خذْ بثأرِ الكرمِ من دمِ الطلا
فدمُ العنقودِ لا يمضي ضياع
من دمِ ابنِ الكرمِ روَت فمَها
فاهرقنْ يا ثغرُ واشربْ دمَها
وإذا الشرعُ الدما حرَّمها
فالجراحاتُ قصاصٌ وعلى
هذه فالشرعُ نهجٌ ذو اتساع
خمرةٌ يسكرُ منها جامُها
ولذا حرَّمها إسلامُها
إنْ يكنْ ضلَّ بها خيامُها
فبطورِ الكأسِ للنورِ انجلى
ثاقبٌ طارَ به العقلُ شُعاع
لك عذرٌ واضحٌ يا عمرُ
فمنَ السكرِ أتاكَ الهذرُ
هبْ هيَ الشمسُ التي لا تُنكَرُ
فلقدْ شعَّت لتهديكَ إلى
أنْ ترى نيرانَها ربًّا مُطاع
لكنِ الخمرةُ والحقُّ يُقال
إنها السلوانُ لو كانتْ حلال
كلُّ أُنسٍ ما عداها فخيال
وهيَ الأنسُ الحقيقيُّ ولا
أنسَ في الخمرةِ من غيرِ سَماع
أنسُ السمعِ بلحنِ الوترِ
وارتوى الثغرُ بريقِ خمرِ
أيها الساقي فما للبصرِ
قالَ: في خدّي رياضٌ تُجتلى
متِّعِ الطرفَ بها نعمَ المتاع
زارَ والبدرُ بوجهٍ حسنِ
فغدا من حُسنِه لم يُبَنْ
قلتُ: هل تبغي وسادَ الوسنِ؟
قال: ضعْ قلبي عنه بدلاً
قلتُ: قلبي خافقٌ قبل الوداع
قلتُ إذ عانقتُهُ يا قمري
أختشي نورَك يعشي بصري؟
قال: لا تخشَ، فذا من شعري
فوقَنا أرسلتْ ليلاً أليلا
لا ترى فيه ولا السرُّ يُذاع
لي فكرٌ يكشفُ السرَّ المصونْ
لم يقلْ للشعرِ: كنْ إنْ لا يكونْ
كالعصا قد لقفتْ ما يأفكونْ
وإذا شعري له التالي تلا
كال للباغي بصاعٍ أيَّ صاع
مهدي الحجار (1900 - 1939)م.
هو الشيخ مهدي بن داود بن سلمان بن داود، الشهير بالحجار، فقيه شيعي وأديب شاعر عراقي. وُلد في ناحية الحيرة التابعة لمحافظة النجف سنة 1322 هـ ...