الديوان » فلسطين » محمود درويش » أرض الغريبة/أرض السكينة

فيَّ , مثلكِ , أَرضٌ على حافَّةِ الأرضِ

مأهُولَةٌ بكِ أَو بغيابكِ . لا أَعرفُ
الأُغنيات التي تْجهَشين بها , وأَنا سائرٌ
في ضبابكِ . فلتَكُنِ الأَرضُ ما
تومئين إليه .... وما تفعلينَهْ

جنوبيَّةٌ ,
لا تكفُّ عن الدَوَران على نفسها
وعليك . لها موعدانِ قصيرانِ حول
السماء: شتاءٌ وصَيْفٌ. وأَمَّا الربيعُ
وأَطوارُهُ , فَهْوَ شَأنُكِ وَحْدَكِ .
قُومي إلى أَيَّةِ اُمرأةٍ فيك تنتشرِ
المرغريتا على كُلّ نافِذَةٍ المدينهْ

مثل صَيْفِ الأمير الصغير . وأَمَّا
الخريفُ وتأويلُهُ ذَهَباً مُتْعَباً , فهو
شأني أَنا حين أُطْعِمُ طَيْرَ الكنائسِ
خُبْزي . وأَنسى وأَنتِ تسرين بين
التماثيل حريَّةَ الحَجرَ المرمرِيّ , وأَتْبَعُ
رائحة المندرينهْ
مسافرةٌ ,
حول صُورَتها في مراياكِ : ((لا
أُمَّ لي يا اُبْنَتي فَلِدِيني هنا))
هكذا تَضَعُ الأرضَ سرّها ,
وتُزوِّجُ أُنثى إلى ذَكَر . فخذيني
إليها إليك إليَّ . هُنَاكَ هُنا . داخلي
خارجي . وخُذيني لتَسْكُنَ نفسي
إليكِ’ وأَسْكُنَ أَرضَ السكينهْ

سَمَاوِيَّةٌ ,
لَيْس لِي ما أَقولُ عن الأرض فيكِ
سوى ما تقولُ الغريبُ : سَمَاويَّةٌ....
رُبَّما يخطئ الغُرَباءُ بلفظِ حُروفٍ آراميَّةٍ.
رُبَّما يَصْنعُون إلهَتَهُمْ من مَوَادَّ
بدائيَّةٍ وَجدوها على ضفَّة النهر ,
لكنهُم يُتْقِنُونَ الغناءَ : سماويَّةٌ
هذِهِ الأرضُ مِثْلُ سَحَابٍ خَفيفٍ

تَبَخَّرَ من ياسمينهْ
مجازيَّةٌ ,
كالقصيدةِ قبل الكتابةِ : ((لا أَبَ
لي يا بُنَيَّ فَلِدْني)) تقولُ لِيِ الأرضُ
حين أَمرُّ خفيفاً على الأرض , في
لَيْل بِلَّوْرِكِ التلالىء بين الفراشات .
لا دَمَ فوق المحاريثِ . عُذْرِيَّةٌ تتجدَّدُ
لا اُسمَ لما ينبغي أن تكون عليه
الحياةُ سوى ما صَنَعْتِ بروحي وما تصنعينه...

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمود درويش

avatar

محمود درويش حساب موثق

فلسطين

poet-mahmoud-darwish@

508

قصيدة

2

الاقتباسات

3714

متابعين

محمود درويش (1942–2008) يُعد محمود درويش أحد أعمدة الشعر العربي المعاصر، ورمزًا من رموز المقاومة الفلسطينية. اقترن اسمه بشعر الثورة، وارتبطت كلماته بحلم الوطن المسلوب، حتى غدا صوته لسان حال الفلسطينيين ...

المزيد عن محمود درويش

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة