هويتُكِ حتى كادَ يمزجَنا الهوى
كمرجِ الحيا والحبِّ في خدِّ عذراءِ
يردُّ عليَّ بعضَ سوادِ قلبي
إذا ما جاءني منه كتابُ
ما كنتُ أرضى وصالاً منكِ عن كثبٍ
فصرتُ أرضى خيالاً منكِ عنْ بُعدِ
كادَت تطير بيَ النسيم إليكمُ
لو لم يكن قيد الحياء محكَّما
قلبي يهيمُ إلى اللِقاءِ تصبُّبا
والجسم ذاب من الصدود تلهُّبا
ولو أن أشواقي إليهنّ سُطّرت
لما وسعتها الكائنات سُطورا
فَالْقَلْبُ يَهْوَى اللِّقَا وَالطَّرْفُ يَشْفَعُهُ
كَيْما يَشَاهِدَ دَوْمًا وَجْهَكَ القَمَرَا
أَلا حبذا عود اللقاءِ فإنهُ
يُعيدُ إِليَّ الروحَ من بعد غيبةِ
أَيا كَوكبَ العلياءِ يا بدر تمَّها
لك اللَه لا تنسي ودادي وخلَّتي
وقال لا تعجبوا قد قيل من قِدَمٍ
قد تعشق الأذن قبل العين أحيانا
لا تَظُنّي الحَربَ تُنسينا الهَوى
إِنَّهُ قَلبي عَلى ما طُبِعا
فَلتَقُم أَو تقعدِ الدُنيا فَلا
يَحصُدُ الشَرَّ سِوى مَن زَرَعا
يا غائِبونَ وَقَلبي في تَذَكُّرِهِم
يَسيلُ دَمعاً وَهُم يَلهونَ سُلوانا
هَل تَذكرونَ عُهوداً لَستُ أَذكُرُها
إِلّا زَفَرتُ وَثارَ الوَجدُ بُركانا
فإذا هجرتَ يعودُ لي سقمي
وإذا وصلتُ برأتُ من سقمي
يانيل قد فاضت دموعي نيلاً
شوقاً لمن بحماك بات نزيلاَ
أضحى بواديك الخصيب منعماً
وببعده جسمي يذوب نحولا
يا نيلُ إن يكُفي رباك مقيلهُ
فلهُ فؤادي قد خصصت مقيلاَ
وأمام عيني لا يزال ممثلاً
في كل آنٍ شخصه تمثيلاَ
قد جدد الشوق الشديد كتابكم
بجوارحي وسرائري وضمائري
فإذا نظرت على الوجود رأيتكم
في كل موجود عيان الخاطر
لِغَير هَواكُم لَم يَمِل لحظَةً قَلبي
وَها هُوَ مَوقوفٌ عَلى شَخصِكُم حُبّي
سكَنتُم سُوَيداء الفُؤاد وَإِنَّهُ
لتنظُركُم عيني عَلى البعد وَالقربِ
فَلَو كانَ لي قَلبانِ عِشتُ بِواحِدٍ
وَخَلَّفتُ قَلباً في هَواكَ يُعَذَّبُ
وَلَكِنَّما أَحيا بِقَلبٍ مُرَوَّعٍ
فَلا العَيشُ يَصفو لي وَلا المَوتُ يَقرُبُ
يَشكُو هَوَاكَ إلى الدموع متيمُ
لَمْ يَبقَ فيهِ للِعَزَاءِ نَسيِسُ
لَولاَ الدمُوعُ تحرقَتْ مَنْ شوقِهِ
يَومَ الَودَاعِ قِبَابُكُم وَالعيِسُ
يَموتُ الهَوى مِنّي إِذا ما لَقيتُها
وَيَحيا إِذا فارَقتُها فَيَعودُ
يَقولونَ جاهِد يا جَميلُ بِغَزوَةٍ
وَأَيَّ جِهادٍ غَيرُهُنَّ أُريدُ