الديوان » العصر المملوكي » ابن أبي حصينة » همو ضمنوا الوفاء فحين بانوا

عدد الابيات : 51

طباعة

هُمُو ضَمِنُوا الوَفاءَ فَحينَ بانُوا

يَئِسنا أَن يَصِحَّ لَهُم ضَمانُ

وَهُم سَنُّوا خِيانَةَ كُلِّ حِبٍّ

فَكَيفَ عَجِبتَ مِنهُم حينَ خانُوا

طَلَبنا مِنهُمُ نَيلاً وَفَضلاً

وَغَيرُ النَيلِ يُحسِنُهُ الحِسانُ

فَما ضَرَّ الأَحِبَّةَ لَو أَعانُوا

مُحِبَّهُمُ وَمَنزِلُهُم معانُ

ذَكَرنا الشِعبَ فَاِنشَعَبُوا فَلَمّا

تَفاءَلنا بِذِكرِ البانِ بانُوا

لَقَد ظَفِرُوا فَما أَبقَوا عَلَينا

وَهَل يُبقي إِذا ظَفِرَ الجَبانُ

هُوِيناهُم فَقَد هُنّا عَلَيهِم

وَمُذ خُلِقَ الهَوى خُلِقَ الهَوانُ

رَعى اللَهُ الأَحِبَّةَ كَيفَ كُنّا

عَلى ما يَفعَلونَ وَكَيفَ كانُوا

إِذا نَزَلُوا رِعانَ البِشرِ قُلنا

سُقيتِ الغَيثَ أَيَّتُها الرِعانُ

وَجادَ ثَراكِ مُنهَمِرُ العَزَالي

كَأَنَّ البَرقَ في طَرَفَيهِ جانُ

تَكَشَّفَتِ الغَمامَةُ عَن سَناهُ

كَما كَشَفَت عَنِ الراحِ الدِنانُ

وَرُدَّ الجَوُّ مَصبوغَ النَواحي

كَما صَبَغَ الإِهابَ الزَعفَرانُ

يَقومُ لَهُ وَجُنحُ اللَيلِ داجٍ

خَطيبٌ ما لِمَنطِقِهِ بَيانُ

يُهَدهِدُ وَالنُجومُ مُغَوِّراتٌ

كَما ضَرَبَت مَزاهِرَها القِيانُ

إِذا ما ضَجَّ ثَجَّ الماءُ حَتّى

تَدَبَّجَ بِالرِياضِ الصَحصَحانُ

كَأَنَّ الحَيّ فارَقَه فَشابَت

لِفُرقَتِهُ مِنَ النورِ القُنانُ

وَأَصبَحَ كُلَّما بَكتِ الغَوادي

تَبَسَّمَ في رُباه الأُقحَوانُ

تَرى النُوّارُ يَرشَحُ ما سَقاهُ

كَما رَشَحَت وَدائِعَها الشِنانُ

إِذا هَبَّت بِمَنبِتِهِ النَعامى

تَأَرَّجَتِ الأَباطِحُ وَالمِتانُ

تَظَلُّ الحُقبُ عاكِفَةً عَلَيهِ

إِذا أَلوى لَهُنَّ الصِلِيانُ

وَطارَ مَعَ الصِفارِ بِكُلِّ فَجٍّ

بَقِيَّةُ ما اِكتَساهُ الأَيهَقانُ

وَمَرتٍ تَكذِبُ الأَبصارُ فيهِ

وَيَصدقُ ما يُحَدِّثُكَ الجَنانُ

تَبيتُ بِهِ الصِلالُ مُلفّفاتٍ

كَأَنَّ مُتونَهُنَّ الخَيزُرانُ

إِذا الحِرباءُ تَركَبُ مِنبَرَيهِ

كَما رَكِبَ اليَفاعَ الدَيدَبان

قَطَعتُ وَمِثلُ بَطنِ العَودِ فيهِ

مِنَ السِبتِ النَسائعُ وَالبِطانُ

بِعَودٍ لا يَزالُ يُهانُ حَتّى

يُناخَ بِمُدرِكِيٍّ لا يُهانُ

تَدينُ لَهُ المُلوكُ بِكُلِّ أَرضٍ

وَيَأبى أَن يَدينَ فَلا يُدانُ

سَقَت يَدُهُ العَنانَ فَكادَ يُجنى

وَيَحيي مِن نَدى يَدِهِ العِنانُ

تُنَحَّرُ في وَقائِعِهِ الأَعادي

وَتُنحَرُ في مَكارِمِهِ الهِجانُ

فَسَفكُ دَمٍ يَثورُ لَهُ عَجاجٌ

وَسَفكُ دَمٍ يَثورُ لَهُ دُخانُ

نَرى مِنهُ وَنَسمَعُ عَن سِواهُ

فَيُغنِينا عَنِ الخَبَرِ العِيانُ

ثَقيلُ الحِلم يَحمِلُ كُلَّ ثِقلٍ

فَنَعجَبُ كَيفَ يَحملُهُ الحِصانُ

يَكادُ الطِرفُ يَشكو ما عَلَيهِ

إِلَيهِ لَو يُطاوِعُهُ اللِسانُ

إِذا شَهِدَ الطِعانَ بِهِ ثَناهُ

وَقَد أَدمى ضَلِيَعيهِ الطِعانُ

بِحَيثُ تَرى الرِماحَ مُحَكَّماتٍ

كَأَنَّ خِطامَهُنَّ الأُرجُوانُ

إِذا طَعَنَ المُدَجَّجُ في قِراه

قرا ما في ضَمائِرِهِ السِنانُ

كَأَنَّ الرُمحَ حينَ يُسَلُّ مِنهُ

وِجارٌ سُلّ مِنهُ الأُفعُوانُ

لَقَد أَنسَيتَنا كِسرى وَأَنسى

حَديثَ إِوانِهِ هَذا الإِوانُ

إِذا ما حَلَّ شَخصُكَ في مَكامٍ

تَهَلَّلَ مِن تَهَلُّلكَ المَكانُ

وَلَمّا زادَ شَأَنُكَ في المَعالي

غَدا لِلشِعرِ وَالشُعَراءِ شانُ

لَئِن رُفِعوا لَقَد نَفَعوا وَلَولا

سُلوكُ العِقدِ ما اِنتَظَمَ الجُمانُ

إِذا صاغُوا مَديحاً فيكَ بَرّوا

وَإِن مالوا بِمَدحٍ عَنكَ مالوا

لَقَد لَيَّنتَ لي عودَ اللَيالي

فَأَبكَتني مِن العَيشِ الليانُ

وَأَغناني نَداكَ عَنِ البَرايا

فَوَجهي عَن سُؤالِهِمُ يُصانُ

إِذا ما جَلّ قَدرُكَ جَلَّ قَدري

وَلَولا الكَفُّ ما شَرُفَ البَنانُ

يَرُدُّ القائِلونَ إِلَيكَ قَولِي

كَما رَدَّ الكَلامَ التُرجُمانُ

وَلَو أَنّي شَكَرتُكَ كُلَّ شُكرٍ

لَما اِستَقصَيتُ ما ضَمِن الجَنانُ

وَلَو حَمّلتَني رُكنَي أَبانٍ

لَأَثقَلَني جَميلُكَ لا أَبانُ

هَناكَ العيدُ يا مَن كُلُّ عِيدٍ

بِهِ وَبِحُسنِ دَولَتِهِ يُزانُ

وَعِشتَ مِنَ الحَوادِثِ في أَمانٍ

فَأَنتَ منَ الحَوادِثِ لي أَمانُ

لَقَد حَسُنَ الزَمانُ وَأَنتَ فيهِ

وَلَولا أَنتَ ما حَسُنَ الزَمانُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن أبي حصينة

avatar

ابن أبي حصينة حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Ibn-abi-Hussaynah@

132

قصيدة

16

متابعين

(388-457 هـ/998-1065م) الحسن بن عبد الله بن أحمد بن عبد الجبار بن أبي حصينة أبو الفتح الشامي. شاعر من الأمراء ولد ونشأ في معرة النعمان بسورية انقطع إلى دولة بني ...

المزيد عن ابن أبي حصينة

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة