الديوان » العصر العباسي » المتنبي » كفى بك داء أن ترى الموت شافيا

بصوت : عبد المجيد مجذوب

عدد الابيات : 47

طباعة

كَفى بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا

وَحَسبُ المَنايا أَن يَكُنَّ أَمانِيا

تَمَنَّيتَها لَمّا تَمَنَّيتَ أَن تَرى

صَديقاً فَأَعيا أَو عَدُوّاً مُداجِيا

إِذا كُنتَ تَرضى أَن تَعيشَ بِذِلَّةٍ

فَلا تَستَعِدَّنَّ الحُسامَ اليَمانِيا

وَلا تَستَطيلَنَّ الرِماحَ لِغارَةٍ

وَلا تَستَجيدَنَّ العِتاقَ المَذاكِيا

فَما يَنفَعُ الأُسدَ الحَياءُ مِنَ الطَوى

وَلا تُتَّقى حَتّى تَكونَ ضَوارِيا

حَبَبتُكَ قَلبي قَبلَ حُبِّكَ مَن نَأى

وَقَد كانَ غَدّاراً فَكُن أَنتَ وافِيا

وَأَعلَمُ أَنَّ البَينَ يُشكيكَ بَعدَهُ

فَلَستَ فُؤادي إِن رَأَيتُكَ شاكِيا

فَإِنَّ دُموعَ العَينِ غُدرٌ بِرَبِّها

إِذا كُنَّ إِثرَ الغادِرينَ جَوارِيا

إِذا الجودُ لَم يُرزَق خَلاصاً مِنَ الأَذى

فَلا الحَمدُ مَكسوباً وَلا المالُ باقِيا

وَلِلنَفسِ أَخلاقٌ تَدُلُّ عَلى الفَتى

أَكانَ سَخاءً ما أَتى أَم تَساخِيا

أَقِلَّ اِشتِياقاً أَيُّها القَلبُ رُبَّما

رَأَيتُكَ تُصفي الوُدَّ مَن لَيسَ جازِيا

خُلِقتُ أَلوفاً لَو رَحَلتُ إِلى الصِبا

لَفارَقتُ شَيبي موجَعَ القَلبِ باكِيا

وَلَكِنَّ بِالفُسطاطِ بَحراً أَزَرتُهُ

حَياتي وَنُصحي وَالهَوى وَالقَوافِيا

وَجُرداً مَدَدنا بَينَ آذانِها القَنا

فَبِتنَ خِفافاً يَتَّبِعنَ العَوالِيا

تَماشى بِأَيدٍ كُلَّما وافَتِ الصَفا

نَقَشنَ بِهِ صَدرَ البُزاةِ حَوافِيا

وَتَنظُرُ مِن سودٍ صَوادِقَ في الدُجى

يَرَينَ بَعيداتِ الشُخوصِ كَما هِيَ

وَتَنصِبُ لِلجَرسِ الخَفيِّ سَوامِعاً

يَخَلنَ مُناجاةَ الضَميرِ تَنادِيا

تُجاذِبُ فُرسانَ الصَباحِ أَعِنَّةً

كَأَنَّ عَلى الأَعناقِ مِنها أَفاعِيا

بِعَزمٍ يَسيرُ الجِسمُ في السَرجِ راكِباً

بِهِ وَيَسيرُ القَلبُ في الجِسمِ ماشِيا

قَواصِدَ كافورٍ تَوارِكَ غَيرِهِ

وَمَن قَصَدَ البَحرَ اِستَقَلُّ السَواقِيا

فَجاءَت بِنا إِنسانَ عَينِ زَمانِهِ

وَخَلَّت بَياضاً خَلفَها وَمَآقِيا

نَجوزَ عَلَيها المُحسِنينَ إِلى الَّذي

نَرى عِندَهُم إِحسانَهُ وَالأَيادِيا

فَتىً ما سَرَينا في ظُهورِ جُدودِنا

إِلى عَصرِهِ إِلّا نُرَجّي التَلاقِيا

تَرَفَّعَ عَن عَونِ المَكارِمِ قَدرُهُ

فَما يَفعَلُ الفَعلاتِ إِلّا عَذارِيا

يُبيدُ عَداواتِ البُغاةِ بِلُطفِهِ

فَإِن لَم تَبِد مِنهُم أَبادَ الأَعادِيا

أَبا المِسكِ ذا الوَجهُ الَّذي كُنتُ تائِقاً

إِلَيهِ وَذا الوَقتُ الَّذي كُنتُ راجِيا

لَقيتُ المَرَورى وَالشَناخيبَ دونَهُ

وَجُبتُ هَجيراً يَترُكُ الماءَ صادِيا

أَبا كُلِّ طيبٍ لا أَبا المِسكِ وَحدَهُ

وَكُلَّ سَحابٍ لا أَخَصُّ الغَوادِيا

يَدِلُّ بِمَعنىً واحِدٍ كُلَّ فاخِرٍ

وَقَد جَمَعَ الرَحمَنُ فيكَ المَعانِيا

إِذا كَسَبَ الناسُ المَعالِيَ بِالنَدى

فَإِنَّكَ تُعطي في نَداكَ المَعالِيا

وَغَيرُ كَثيرٍ أَن يَزورَكَ راجِلٌ

فَيَرجِعَ مَلكاً لِلعِراقَينِ والِيا

فَقَد تَهَبَ الجَيشَ الَّذي جاءَ غازِياً

لِسائِلِكَ الفَردِ الَّذي جاءَ عافِيا

وَتَحتَقِرُ الدُنيا اِحتِقارَ مُجَرِّبٍ

يَرى كُلَّ ما فيها وَحاشاكَ فانِيا

وَما كُنتَ مِمَّن أَدرَكَ المُلكَ بِالمُنى

وَلَكِن بِأَيّامٍ أَشَبنَ النَواصِيا

عِداكَ تَراها في البِلادِ مَساعِياً

وَأَنتَ تَراها في السَماءِ مَراقِيا

لَبِستَ لَها كُدرَ العَجاجِ كَأَنَّما

تَرى غَيرَ صافٍ أَن تَرى الجَوَّ صافِيا

وَقُدتَ إِلَيها كُلَّ أَجرَدَ سابِحٍ

يُؤَدّيكَ غَضباناً وَيَثنِكَ راضِيا

وَمُختَرَطٍ ماضٍ يُطيعُكَ آمِراً

وَيَعصي إِذا اِستَثنَيتَ لَو كُنتَ ناهِيا

وَأَسمَرَ ذي عِشرينَ تَرضاهُ وارِداً

وَيَرضاكَ في إيرادِهِ الخَيلَ ساقِيا

كَتائِبَ ما اِنفَكَّت تَجوسُ عَمائِراً

مِنَ الأَرضِ قَد جاسَت إِلَيها فَيافِيا

غَزَوتَ بِها دورَ المُلوكِ فَباشَرَت

سَنابِكُها هاماتِهِم وَالمَغانِيا

وَأَنتَ الَّذي تَغشى الأَسِنَّةَ أَوَّلاً

وَتَأنَفَ أَن تَغشى الأَسِنَّةَ ثانِيا

إِذا الهِندُ سَوَّت بَينَ سَيفَي كَريهَةٍ

فَسَيفُكَ في كَفٍّ تُزيلُ التَساوِيا

وَمِن قَولِ سامٍ لَو رَآكَ لِنَسلِهِ

فِدى اِبنِ أَخي نَسلي وَنَفسي وَمالِيا

مَدىً بَلَّغَ الأُستاذَ أَقصاهُ رَبُّهُ

وَنَفسٌ لَهُ لَم تَرضَ إِلّا التَناهِيا

دَعَتهُ فَلَبّاها إِلى المَجدِ وَالعُلا

وَقَد خالَفَ الناسُ النُفوسَ الدَواعِيا

فَأَصبَحَ فَوقَ العالَمينَ يَرَونَهُ

وَإِن كانَ يُدنيهِ التَكَرُّمُ نائِيا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


ضَوارِيا

يقال السباع الضواري : بمعنى آكلة للحوم

تم اضافة هذه المساهمة من العضو رشا الأندلسية


المَذاكِيا

الخيل القرح التي قد تمت أسنانها

تم اضافة هذه المساهمة من العضو رشا الأندلسية


وَقَد كانَ غَدّاراً فَكُن أَنتَ وافِيا

يعاتب قلبه على حنينه إلى من فارقه وهو سيف الدولة الحمداني فيقول قد كان غدارًا ، فلا تغدر بي أنت، أي لا تكن مشتاقًا إليه ولا محبًّا له، أي فإنك إن أحببت الغدار لم تف لي.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو رشا الأندلسية


يُشكيكَ

أشكيت فلانًا: إذا فعلت به فعلًا يحوجه إلى الشكوى، وهنا يقصد أن البعد يجعلك تشتكي

تم اضافة هذه المساهمة من العضو رشا الأندلسية


معلومات عن المتنبي

avatar

المتنبي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Mutanabi@

323

قصيدة

62

الاقتباسات

6204

متابعين

احمد بن الحسين بن الحسن بن عبدالصمد الجعفي الكوفي الكندي ابو الطيب المتنبي.(303هـ-354هـ/915م-965م) الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي. له الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة. وفي علماء الأدب من ...

المزيد عن المتنبي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة