌ تضفوا على أحسابكم

زُغفٌ خلفتُ بنسجها داوودا

قد خلَّدت لكم الثناء وسؤلها

إنَّ الثناء لكم يدوم خلودا

فبقيتمُ في غبطةٍ من ربِّكم

لكنْ بقاءً لم يكن محدودا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن حيدر الحلي

avatar

حيدر الحلي حساب موثق

العراق

poet-haidar-alheli@

283

قصيدة

471

متابعين

حيدر بن سليمان بن داود الحلي الحسيني. شاعر أهل البيت في العراق. مولده ووفاته في الحلة، ودفن في النجف. مات أبوه وهو طفل فنشأ في حجر عمه مهدي بن داود. ...

المزيد عن حيدر الحلي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة