الديوان » العصر المملوكي » ابن أبي حصينة » لو أن من سأل الطلول يجاب

عدد الابيات : 49

طباعة

لَو أَنَّ مَن سَأَلَ الطُلولَ يُجابُ

لَسَأَلتُ رَسمَ الدارِ وَهوَ يَبابُ

عَن مُزنَةٍ وَعَنِ الرَبابِ سَقاهُما

وَسَقى المَنازِلَ مُزنَةٌ وَرَبابُ

سُلَمِيَّتَين سَمِيَّتينِ نَماهُما

فَرعٌ لآلِ مُطَرِّفٍ وَنِصابُ

عَلِقَ الفُؤادُ هَواهُما وَزَواهُما

عَنهُ الفِراقُ وَشاحجٌ نَعّابُ

أَمَنازِلَ الأَحبابِ ما صَنَعَ البِلى

بِكِ مِثلَ ما صَنَعَت بِنا الأَحبابُ

نجلُ العُيونِ وَعُودُهُنَّ كَواذِبٌ

وَفِعالُهُنَّ خَديعَةٌ وَخِلاب

مِن كُلّ واضِحَة الجَبينِ كَأَنَّها

قَمَرٌ تَكَشَّفَ عَن سَناهُ حِجابُ

مُتَقابِلاتٌ لِلزِيارَةِ في الدُجى

خَفَراً كَما تَتَقابَلُ الأَسرابُ

وَلَهُنَّ عَتبٌ بَينَهُنَّ كَأَنَّهُ

عَسَلٌ يُقَطِّرُهُ السُقاةُ مُذابُ

يا صاحَبيَّ ذَرا العِتابَ فَذَوُ الهَوى

صَعبٌ عَلَيهِ قَطيعَةٌ وَعِتابُ

صَرَمَت أُمامَةُ حَبلَهُ وَانتابَهُ

بَعدَ الرُقادِ خَيالُها المُنتابُ

زارَت وَلَم تَكُنِ الزِيارَةُ عادَةً

إِنّي بِزَورَةِ طَيفِها مُرتابُ

يا طَيفُ كَيفَ سَخَت بِكَ ابنَةُ مالِكٍ

وَالصُبحُ نَصلٌ وَالظَلامُ قِرابُ

وَالجَوُّ مُشتَبِكُ النُجومِ كَأَنَّهُ

كَأسٌ عَلاهُ مِنَ المِزاجِ حَبابُ

مِن حَولِ بَدرٍ في السَماءِ كَأَنَّهُ

وَجهُ المُعِزِّ وَحَولَهُ الأَصحابُ

مَلِكٌ عَلَيهِ مِنَ المَحامِدِ حُلَّةٌ

وَمِنَ التُقى دُونَ الثِيابِ ثِيابُ

حُلوُ الشَمائِلِ عَذبَةٌ أَخلاقُهُ

وَكَذاكَ أَخلاقُ الكِرامِ عِذابُ

لا عَيبَ فيهِ سِوى السَخاءِ فَلَيتَهُ

يَبقى وَيَبقى بِالسَخاءِ يُعابُ

وَتَراهُ سَهلاً وَهوَ إِن خاشَنتَهُ

خَشِنُ العَريكَةِ يُتَّقى وَيُهابُ

لا تُغرَرَنَّ بِهِ فَتَحتَ قَميصِهِ

لِلكَيدِ أَرقَمُ ضالَةٍ مُنسابُ

لِلّهِ دَرُّ المُدرِكِيِّ فَإِنَّهُ

لِلحَمدِ مُنذُ عَرَفتُهُ كَسّابُ

لا حامِلاً حِقداً وَلا مُتَطَلِّباً

عَتباً لِصاحِبِهِ وَلا مُغتابُ

يا واهِبَ الدُنيا لِأَيسَرِ طالِبٍ

ما خابَ مِنكَ وَلا يَخيِبُ طِلابُ

دارُ المَعُونَةِ دِمنَةٌ مَدروسَةٌ

لِلناسِ فيها جِيئَةٌ وَذَهابُ

أَنعِم عَلَيَّ بِها لِعَشرَةِ صِبيَةٍ

هِبَةً فَأَنتَ المُنعِمُ الوَهّابُ

فهُم عَبيدُكَ لا أَخافُ عَلَيهِمُ

ظَمَأً وَبَحرُكَ زاخِرٌ عَبّابُ

وَاِفعَل كَما فَعَلَ الخَليفَةُ جَعفَرٌ

بِالبُحتُرِيِّ وَرَهطُهُ الأَنجابُ

أَقناهُمُ مالا يَبيدُ وَقابَلوا

ذاكَ الفَعالَ بِمِثلِهِ فَأَصابُوا

وَنَداكَ أَوسَعُ وَالَّذي أَنا قائِلٌ

أَبقى وَمالُكَ لِلعُفاةِ نِهابُ

وَلَقَد سَأَلتَكَ واثِقاً بِكَ إِنَّني

أَدعُوكَ عِندَ مَطالِبي فَأُجابُ

يابنَ الكِرامِ وَلَو سَأَلتُكَ عامِراً

لَوَهَبتَنيهِ فَكَيفَ وَهوَ خَرابُ

وَبِكُلِّ فَضلٍ مِن يَمينكَ طالِبٌ

وَلَرُبَّما تَتَفاضَلُ الطُلّابُ

وَأَنا الحَقيقُ وَلَو سَأَلتُ مَشَقَّةً

وَالخَيرُ عِندَ الخيِّرينَ يُصابُ

أَغنى عَلَيّاً صالِحٌ بِنَوالِهِ

قِدماً وَأَغنى قاسِماً وَثّابُ

وَمُفَضَّلٌ سَبَغَت عَلَيهِ لِفاتِكٍ

دُونَ المُلوكِ مَواهِبٌ وَرِغابُ

لَم يَترُكُوا لَهُمُ كَما أَنا تارِكٌ

لَكَ بَعدَ ما تَتَطاوَلُ الأَحقابُ

حَمداً كَحاشِيَةِ الرِداءِ مُحبَّراً

لا الحَضرُ تُحسِنُهُ وَلا الأَعرابُ

ما كُلُّ مَن صاغَ الكَلامَ بِماهِرٍ

فيهِ وَلا كُلُّ الجِيادِ عِرابُ

وَمِن النَباتِ ذَوابِلٌ وَمَعابِلٌ

وَمِنَ الحَديدِ أَخِلَّةٌ وَحِرابُ

تَفديكَ رُوحُ فَتىً تَبَسَّمَ رَوضُهُ

مِمّا سَقاهُ غَمامُكَ السَكّابُ

مِن بَعدِ ما قاسى الخُمولَ وَداسَهُ

دَوسَ الهَشيمِ زَمانُهُ اللعّابُ

كَم شاعِرٍ طَلَبَ العُلى فَتَقَطّعَت

مِن دُون مَطلَبِهِ بِهِ الأَسبابُ

غَيري فَإِني مُذ أَتَيتُكَ قاصِداً

ما اِستَدّ دُوني لِلفَوائِدِ بابُ

لي مِنكَ في خِصبِ الزَمانِ وَجَدبِهِ

مَرعىً أَغَنُّ وَرَوضَةٌ مِعشابُ

فَلأَشكُرَنَّكَ ما حَيِيتُ وَإِن أَمُت

شَكَرَتكَ بَعدَ بَنيّها الآدابُ

وَإَلَيكَ مُحكَمَةً إِذا هِيَ أُبرِزَت

خَطَبَت إِلى أَخَواتِها الخُطّابُ

تَسري كَما تَسري النُجومُ وَيَهتَدي

رَكبٌ بِساطِعِ نُورِها وَرِكابُ

وَلَها إِذا هَرِمَ الزَمانُ وَأَهلُهُ

عُمرٌ كَعُمرِكَ دائِمٌ وَشَبابُ

فَثَوابُها ما قَد عَلِمتَ وَرُبَّما

يَأتيكَ مِن دونِ الثَوابِ ثَوابُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن أبي حصينة

avatar

ابن أبي حصينة حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Ibn-abi-Hussaynah@

132

قصيدة

16

متابعين

(388-457 هـ/998-1065م) الحسن بن عبد الله بن أحمد بن عبد الجبار بن أبي حصينة أبو الفتح الشامي. شاعر من الأمراء ولد ونشأ في معرة النعمان بسورية انقطع إلى دولة بني ...

المزيد عن ابن أبي حصينة

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة