مساءاً , على نَمَش الضوء ما بين
نهديك , يقتربُ الأُمسُ والغدُ مَنَّي .
وُجِدْتُ كما ينبغي للقصيدة أَن تُوَجَدَ....
اُلليلُ يُولَدُ تحت لِحَافِك , والظلُّ
مُرْتَبِكٌ هنا وهنالك بين ضفافك
والكلماتِ التي أَرْجَعَتْنا إلى نَبْرِها :
((وضعتُ يميني على شَعْرها
وشِمالي على شادِنَيْ ظَبْيَةٍ توأمين
وَسِرْنا إلى لَيْلنا الخاصِّ...))
هل أَنتِ حقاً هنا ؟ أَم أَنا
عاشقٌ يتفقَّدُ أَحوالَ ماضِيهِ ؟
نامي على نفسك المطمئنَّةِ بين
زُهُور الملاءات . نامي يداً فوق صدري
وأُخرى على ما سيَنْبُتُ من زَغَبٍ لِفِراخ
اليمامات. نامي كما ينبغي للحديقة من
حولنا أَن تنام... امتلأنا بأَمسِ ,
امتلأنا بوسواس جيتارةٍ لا سرير لها.
يا لها... مِنْ فَتَاةٍ خُلاَسيَّةٍ تبعت ظلَّها .
يا لها ... من هياجٍ يُمزِّقُ ما يتناثر من
وَرَقِ الورد حول السياج . فنامي
على نَفَسي نَفَساً ثانياً قبل أَن يفتح
الأَمسُ نافذتي كُلَّها . ليس لي طائرٌ
وطنيٌّ’ ولا شَجَرٌ وطنيٌ’ ولا زَهْرَةٌ
في حديقة منفاك . لكنني – ونبيذي
يُسافِرُ – أُقاسِمُكِ الغَدَ والأَمس .
لولاك لولا الرذاذُ الذي يتلألأ في نَمَش
الضوء ما بين نهديك , لانحرفتْ لُغتي
عن أُنوثتها. كم أَنا والقصيدة أُمُّك,
واُبناك , نغفو على شَدِنَيْ ظَبْيَةٍ
تَوْأَمَيْن !
محمود درويش (1942–2008)
يُعد محمود درويش أحد أعمدة الشعر العربي المعاصر، ورمزًا من رموز المقاومة الفلسطينية. اقترن اسمه بشعر الثورة، وارتبطت كلماته بحلم الوطن المسلوب، حتى غدا صوته لسان حال الفلسطينيين ...