الديوان » العراق » مهدي الحجار » يا حسرة من فؤاد محتدم

عدد الابيات : 41

طباعة

يا حسرةً من فؤادٍ محتدمِ

للدينِ مذْ غابَ عنهُ خيرُ حمي

ملمّةٌ قد أتتْ بقارعةٍ

منها ألمُّ المشيبِ باللممِ

وفجعةٌ صورُها بنفختِه

قضى لهذا الوجودِ بالعدمِ

اقتربتْ ساعةُ النشورِ بها

بصوتِ ناعي المعروفِ والشيمِ

والقمرُ انشقَّ وهوَ وجهُ أبي

طهَ، فتاهَ الأنامُ بالظّلمِ

دنياكَ إنْ تحلُ لا نغترُّ بها

فإنها السُّمُّ دُسَّ بالدُّسمِ

وهلْ ترومُ البقاءَ بدارِ فتى

أخنتْ على عادِها ذوي أرمِ؟

ويقظةُ المرءِ مثلُ رقدتِه

والعمرُ مهما يطلْ فكالحُلُمِ

آذننَا الدهرُ: إنْ صحتنَا

سقمٌ، وإنّ الشبابَ للهرمِ

وإنّ سهمَ المنونِ في سددٍ

يرمي، فيصمي فؤادَ كلِّ كمي

حسبُ الرَّدى بدرُ كلِّ مكرمةٍ

مِنّا، وبحرُ العلومِ والكرمِ

تنكرَ العلمُ بعدَ معرفتِه

حزنًا على مفردٍ بهِ عَلَمِ

قُطعَ منهُ نياطُ مهجتِه

نَوحُ يتامى الأحكامِ والحُكمِ

أودى أبوها الذي تودُّ بأنْ

يبقى، وتفديهِ سائرُ الأُممِ

قد غارَ بحرُ الندى لملتمسٍ

وطاحَ ركنُ الهدى لمستلمِ

للتفحِ لا يُرفعُ الهدى عَلَمًا

بنصرهِ خَرَّ من ذُرى عَلَمِ

وحَقَّ للحقِّ لُفَّ رايتُهُ

فُلَّ شبا السيفِ منهُ والقلمِ

سرنَا بنعشِ بنانهِ وقعتْ

تَلثمُ مِنَّا مواقعَ القدمِ

تابوتُ موسى على سكينتِه

من دونهِ في الوقارِ والعِظمِ

من كانَ للهِ خيرَ محترمٍ

فهوَ لدى اللهِ خيرُ محترمِ

رثتهُ من دونِنا خلائفُهُ

فعطّرتنا بطيبِ الكَلِمِ

نادتْ مزاياهُ، وهيَ شهبُ سما

أسلمْنا البدرَ في يدِ اليتمِ

وصاحَ تقواهُ: لستُ في أسفٍ

بعدَ، على هالكٍ ولا ندمِ

وناحَ محرابُه، وكانَ بهِ

يضحكُ، من أدمعٍ لهُ سَجَمِ

يمزجُها ذكرُ ربهِ بدمٍ

لا ذِكرَ جيرانهِ بذي سَلِمِ

كيفَ بكائي، ونارُ فرقتهِ

جفَّ بها ماءُ مُقلتي وفمي؟

لكنْ يراعي، لحُسنِ نيتِهِ

قامَ يراعي وظيفةَ الخدمِ

قدِ اكتسى حبرُهُ حدادَ أسى

وجسمُهُ رهنُ مديةِ السقمِ

يكفيكَ للحزنِ: شقُّ هامتهِ

وقرضُهُ للسانِ بالحِلْمِ

جاءَ يُعزّي طهَ بخيرِ أبٍ

يُنمَى إلى الخيرِ، منْ إليهِ نَمِي

حمى ذِمارَ العلى وأجمتَها

شبلٌ هزبرٌ، يَغارُ للّجمِ

قد قسمَ الفضلَ للورى قِسمًا

فخصَّ طهَ أوفرَ القسمِ

والناسُ طُرًّا معادنٌ، وبها

معدنُ طهَ كالماسِ في الفحمِ

أقسمَ: إنْ ليس منْ يُماثلُهُ

وفضلُهُ الجَمُّ مبرئُ قَسمي

ليتَ أراهُ في الفضلِ منقسمًا

والجوهرُ الفردُ غيرُ منقسمِ

غاصَ ببحرِ العُلى، فأخرجَها

لآلئًا ما لهنَّ من قِيَمِ

كانتْ بقُسِّ عكاظَ قائمةً

ولوْ رأتهُ، بقُسٍّ لم تَقِمِ

ولوْ رأتْ شعرَهُ قريشٌ، لما

علَّقتِ السبعَ في ذُرى الحرمِ

كأنّما طرسُهُ ومزبرُهُ

لوحٌ جرى فيهِ نافذُ القَلَمِ

وعندهُ الغيبُ كالشهادةِ إذْ

عن فكرِه الغيبُ غيرُ منكتمِ

كيفَ يُجارى بحلبةٍ، وبهِ

طارَتْ علاءً قوادمُ الهممِ؟

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن مهدي الحجار

avatar

مهدي الحجار

العراق

poet-Mahdi-Al-Hajjar@

32

قصيدة

6

الاقتباسات

1

متابعين

مهدي الحجار (1900 - 1939)م. هو الشيخ مهدي بن داود بن سلمان بن داود، الشهير بالحجار، فقيه شيعي وأديب شاعر عراقي. وُلد في ناحية الحيرة التابعة لمحافظة النجف سنة 1322 هـ ...

المزيد عن مهدي الحجار

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة