الديوان » لبنان » جبران خليل جبران » يا أيها ذا الوطن المفدى

عدد الابيات : 45

طباعة

يا أَيُّهَا ذَا الوَطَنُ الْمُفَدَّى

تَلَقَّ بِشْراً وَتَمَلَّ السَّعْدَا

لَمْ يَرْجِعِ العِيدُ مُرِيباً إِنَّما

أَرَابَ قَوْمٌ مِنْكَ ضَلُّوا الْقَصْدَا

يَا عِيدُ ذَكِّرْ مَنْ تَنَاسَى أَنَّنَا

لَمْ نكُ مِنْ آبِقَةِ العِبِدَّى

كُنَا عَلَى الأَصْفَادِ أَحْرَارَاً سِوَى

أَنَّ الرَّزَايَا أَلْزَمَتْنَا حَدَّا

كُنَّا نَجِيشُ مِنْ وَرَاءِ عَجْزِنَا

كَمُتَوَالِي الْمَاءِ لاقَى سَدَّا

حَتَّى تَدَفَّقْنَا إِلى غَايَتِنَا

تَدَفُّقَ الأَتِيِّ أَوْ أَشَدَّا

وَكُلُّ شَعْبٍ كَاسرٍ قيُودَهُ

بِالْحَقِّ مَا اعْتَدَى وَلاَ تَعَدَّى

فَلَم نَكُنْ إِلاَّ كِرَاماً ظُلِمُوا

فَاسْتَنْصَفُوا وَلَمْ نَطِش فَنَرْدَى

إِنِّي أُحِسُّ فِي الصُّدُورِ حَرَجاً

يُقِيمُهَا وَفِي الزَّفِيرِ صَهْدا

إِيَّاكُمُ الْفِتْنَةَ فَهْيَ لَوْ فَشَتْ

فِي أَجَمَاتِ الأُسْدِ تُفْنِي الأُسْدَا

أَما رَأَيْتُمْ صَدَأَ السَّيْفِ وَقَدْ

غَالَ الفِرِنْدَ ثُمَّ نَالَ الْغِمْدا

فَلاَ تَفَرَقُّوا وَلاَ تنازَعُوا

أَعدَاؤُنا شُوسٌ وَلَيسُوا رُمْدا

أَخَافُ أَنْ نُمْكِنَكُم مِنَّا بِمَا

يَقْضِي لَهُم ثَأْراً وَيشْفِي حِقْدَا

أَوْ أَنْ نُقِيمَ حُجَجاً دَوَامِغاً

لَهُمْ عَلَيْنَا فَنَجِيءَ إِدَّا

قَدْ زَعَمُوا الشُّورَى لَنَا مَفْسَدَةً

عَلَى صَلاَحِهَا أَقَالُوا جدَّا

وَهَلْ أَزَلْنَا مُسْتَبِداً واحِداً

عَنَّا كَدَعْوَاهُمْ لِنَسْتَبِدَّا

دُعاةَ الاسْتِئْثَارِ إِنْ لَمْ تَنْتَهُوا

وَتَرْعَوُوا سَاءَ المَصِيرُ جِداً

بِصِحَّةِ الشُّورى نَصِحُّ كُلُّنَا

فَإِنْ أَرَبْنَا قَتَلَتْنَا عَمْدَا

فِي كُلِّ شَعْبٍ كَثُرَتْ أَجْنَاسُهُ

لاَ شَيْءَ كَالْقِسْطِ يَصُونُ العِقْدَ

تَشَارَكُوا فِي الْحُكْمِ وَاخْتَارُوا لَهُ

خِيَارَ كُلِّ مِلَّةٍ يَستَدَّا

فَقَدْ يَرَى الْبَصِيرُ مِنْهَا كَثَبَا

مضا لاَ يَرَاهُ الاَبْصَرُونَ بُعْدَا

إِنَّ السِّرَاجَ الَّذِي جَاوَرَهُ

أَجْلَى مِنَ النَّجْمِ سَنىً وَأهْدَى

تَعَاوَنُوا تَرْقَوْا فَإِنْ تَنَافَرُوا

عَلَى الحُطَامِ لَمْ تَصِيبُوا مَجْدَا

أَغْلَى تُرَاثٍ فِي يَدَيْكُمْ فَاحْرِصُوا

مِنْ قَدَّرَ الذُّخَر تَفَادَى الفَقْدَا

دَوْلَتُنَا دَوْلَتُنَا نَذْكُرُهَا

بِأَنْفُسٍ تَدْمَى عَلَيْهَا وَجْدَا

أَلْحُرَّةُ المُنْجِبَةُ الأُمُّ الَّتِي

بِالْمَالِ تُشْرَى وَالْقُلُوبِ تُفْدَى

إِخْشَوْا عَلَيْنَا الْيُتْمَ مِنْهَا فَلَقَدْ

أَرَى أَمَرَّ اليُتْمِ أَحْلَى وِرْدَا

وَأَنْتُمُ يَا أُمَّتِي أُرِيدُكُمْ

عِنْدَ رَجَائِي حِكْمَةً وَرُشْدَا

يَا أُمَّتِي بِالعِلْمِ تَرْقَوْنَ الْعُلَى

وَتَكْسِبُونَ رِفْعَةً وَحَمْدَا

وَبِالْوِفَاقِ تَمْلِكُونَ أَمْرَكُمْ

وَتَغْنَمُونَ الْعَيْشَ طَلْقَاً رَغْدَا

فَمَنْ يُخَالِفْ صَابِرُوهُ إِنَّهُ

لَذَاهِبٌ فَرَاجِعٌ لاَ بُدَّا

أَلَيْسَ تَائِباً إِلى حَيَاتِهِ

مَنْ لَمَحَ الخَطْبَ بِهَا قَدْ جَدَّا

فَإِنْ غَوَى أَخُْو نُهىً فَمُهْلَةً

حَتَّى يَرُدَّهُ نُهَاهُ رَدَّا

مَتَى أَرَى الشَّرْقِيَّ شَيْئاً وَاحِداً

كَمَا أَرَى الغَرْبِيَّ شَيْئاً فَرْدَا

مَتَى أَرَانَا أُمَّةً تَوَافَقَتْ

لا مِلَلاً مُمْتَسِكَاتٍ شَدَّا

كَمْ سَبَقَتْنَا أُمَّةٌ فَاتَّحَدَتْ

وَأَدْركَتْ شَأْناً بِهِ مُعْتَدَّا

قَامَ بَنُوهَا كَالعِمَادِ حَوْلَهَا

فَبَسَطُوا رُوَاقَهَا مُمْتَدَّا

سَعَتْ إِلَى غَايَتِهَا قَصْداً عَلى

تَثَبُّتٍ فَبَلَغَتْهَا قَصْدَا

بِلْكَ لَعَمْرِي سُنَّةٌ نَجَا بِها

مِنْ قَبْلُ أَقْوَامٌأَنَتَحَدَّى

لِيَأْبَ حِرْصُنَا عَلَى البَقَاءِ أَنْ

جَدَّتْ بِنَا حَالٌ وَلا نَجِدَّا

كَالطَّلَلِ الْبَاقِي عَلَى إِقْوَائِهِ

لا عَامِراً يُلْفَى وَلا منْهَدَّا

نَصِيحَتِي نَظَمْتُهَا وَدَّاً لَكُمْ

وَلَوْ نَثَرْتُ لَمْ أَزِدْهَا وُدَّا

أَلْفَاظُهَا نَدِيَّةٌ بِأَدْمُعِي

عَلَى التَّلَظِّي وَالْمَعَاني أَنْدَى

أَرْسَلْتُهَا مَعَ الضَّمِيرِ مِثْلَمَا

جَاءَتْ وَمَا أَفْرَغَتُ فِيهَا تجُهْدَا

إِنِّي أُبَالِي وَطَنِي أَصْدُقُهُ

وَمَا أُبَالِي لِلْوُشَاةِ نَقْدَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جبران خليل جبران

avatar

جبران خليل جبران حساب موثق

لبنان

poet-khalil-gibran@

1076

قصيدة

729

متابعين

جبران خليل جبران فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية. توفي في نيويورك 10 ...

المزيد عن جبران خليل جبران

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة