الديوان » العصر المملوكي » ابن أبي حصينة » لا تحسبي شيب رأسي أنه هرم

عدد الابيات : 40

طباعة

لا تَحسَبي شَيبَ رَأسي أَنَّهُ هَرَمُ

وَإِنَّما أَبيَضَّ لَمّا اِبيَضَّتِ اللِمَمُ

وَلا تَظُنّي نُحولَ الجِسمِ مِن أَلَمٍ

فَالهَمُّ يَفعَلُ مالا يَفعَلُ الأَلَمُ

كَتَمتُ حُبَّكِ دَهراً ثُمَ بُحتُ بِهِ

وَسِرُّ كُلِّ مُحِبٍّ لَيسَ يَنكَتِمُ

عَذَّبتُمُ بِالهَوى قَلبي وَلا عَجَباً

أَن شَرَّقَ الماءُ وَهوَ البارِدُ الشَبمُ

وَشَفَّ ما في ضَميري مِن مَحبَّتِكُم

وَإِنَّما شَفَّ لَمّا شَفَّني السَقَمُ

ضِنّي بِوَصلِكِ أَو مُنّي عَليَّ بِهِ

فَواحِدٌ عِنديَ الوِجدانُ وَالعَدَمُ

ما أَقبَحَ العِرضَ مَدنُوساً بِفاحِشَةٍ

يَخُطُّها اللَوحُ أَو يَجري بِها القَلَمُ

وَالحُسنُ لا حُسنَ في وَجهٍ تَأَمَّلُهُ

إِن لَم تَكُن مِثلَهُ الأَخلاقُ وَالشِيَمُ

وَلِلشَبِيبَةِ بُنيانٌ تُكَمِّلُهُ

لَكَ الثَلاثونَ عاماً ثُمَّ يَنهَدِمُ

وَمَن يَكُن بِأَبي العُلوان مُعتَصِماً

فَإِنَّهُ بِحِبالِ اللَهِ مُعتَصِمُ

مُبارَكُ الوَجهِ صاغَ اللَهُ طِينَتَهُ

مِن طينَةٍ مِنها الجُودُ وَالكَرَمُ

تُريكَ هَضبَ هُمامٍ في حِجى مَلِكٍ

مِن آلِ مِرداسَ في عِرنينهِ شَمَمُ

أَغنى الجَزيرَةَ لَمّا أَن أَقامَ بِها

عَن أَن تُشامَ لَها الأَنواءُ وَالدِيَمُ

وَأَمَّنَ اللَهُ أَهلَ الرقَّتينِ بِهِ

أَن يَستَبِدّ بِهِم ظُلمٌ وَلا ظُلَمُ

جَنابُهُ لَهُمُ رِيفٌ وَجانِبُهُ

مِنَ المُلِمِّ الَّذي يَخشونَهُ حَرَمُ

ظَنَّ الأَعادي بِهِ ظَنّاً فَأَخلَفَهُ

لَمّا اِلتَقوا وَعُبابُ الظُلمِ يَلتَطِمُ

رَماهُمُ بِليوثٍ لَو رَمى بِهِمُ

دَعائِمَ الطَودِ لَم تَثبُت لَها دَعَمُ

وَفِتيَةٍ كَاللُيوثِ الغُلبِ لَيسَ لَهُم

إِلّا السَنَوَّر أَغيالٌ وَلا أَجَمُ

شابَت نَواصي الوَغى مِنهُم فَهُم عَجَمٌ

وَعُودُهُم غَيرُ خوّارٍ إِذا عُجِمُوا

مِن حَولِ أَروَعَ تُغنيهِم مَهابَتُهُ

عَنِ السُيوفِ الَّتي أَغمادُها القِمَمُ

حَتّى إِذا اِشتَجَرَ الخَطّيُّ بَينَهُمُ

تَبَيَّنَ القَومُ أَيُّ الحاضِرينَ هُمُ

في مَأزِقٍ زُوِّقَ المَوتُ الذُعافُ بِهِ

وَشابَتِ العُذرُ مِمّا تَنفُضُ اللُجُمُ

لَو كانَ غَيرُ اِبنِ فَخرِ المُلكِ حارَبَهُم

لَم يَنهَهُ عَنهُمُ قُربى وَلا رَحِمُ

وَإِنَّما حارَبُوا قَرماً يَعُوذُ بِهِ

خِيَمٌ كَريمٌ وَلَحمٌ طَيِّبٌ وَدَمُ

وَآلُ مِرداسَ خَيرُ الناسِ إِن رَحَلوا

وَإِن أَقامُوا وَإِن أَثَروا وَإِن عَدِمُوا

لا يَبخَلونَ بِمَعروفٍ إِذا سُئِلوا

وَلا يَخِفُّونَ عَن حِلمٍ إِذا نَقِمُوا

تَعَلَّموا كُلَّ فَضلٍ مِن نُفوسِهِمِ

فَما يُزادونَ عِلماً فَوقَ ما عَلِمُوا

لَو شاهَدَ اِبنُ أَبي سُلمى مَكارِمَهُ

لَكانَ غَيرَ كَريمٍ عِندَهُ هَرِمُ

وَلَو رَأَى حاتمُ الطائِيُّ فَضلَهُمُ

لَقالَ مِن آلِ مِرداسٍ بَدا الكَرَمُ

يُصَغِّرونَ عَظيماً مِن مَحَلِّهِم

فَكُلَّما صَغَّرُوا مِن قَدرِهِم عَظُمُوا

سَمادِعٌ شَيَّعوا ذِكري بِذِكرِهِمُ

فَصرتُ أُعرَفُ بِالوَسمِ الَّذي وَسَمُوا

يا مَن يُحَمِّلُّ مِن شُكري لِنِعمَتِهِ

حِملاً تُحمِّلُ مِثلي مَثلَهُ الأُمَمُ

إِنّي وَزَنت بِكَ الأَملاكَ قاطِبَةً

فَما وَفى بِكَ لا عُربٌ وَلا عَجَمُ

ما صَحَّ مَذهَبُ أَهلِ النَسخِ عِندَهُمُ

إِلّا بِأَنَّكَ أَنتَ الناسُ كُلُّهُمُ

جَمَعتَ ما في جَميعِ الناسِ مِن كَرَمٍ

فَالفَضلُ عِندَكَ مَجموعٌ وَمُقتَسَمُ

أَفدي بِنَفسي نَفيسَ النَفسِ عادَتُهُ

أَن لا يُذَمَّ لَهُ فِعلٌ وَلا ذِمَمُ

أَزُورُهُ وَبِوُدّي لَو مَشى بَصَري

عَنّي وَلَم يَمشِ لي ساقٌ وَلا قَدَمُ

وَلَو قَدِرتُ لَما زارَت مُقَفِّلَةً

إِلّا بِخَدّي إِلَيهِ الوُخد الرُسُمُ

كَرامَةً لِكَريمِ الخيمِ ما كَبُرَت

إِلّا لَهُ عِنديَ الآلاءُ وَالنِعَمُ

فَسَوفَ أَشكُرُهُ حَيّاً وَتَشكُرُهُ

عَنّي إِذا ما ثَوَيتُ الأَعظُمُ الرِمَمُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن أبي حصينة

avatar

ابن أبي حصينة حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Ibn-abi-Hussaynah@

132

قصيدة

15

متابعين

(388-457 هـ/998-1065م) الحسن بن عبد الله بن أحمد بن عبد الجبار بن أبي حصينة أبو الفتح الشامي. شاعر من الأمراء ولد ونشأ في معرة النعمان بسورية انقطع إلى دولة بني ...

المزيد عن ابن أبي حصينة

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة