الديوان » سوريا » خليل شيبوب » جلست وجفني جاريات سواكبه

عدد الابيات : 61

طباعة

جلستُ وجفني جارياتٌ سواكبه

إليه أشاكيه السى وأعاتبه

وأسأله عن سائلاتِ مدامعي

وما الدمعُ الأخيرُه ومواهبه

نسيتُ وقد رقَّ الشعورث وعُطِّلت

ثغورُ المنى وانفضَّ ما أنا حاسبه

ومرَّت عوادي الدهر بي فكأَنني

على الدهر ذيلٌ والمنايا سواحبه

مواثيقَ أيامِ الشبابِ الذي مضى

به الدهرُ وهّابُ الشباب وسالبه

نفضتُ يدي إلّا من الشعر إنه

عزائي إذا ما الدهرُ جلَّت نوائبه

أُحلي به الآمالَ ثم أُعيدُها

عرائس يجلوها الهوى وغرائبه

وكنتَ أخا ودّي ودال زماننا

وودك مخطوبٌ وإني خاطبه

فإن عدتُ بعد الهجر فالعودُ أحمدٌ

إليك وأحلى الوصل ما الهجر جالبه

ففيك لقلبِ المستهام استراحةٌ

إذا عثرت آماله ورغائبه

إذا رُتَ كنتَ الروضَ وحفاً نباتُه

تراوحه ريحُ الصبا وتداعبه

تقبله نهباً فتسعده وما

نواسمُ روض الإنس إلا حبائبه

تلاحظك الدنيا لأنك ربها

وحولك ملكٌ مائجاتٌ مواكبه

فيأوي إليكَ البدرُ والشمسُ كلما

أَرابهما الكون الطوال معايبه

ترى نفسها فيكَ السماءُ فتنجلي

مباسمُها والنور غزلٌ ملاعبه

وأَنت ترى فيها جمالك زاهراً

فمن منكما ربُّ الجمال وصاحبه

ولكن إذا ما ثار قلبك حاقداً

عليها وهذا الماءُ جاشت غواربه

زخرتَ كأَن الضاريات زئيرها

علا وصداه من بعيدٍ يجاوبه

وهجتَ وهاج الكونُ حولك ناقماً

يغاصبك الدنيا وأَنت تغاصبه

وأبرق هذا الجوُّ يرسل سخطَه

غيوماً كما أربدت بليلٍ غياهبه

أثار عليكَ الراعدات فأَطبقت

وأَطبقتَ كلٌّ ثائرات كتائبه

نهضتَ بموج كلما كَرَّ كرةً

علا وترامي سيلُه وضرائبه

تشنُّ عليه غارةً إثر غارةٍ

فطوراً تارخيه وطوراً تجاذبه

ونازلته متهزئاً بسيوله

تطاولُه مستبسلاً وتواثبه

فأَتعبتَه حتى استردَّ جيوشه

وعاد وباديه من الذل غائبه

وأرسل هذي الشمسَ تطلبُ هدنةً

إليكَ ورب الحسن تقضي مطالبه

فعدت إلى ما أنت وجهُك ضاحكٌ

ونورُك رقراقٌ وماؤُك شاربه

يرفرفُ طيرُ الماءِ فوقك طالباً

غذاءً فتعطيه الذي هو طالبه

وتجري على سطح المياه بواخرٌ

مواخر مثل السهل تمشي أهاضبه

وتسبح تحت الماءِ فيكَ عوالمٌ

كأن خميس الجن ثارت سلاهبه

هنالك كونٌ آخر مثل كوننا

يعيشُ قريبُ العمر فيه وعازبه

بذا ما بذا أَبعادُه مطمئنةً

وغاباته ممتدة وسباسبه

وأنجاده نهّاضة الهام تحتها

غوائر فيها العشبُ خضرٌ شعائبه

كان به الغمرَ السحيقَ فضاؤه

مشارقه مشهودةٌ ومغاربه

وإنَّ بنيه حبهم مثل حبنا

وليست بناتُ الماءِ إلّا كواعبه

ينازع أقواهم ضعيفَهم كما

ينازعُه ما بيننا ويغالبه

سوى أَنهم لا نوم عندهم فلا

يرون مناماً مزعجات غرائبه

سرت بينهم أحكامُ خالقِهم كما

سرت بيننا واللَهُ عدلٌ مذاهبه

ويوم قصير الحزنِ فيه طويله

ينازع قلبي يأسه ويحاربه

مشيتُ وأشجاني كثيرٌ قليلها

بقربكَ استجلي السنى وأراقبه

ومن فوق رأسي اللانهاية تنحني

على مثلها والكون غُرٌّ عجائبه

تَمُدان أنور الجمال ضحوكةً

إلى أُفُقٍ قاصٍ تارمت جوانبه

تصافحتا فيه فهلل وجههُ

يسبح من تَهمي عليه مواهبه

كأن بقايا عالم الأرضِ صافحت

به عالماً بالروح تعلو مراتبه

وأدركني الليلُ البهيمُ فأظلمت

مياهك حتى أعجمَ الماءَ عاربه

فأبصرتُ في الجو النجومَ روانياً

وهن طويلاتث الشعاع ثواقبه

موليةً شطر السماءِ وجوهها

تكادث تداني ربَّها وتقاربه

وألحاظُها فوق المياه وكلها

رواجف قلبِ صامتاتٌ رواهبه

تملَّيتُ من هذي المناظرِ ليلتي

إلى أن دعا ناعي الظلامِ وناعبه

فعدتُ وقد لاح الفناءُ لناظري

وأصدقُه في العين ما هو كاذبه

رأيتُ بعين النفس عمري وحاله

وإني ضيفٌ مقلعاتٌ مراكبه

وأني في الكون العظيم إضافةٌ

إليه وإن مُدَّت أمامي مآدبه

وأني بعد الحَين لا شك مفردٌ

عن الكون والنسيانُ تزجى ركائبه

وتسلمني الأرضُ الخؤونُ إلى الفنا

لأَفقدَ فيه كلَّ ما أنا كاسبه

واحرمُ حتى نظرةً وابتسامةً

لوجه الفضاءِ الباسمات كواكبه

فناديتُ ربي ضارعاً مترحماً

وأَصبح جفني هامياتٍ سحائبه

إليكَ هوى النفس الحزينة راجعٌ

إذا غصب الآمالَ في القلب غاصبه

أناجيكَ مسلوبَ الحشاشة والنهى

وعمري يماليه الأسى ويناصبه

فلولا عيونٌ حبها يبعثُ المنى

وأنوارُها توحي الذي أنا كاتبه

لها زرقةُ الماءِ الذي فيك سرُّه

وفيها من السحر العجيب غرائبه

لأضجعتُ جنبيَّ الترابَ مطوحاً

بعمري إن العمر كثرٌ متاعبه

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن خليل شيبوب

avatar

خليل شيبوب حساب موثق

سوريا

poet-Khalil-Shayboub@

95

قصيدة

78

متابعين

خليل بن إبراهيم بن عبد الخالق شيبوب. شاعر من أدباء الكتاب، من طائفة الروم الأرثوذكس. سوري الأصل، ولد بالاذقية، واشتهر وتوفي بالإسكندرية. له (الفجر الأول-ط) وهو الجزء الأول من ديوان ...

المزيد عن خليل شيبوب

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة