الديوان » مصر » علي الجارم » إسماعيل العظيم

عدد الابيات : 59

طباعة

حُسَامٌ لَهُ مَجْدُ الْخُلُودِ قِرَابُ

يُحَوِّمُ شِعْرِي حَوْلَهُ فَيَهَابُ

وَطَوْدٌ مِنَ الْعِزِّ الْأَشَمِّ عَنَتْ لَهُ

وُجُوهٌ، وَدَانَتْ بِالْوَلَاءِ رِقَابُ

وَسِرٌّ سَمَاوِيٌّ ثَوَى فِي ضَرِيحِهِ

لَهُ مِنْ جَنَاحَيْ جَبْرَئِيلَ قِبَابُ

وَقَبْرٌ كَمِحْرَابِ الصَّلَاةِ مُطَهَّرٌ

عَلَيْهِ نَعِيمٌ وَارِفٌ وَثَوَابُ

وَكَنْزٌ بِهِ مِنْ جَنَّةِ الْخُلْدِ دُرَّةٌ

تَرُدُّ ثَمِينَ الدُّرِّ وَهْيَ سِخَابُ

وَزَهْرٌ مِنَ الْآمَالِ رَفَّ بِرَوْضَةٍ

بِهَا الْأَرْضُ مِسْكٌ، وَالنَّسِيمُ مَلَابُ

إِذَا جَاوَزَتْهَا لِلرَّبَابِ غَمَامَةٌ

سَقَاهَا مِنَ الْحَبِّ النَّدِيِّ رَبَابُ

قُلُوبُ بَنِي مِصْرٍ خَوَافِقُ حَوْلَهَا

لَهَا كُلَّ حِينٍ جَيْئَةٌ وَذَهَابُ

إِذَا غَابَ شَخْصُ الْعَبْقَرِيِّ بِرَمْسِهِ

فَلَيْسَ لِفَضْلِ الْعَبْقَرِيِّ غِيَابُ!

وَإِنْ حَجَبَتْ بِيضَ الْأَيَادِي مَنِيَّةٌ

فَلَيْسَ عَلَى آثَارِهِنَّ حِجَابُ!

وَكَمْ مِنْ فَتًى جَازَ الْحَيَاةَ وَذِكْرُهُ

لَهُ كُلَّ يَوْمٍ زَوْرَةٌ وَإِيَابُ

وَمَا مَاتَ مَنْ رَدَّ الْحَيَاةَ لِأُمَّةٍ

وَأَحْيَا بِهَا الْآمَالَ وَهْيَ يَبَابُ

إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يُخْلِدْهُ فَضْلُ جِهَادِهِ

«فَكُلُّ الَّذِي فَوْقَ التُّرَابِ تُرَابُ»

وَهَلْ مِثْلُ إِسْمَاعِيلَ فِي النَّاسِ عَاهِلٌ

لَهُ فَوْقَ أَحْدَاثِ الزَّمَانِ وِثَابُ؟

طَمُوحٌ لَهُ فِي ذِرْوَةِ الدَّهْرِ مَأْرَبٌ

وَفَوْقَ مَنَاطِ الْفَرْقَدَيْنِ طِلَابُ

إِذَا صَحَّ عَزْمُ الْمَرْءِ فَالْبَحْرُ ضَحْضَحٌ

وَإِنْ خَارَ فَالنَّضْحُ الْيَسِيرُ عُبَابُ

وَلَيْسَتْ شِبَاكُ الْعِزِّ إِلَّا عَزِيمَةً

وَمَا الْمَجْدُ إِلَّا صَوْلَةٌ وَغِلَابُ!

تَمُدُّ اللَّيَالِي لِلْجَرِيءِ زِمَامَهَا

وَتَعْنُو لَهُ الْأَيَّامُ وَهْيَ صِعَابُ

وَمَا كُلُّ مَنْ أَرْخَى الْعِنَانَيْنِ فَارِسٌ

وَلَا كُلُّ دَاعٍ لِلنُّهُوضِ مُجَابُ!

إِذَا مَا عَدَدْنَا مَأْثُرَاتِ يَمِينِهِ

عَلَى مِصْرَ لَمْ يَنْفَدْ لَهُنَّ حِسَابُ

دَعَاهَا فَسَارَتْ خَلْفَهُ تُسْرِعُ الْخُطَى

وَهِمَّتُهَا لِلْمُعْضِلَاتِ رِكَابُ

فَمَا الشَّوْكُ فِي أَقْدَامِهَا حِينَ صَمَّمَتْ

بِشَوْكٍ، وَلَا صُمُّ الْهِضَابِ هِضَابُ

إِذَا وَهَنَتْ أَذْكَى لَظَى رَغَبَاتِهَا

هُمَامٌ لَهُ عِنْدَ النُّجُومِ رِغَابُ

وَإِنْ أَظْلَمَتْ طُرْقُ الْمَعَالِي أَنَارَهَا

مِنَ الرَّأْيِ مِنْهُ وَالذَّكَاءِ شِهَابُ

رَأَتْ مِصْرُ فِيهِ عَاهِلًا عَزَّ نِدُّهُ

وَمِنْ أَيْنَ لِلْبَدْرِ الْمُنِيرِ صِحَابُ؟

حَبَاهَا أَبُو الْأَشْبَالِ جُرْأَةَ ضَيْغَمٍ

لَهُ ظُفُرٌ يَفْرِي الْخُطُوبَ وَنَابُ

وَأَزْلَفَهَا مِلْءَ النَّوَاظِرِ جَنَّةً

تَمِيدُ بِهَا الْأَغْصَانُ وَهْيَ رِطَابُ

وَأَلْبَسَهَا مِنْ نَهْضَةِ الْغَرْبِ حُلَّةً

وَكَمْ زَانَتِ الْغِيدَ الْمِلَاحَ ثِيَابُ!

فَفِي كُلِّ حَيٍّ لِلْعُلُومِ مَنَابِرٌ

وَفِي كُلِّ رُكْنٍ لِلْفُنُونِ رِحَابُ!

وَأَيْنَ رَمَيْتَ الطَّرْفَ تَلْقَى مَعَالِمًا

سَوَامِقُهَا فَوْقَ السَّحَابِ سَحَابُ

عَجَائِبُ صُنْعٍ يَصْغُرُ الدَّهْرُ دُونَهَا

وَكُلُّ فِعَالِ الْخَالِدِينَ عُجَابُ!

وَجُهْدٌ مِنَ الْفُولَاذِ مَا كَلَّ زَنْدُهُ

وَصَادِقُ عَزْمٍ لَيْسَ فِيهِ كِذَابُ

وَلِلْجُهْدِ فِي الدُّنْيَا نِصَابٌ وَطَاقَةٌ

وَلَيْسَ لِجُهْدِ الْعَبْقَرِيِّ نِصَابُ!

أَبَا مِصْرَ، هَلْ تُصْغِي وَلِلشِّعْرِ دَمْعَةٌ

بِهَا الْحُبُّ صَفْوٌ، وَالْوَفَاءُ مُذَابُ؟

أَتَذْكُرُ يَوْمًا بِالْقَنَاةِ وَقَدْ سَعَتْ

شُعُوبٌ، وَسَالَتْ بِالْمُلُوكِ شِعَابُ؟

وَأَنْتَ تَؤُمُّ الْحَشْدَ جَذْلَانَ هَانِئًا

وَنَجْمُكَ لَمْ يَحْجِبْ سَنَاهُ ضَبَابُ

وَمِصْرُ بِمُحْيِيهَا تَتِيهُ وَتَنْثَنِي

كَمَا لَعِبَتْ بِالْعَاشِقِينَ كَعَابُ

مَوَائِدُ لَوْ مَرَّتْ بِأَوْهَامِ حَاتِمٍ

رَأَى أَنَّ مَدْحَ الْمَادِحِينَ سِبَابُ

وَمَوْكِبُ عِزٍّ مَا رَأَى النِّيلُ مِثْلَهُ

وَلَا خَطَّهُ فِي السَّابِقِينَ كِتَابُ

تَمَنَّتْ نُجُومُ الْأُفْقِ رَوْعَةَ زَهْوِهِ

وَسَالَ لِشَمْسٍ أَبْصَرَتْهُ لُعَابُ

تَفَيَّأْتَ ظِلَّ اللهِ خَمْسِينَ حِجَّةً

وَجَنَّاتُهُ لِلْعَامِلِينَ مَثَابُ

وَأَدْرَكَ مِصْرًا مِنْ بَنِيكَ صَوَارِمٌ

مَوَاضٍ إِذَا اشْتَدَّ الزَّمَانُ صِلَابُ

كِرَامٌ إِذَا نُودُوا أَجَابُوا، وَإِنْ هُمُ

رَمَوْا جَبْهَةَ الرَّأْيِ الْبَعِيدِ أَصَابُوا

وَهَلْ كَفُؤَادٍ فِي الْبَرِيَّةِ مَالِكٌ؟

وَهَلْ كَلُبَابِ الْمَجْدِ فِيهِ لُبَابُ؟

لَهُ عَزْمَةٌ وَثَّابَةٌ عَلَوِيَّةٌ

تَرُدُّ صُرُوفَ الدَّهْرِ وَهْيَ حِرَابُ

إِذَا مَا امْتَرَى فِي الْمُعْجِزَاتِ مُكَابِرٌ

فَسِيرَتُهُ لِلْمُمْتَرِينَ جَوَابُ

وَمَنْ مِثْلُ فَارُوقٍ وَلِلْعَرْشِ عِزَّةٌ

وَلِلْمُلْكِ وَالْمَجْدِ الْأَثِيلِ مَهَابُ؟

مَضَاءٌ وَإِقْدَامٌ وَجُودٌ وَصَوْلَةٌ

وَآمَالُ حُرٍّ طَامِحٍ وَشَبَابُ

سَعَى لِرَسُولِ اللهِ يَحْدُوهُ شَوْقُهُ

وَلِلشَّوْقِ وَالْحُبِّ الصَّمِيمِ جِذَابُ

يُنَاجِيهِ فَيَّاضُ الْمَدَامِعِ خَاشِعًا

صَمُوتًا، وَصَمْتُ الْخَاشِعِينَ خِطَابُ

رَأَى فِيهِ رَضْوَى مِثْلَهُ فِي ثَبَاتِهِ

وَحَيَّاهُ مِنْ رَحْبِ الْبَقِيعِ جَنَابُ

حَصِيفٌ لَهُ فِي مَوْقِفِ الْحَقِّ صَوْلَةٌ

وَرَأْيٌ إِذَا غُمَّ الصَّوَابُ صَوَابُ

يُجَمِّعُ شَمْلَ الْعُرْبِ فِي ظِلِّ وَحْدَةٍ

كَمَا جَمَعَ الْأُسْدَ الضَّرَاغِمَ غَابُ

إِذَا ابْتَسَمُوا فَالْبَاتِرَاتُ بَوَاسِمٌ

وَإِنْ غَضِبُوا فَالْبَاتِرَاتُ غِضَابُ

وَفِي كُلِّ يَوْمٍ مِنَّةٌ بَعْدَ مِنَّةٍ

إِذَا مَا انْقَضَى بَابٌ تَفَتَّحَ بَابُ

وَكُلُّ أَيَادِي غَيْرِهِ حُلْمُ حَالِمٍ

وَكُلُّ نَوَالٍ مِنْ سِوَاهُ سَرَابُ

عَتَبْنَا عَلَى الدُّنْيَا فَمُذْ أَشْرَقَتْ بِهِ

تَقَضَّى خِصَامٌ بَيْنَنَا وَعِتَابُ

وَصُغْنَا لَهُ مِنْ كُلِّ مَا تُبْدِعُ النُّهَى

رَوَائِعَ، لَمْ يُبْذَلْ لَهُنَّ نِقَابُ

فَلَا زَالَ مَوْفُورَ الْجَلَالِ مُسَدَّدًا

يُجِيبُ إِذَا تَدْعُو الْعُلَا وَيُجَابُ!

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن علي الجارم

avatar

علي الجارم حساب موثق

مصر

poet-ali-jarim@

30

قصيدة

274

متابعين

علي صالح عبد الفتاح الجارم،أديب،وكاتب وشاعر مصري،ولد سنة 1881م في مدينة رشيد بمصر. بدأ تعليمه القراءة والكتابة في إحدى مدارسها ثم أكمل تعليمه الثانوي في القاهرة، بعدها سافر إلى إنكلترا لإكمال ...

المزيد عن علي الجارم

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة