جمالُ الصمتِ أبلغ من قول وتكرير 

فيهِ المعاني تَغوصُ دون تحويرِ 

إنّ الكلامَ وإن نطق البليغُ بهِ

قد يُخْفِقُ اللفظُ في قولِ وتعبيرِ 

قول سديد  بدا أوفى بلا خُطبِ

تشفي الغليلَ بلا طَولٍ وتدويرِ 

والبوحُ إن لم يكنْ عن حكمةٍ وهدى

أودى بصاحبِه في حَيْرةِ السيرِ 

فازَ الكَتومُ إذا ما العقلُ زَيَّنَهُ

واستفّهَ القولَ منْ لا يَفْقهُ الصورِ 

كم زلّ من فمِه لفظٌ يؤرّقهُ

لو ظلّ ساكتًا ما مسّهُ الضيرِ 

والناسُ تُبغِضُ مَن قد زادَ منطِقُهُ

من غيرِ فكرٍ ولا قصدٍ وتقديرِ 

فاصمتْ، فإنّ بريقَ الصمتِ أبلَغُ من

صوتٍ يُدوّي بلا عقلٍ وتدبيرِ 

فالصمتُ تاجُ امرئٍ قد عمَّ منطقهُ

صمت الحليمِ سليمٌ دونَ تفسيرِ 

واحذرْ خُطى اللفظِ إنْ لم تُتقِنِ الحكمَ

فاللفظُ سهمٌ إذا ما خابَ تسييرِ 

واجعلْ لقولِك ميزانًا تقيسُ بهِ

لا خيرَ في النُطقِ من غيرِ المعاييرِ 

وإذا نطقتَ فحقِّقْ فيهِ مقصدَهُ

فالدرُّ يُعرفُ في صافي المحاجيرِ