سَهمُ المَنيّة أَينَ مِنهُ فِرار
مَن في البَريّة مِن رداهُ يُجارُ
حكَمَ الزَّمان عَلى الخَلائِقِ بِالفَنا
فَالدارُ لا يَبقى بِها دَيّارِ
عِش ما تَشاءُ فَإنّ غايَتَك الرَدى
يَبلى الزَمان وَتَذهَب الأَعمارُ

رَأَيتُ الشَيبَ لاحَ فَقُلتُ أَهلاً
وَوَدَّعتُ الغَوايَةَ وَالشَبابا
وَما إِن شِبتُ مِن كِبَرٍ وَلَكِن
رَأَيتُ مِنَ الأَحِبَّةِ ما أَشابا

يا نَفسُ لا يَلهِيَنَّكِ الأَمَلُ
فَرُبَّما أَكذَبَ المُنى الأَجَلُ

وَما فَقَدَ الماضونَ مِثلَ مُحَمَّدٍ
وَلا مِثلُهُ حَتّى القِيامَةِ يُفقَدُ

أَنا مَن ماتَ وَمَن ماتَ أَنا
لَقِيَ المَوتَ كِلانا مَرَّتَين
نَحنُ كُنّا مُهجَةً في بَدَنٍ
ثُمَّ صِرنا مُهجَةً في بَدَنَين

فَمَن يَغتَرُّ بِالدُنيا فَإِنّي
لَبِستُ بِها فَأَبلَيتُ الثِيابا
لَها ضَحِكُ القِيانِ إِلى غَبِيٍّ
وَلي ضَحِكُ اللَبيبِ إِذا تَغابى

أَخوكَ عيسى دَعا مَيتاً فَقامَ لَهُ
وَأَنتَ أَحيَيتَ أَجيالاً مِنَ الزِمَمِ
وَالجَهلُ مَوتٌ فَإِن أوتيتَ مُعجِزَةً
فَاِبعَث مِنَ الجَهلِ أَو فَاِبعَث مِنَ الرَجَمِ

وَلَقَد حَرِصتُ بِأَن أُدافِعَ عَنهُمُ
فَإِذا المَنِيِّةُ أَقبَلَت لا تُدفَعُ
وَإِذا المَنِيَّةُ أَنشَبَت أَظفارَها
أَلفَيتَ كُلَّ تَميمَةٍ لا تَنفَعُ

فَإِن مُتُّ فَاِنعيني بِما أَنا أَهلُهُ
وَشُقّي عَلَيَّ الجَيبَ يا اِبنَةَ مَعبَدِ
وَلا تَجعَليني كَاِمرِئٍ لَيسَ هَمُّهُ
كَهَمّي وَلا يُغني غَنائي وَمَشهَدي

هَجَروا الكَلامَ إِلى الدُموعِ لِأَنَّهُمُ
وَجَدوا البَلاغَةَ كُلَّها في الأَدمُعِ
كَيفَ اِلتَفَتُّ وَسِرتُ لا أَلقى سِوى
مُتَوَجِّعٍ يَشكو إِلى مُتَوَجِّعِ

سُبحانَ مَن لَيسَ مِن شَيءٍ يُعادِلُهُ
إِنَّ الحَريصَ عَلى الدُنيا لَفي تَعَبِ

ذَهَبَ الَّذينَ يُعاشُ في أَكنافِهِم
وَبَقيتُ في خَلفٍ كَجِلدِ الأَجرَبِ
يَتَأَكَّلونَ مَغالَةً وَخِيانَةً
وَيُعابُ قائِلُهُم وَإِن لَم يَشغَبِ

وَالمَوتُ يَرتَصِدُ النُفوسَ وَكُلُّنا
لِلمَوتِ فيهِ وَلِلتُرابِ نَصيبُ
إِن كُنتَ لَستَ تُنيبُ إِن وَثَبَ البِلى
بَل يا أَخي فَمَتى أَراكَ تُنيبُ