[B]أ.[/B]
في دِمَشْقَ ,
تطيرُ الحماماتُ
خَلْفَ سِياجِ الحريرِ
اُثْنَتَيْنِ....
اُثْنَتَيْنِ....
[B]ب.[/B]
في دِمَشْقَ ,
أَرى لُغَتي كُلَّها
على حبَّة القَمْحِ مكتوبةً
بإبرة أُنثى ,
يُنَقِّحُها حَجَلُ الرافِدَيْن
[B]ت.[/B]
في دِمَشْقَ ,
تُطَرَّزُ أَسماءُ خَيْلِ العَرَبْ ,
مِنَ الجاهليَّةِ
حتى القيامةِ ,
أَو بَعْدها ,
....بخُيُوطِ الذَهَبْ
[B]ث.[/B]
في دِمَشْقَ:
تسيرُ السماءُ
على الطُرُقات القديمةِ
حافيةً , حافيةْ
فما حاجةُ الشُعَراءِ
إلى الوَحْيِ
والوَزْنِ
والقافِيَةْ ؟
[B]ج.[/B]
في دِمَشْقَ ,
ينامُ الغريبُ
على ظلّه واقفاً
مثل مِئْذَنَةٍ في سرير الأَبد
لا يَحنُّ إلى بَلدٍ
أَو أَحَدْ...
[B]ح.[/B]
في دِمَشْقَ ,
يُواصل فِعْلُ المُضَارِع
أَشغالَهُ الأُمويَّةَ:
نمشي إلى غَدِنا واثِقِينَ
من الشمس في أَمسنا.
نحن والأَبديَّةُ ,
سُكَّانُ هذا البَلَدْ!
[B]د.[/B]
في دِمَشْقَ ,
يُقَطِّعُ يوسُفُ ,
بالنايَ ,
أَضْلُعَهُ
لا لشيءٍ ,
سوى أَنَّهُ
لم يَجِدْ قلبَهُ مَعَهُ
[B]ذ.[/B]
في دِمَشْقَ ,
يَعُودُ الكلامُ إلى أَصلِهِ ,
اُلماءِ:
لا الشِعْرُ شِعْرٌ
ولا النَثْرُ نَثْرٌ
وأَنتِ تقولين : لن أَدَعَكْ
فخُذْني إليك
وخُذْني مَعَكْ !
[B]ر.[/B]
في دِمَشْقَ ,
ينامُ غزالٌ
إلى جانب اُمرأةٍ
في سرير الندى
فتخلَعُ فُسْتَانَها
وتُغَطِّي بِهِ بَرَدَى !
[B]ز.[/B]
في دِمَشْقَ ,
تُنَقِّرُ عُصْفْورَةٌ
ما تركتُ من القمحِ
فوق يدي
وتتركُ لي حَبَّةً
لتُريني غداً
غَدِي!
[B]س.[/B]
في دِمَشْقَ ,
تدَاعِبُني الياسمينةُ :
لا تَبْتَعِدْ
واُمشِ في أَثَري
فَتَغارُ الحديقةُ :
لا تقتربْ
من دَمِ الليل في قَمَري
[B]ش.[/B]
في دِمَشْقَ ,
أُسامِرُ حُلْمي الخفيفَ
على زَهْرة اللوزِ يضحَكُ :
كُنْ واقعياً
لأُزهرَ ثانيةً
حول ماءِ اُسمها
وكُنْ واقعيّاً
لأعبر في حُلْمها !
[B]ص.[/B]
في دِمَشْقَ ,
أُعرِّفُ نفسي
على نفسها :
هنا , تحت عَيْنَيْن لوزيِّتَيْن
نطيرُ معاً تَوْأَمَيْن
ونرجئ ماضِينَا المشتركْ
[B]ض.[/B]
في دِمَشْقَ ,
يرقُّ الكلامُ
فأسمع صَوْتَ دمٍ
في عُرُوق الرخام :
اُخْتَطِفْني مِنَ اُبني
تقولُ السجينةُ لي
أَو تحجَّرْ معي !
[B]ط.[/B]
في دِمَشْقَ :
أَعدُّ ضُلُوعي
وأُرْجِعُ قلبي إلى خَبَبِهْ
لعلِّ التي أَدْخَلَتْني
إلى ظِلِّها
قَتَلَتْني,
ولم أَنْتَبِهْ...
[B]ظ.[/B]
في دِمَشْقَ ,
تُعيدُ الغريبةُ هَوْدَجَها
إلى القافِلَةْ :
لن أَعودَ إلى خيمتي
لن أُعلِّقَ جيتارتي ,
بَعْدَ هذا المساءِ ,
على تينة العائلةْ...
[B]ع.[/B]
في دِمَشْقَ ,
تَشِفُّ القصائدُ
لا هِيَ حِسِّيَّةٌ
ولا هِيَ ذهْنيَّةٌ
إنَّها ما يقولُ الصدى
للصدى...
[B]غ.[/B]
في دِمَشْقَ ,
تجفُّ السحابةُ عصراً ,
فتحفُرُ بئراً
لصيف المحبِّينَ في سَفْح قاسْيُون ,
والنايُ يُكْملُ عاداته
في الحنين إلى ما هُوَ الآن فيه ,
ويبكي سدى
[B]ف.[/B]
في دِمَشْقَ ,
أُدوِّنُ في دفْتَرِ اُمرأةٍ :
كُلُّ ما فيكِ
من نَرْجسٍ
يَشْتَهيكِ
ولا سُورَ حَوْلَكِ, يحميكِ
مِنْ ليل فِتْنَتِكِ الزائدةْ
[B]ق.[/B]
في دِمَشْقَ’
أَرى كيف ينقُصُ ليلُ دِمَشْقَ
رويداً رويداً
وكيف تزيدُ إلهاتُنا
واحدةْ!
[B]ك.[/B]
في دِمَشْقَ ,
يغني المسافر في سرِّه :
لا أَعودُ من الشام
حياً
ولا ميتاً
بل سحاباً
يخفِّفُ عبءَ الفراشة
عن روحِيَ الشاردةْ
محمود درويش (1942–2008)
يُعد محمود درويش أحد أعمدة الشعر العربي المعاصر، ورمزًا من رموز المقاومة الفلسطينية. اقترن اسمه بشعر الثورة، وارتبطت كلماته بحلم الوطن المسلوب، حتى غدا صوته لسان حال الفلسطينيين ...