الديوان » مصر » محمد عبد المطلب » كبد بما صنع الأسى تتمزع

عدد الابيات : 61

طباعة

كَبِدٌ بِمَا صَنَعَ الْأَسَى تَتَمَزَّعُ

بَانَ الْخَلِيطُ بِهَا عَشِيَّةَ وَدَّعُوا

مَا ضَرَّ لَوْ وَقَفُوا عَلَيْكَ رِكَابَهُمْ

فَشَفَيْتَ غُلَّةَ هَائِمٍ لَا تُنْقَعُ

أَوَلَوْ قَضَوْا حَقَّ الْوَدَاعِ فَأَعْلَنُوا

يَوْمًا قَضَوْا فِيهِ الرَّحِيلَ وَأَزْمَعُوا

مَا أَسْلَمُوكَ لِعَبْرَةٍ مَسْفُوحَةٍ

حَرَّى بِهَا حَوْضُ الْمَدَامِعِ مُتْرَعُ

وَلَئِنْ جَرَى الْقَدَرُ الْمُتَاحُ بِبَيْنِهِمْ

فَنَبَا الْمَصِيفُ بِهِمْ وَأَقْوَى الْمَرْبَعُ

فَلَرُبَّمَا ظَعَنَ الْفَرِيقُ وَعَهْدُهُ

بَيْنَ الرِّبَاعِ مَآثِرٌ تَتَضَوَّعُ

كَالْمُزْنِ خَفَّ مَعَ الرِّيَاحِ وَقَدْ زَهَا

نَبْتُ الرَّبِيعِ بِهِ وَطَابَ الْمَرْتَعُ

أَوْ كَالْغَزَالَةِ إِنْ نَأَتْكَ بِعَيْنِهَا

فَهَوَتْ تَجِدُّ إِلَى الْمَغِيبِ وَتُسْرِعُ

فَكَوَاكِبُ الْخَضْرَاءِ مِنْ آيَاتِهَا

قَمَرٌ يُضِيءُ بِهَا وَنَجْمٌ يَلْمَعُ

يَا بَاكِيَ النَّفْرِ الَّذِينَ تَحَمَّلُوا

فَالْأَرْضُ قَفْرٌ وَالْمَنَازِلُ بَلْقَعُ

سَارَتْ بِهِمْ حُدُبُ الرِّكَابِ يَحُثُّهَا

حَادٍ إِلَى وَادِي الرَّدَى وَمُشَيَّعُ

وَمَنْ اسْتَقَلَّ مِنَ الْمَنِيَّةِ رَاحِلًا

شَحَطَ الْمَزَارُ بِهِ وَفَاتَ الْمَرْجِعُ

فَاغْنَمْ فُؤَادَكَ شَفَّهُ بَرْحُ الْأَسَى

وَأَرِحْ جُفُونَكَ قَرَّحَتْهَا الْأَدْمُعُ

لَا تَبْكِ مَنْ نَزَلَ الثَّرَى فَضَرِيحُهُ

مِسْكٌ يَفُوحُ وَرَوْضَةٌ تَتَرَعْرَعُ

شَيْخُ الْمَعَارِفِ حَلَّ سَاحَةَ رَبِّهِ

حَيْثُ الْمَكَارِمُ وَالْجَنَابُ الْأَوْسَعُ

وَاسْكُبْ حَشَاكَ لِأُمَّةٍ عَبَثَتْ بِهَا

غَيْرُ اللَّيَالِي وَالْحَوَادِثُ زَعْزَعُ

فِي كُلِّ يَوْمٍ لَا أَبَالَكَ مَأْتَمٌ

لِلْعِلْمِ فِيهِ وَلِلْمَكَارِمِ مَصْرَعُ

يَا يَوْمَ حَمْزَةَ هَلْ أَحَسَّ بَنُو أَبٍ

فِيكَ الْفَجِيعَةَ أَوْ دَرَوْا مَنْ وَدَّعُوا

مَا بَالُهُمْ نَكِرُوا الْوَفَاءَ فَلَا تَرَى

دَمْعًا يَسِيلُ وَلَا حَشًى تَتَصَدَّعُ

أَمْ أَنْكَرُوا آثَارَ حَمْزَةَ فِيهِمُ

لَا يُنْكِرُ الْغَيْثَ الْجَنَابُ الْمُمَرَّعُ

وَأَظُنُّهُمْ أَلِفُوا الْأَسَى وَتَعَوَّدُوا

وَقْعَ الْخُطُوبِ فَهُمْ سُكُوتٌ خُشَّعُ

أَوَلًا فَمَا بَالُ الْمَدَارِسِ لَمْ تَمِدْ

جَزَعًا وَرَنَّةَ شَجْوِهَا لَا تُسْمَعُ

وَكَمِ اغْتَدَى فِيهَا وَرَاحَ كَمَا اغْتَدَى

غَيْثٌ إِذَا مَطَرُ الْأَبَارِقِ تَمْرِعُ

فَبِكُلِّ مَدْرَسَةٍ وَكُلِّ مَدِينَةٍ

آثَارُ بِرٍّ عَرْفُهَا مُتَضَوِّعُ

بِغَذَا مَشَايِخِهَا التُّقَى فِي سِيرَةٍ

لِلْعِلْمِ تُحْيِي وَالْفَضِيلَةُ تَرْفَعُ

مُتَمَسِّكًا بِعُرَى الْحَنِيفِ إِذَا الْتَوَى

نَفَرٌ هُنَاكَ عَنِ الْحَنِيفِ وَضَيَّعُوا

وَإِذَا اللُّغَى أَعْيَتْ ذَوِيهَا مَطْلَبًا

فَهُوَ الْمَلَاذُ لِأَهْلِهَا وَالْمَفْزَعُ

يَرِدُونَ مِنْ عَلَمِ الْمَعَارِفِ عَيْلَمًا

طَابَ الْوُرُودُ بِهِ وَرَاقَ الْمَشْرَعُ

وَيَرَوْنَ مَجْدَ الدِّينِ فِيهِ يَلْتَقِي

بِابْنِ الْمُكَرَّمِ إِذْ يَبِينُ فَيُمْتِعُ

وَإِذَا تَكَلَّمَ فِي النَّدِيِّ فَمُنْصِتٌ

ثَمِلٌ بِمَشْمُولِ الْبَيَانِ وَمُهْطِعُ

لِلَّهِ مِنْ أَنْدِيَةٍ يَفِيضُ وَقَارُهَا

جَمًّا عَلَى جَنَبَاتِهَا يَتَلَعْلَعُ

وَإِذَا تَخَاطَرَتِ الْفُحُولُ وَأُفْلِجَتْ

خُطَبَاؤُهَا فَهُوَ الْمُبِينُ الْمِصْقَعُ

حِكَمٌ يُفَصِّلُهَا الْحِجَا وَيَزِينُهَا

فَلَقُ الْبَيَانِ فَمُرْسَلٌ وَمُسَجَّعُ

فَإِذَا جَرَى دَمْعُ الْمَنَابِلِ بَعْدَهُ

فَالشِّعْرُ مَقْرُوحُ الْفُؤَادِ مُوَجَّعُ

فَذَرِ الْقَرِيضَ يَجُرُّ بُرْدَ حِدَادِهِ

عَمِيَ الْبَصِيرُ بِهِ وَضَلَّ الْمَهْيَعُ

أَرِحِ الْقَرِيضَ مِنَ الْقَصِيدِ فَإِنَّمَا

نُجُبُ الْقَوَافِي بَعْدَ حَمْزَةَ ظُلَّعُ

وَاسْأَلْ بِهَا حَمْدَ السُّرَى طَلَعَتْ عَلَى

أَرْضِ السُّوَيْدِ بِهِ فَنِعْمَ الْمُطْلَعُ

إِذْ وَفَدَ وَادِي النِّيلِ ثَمَّةَ غَادِيًا

فِي خَيْرِ مَا تَغْدُو الْوُفُودُ وَتَرْجِعُ

وَرَأَى مُلُوكَ الْغَرْبِ فِيهِ آيَةَ ال

عَرَبِ الْكِرَامِ يُبِينُ عَنْهَا الْمُتْرَعُ

دِينِ النَّبِيِّ وَحِلْيَةَ الْعَرَبِيِّ فِي

عِلْمِ ابْنِ مِصْرَ بِهِ يَفِيضُ الْمُجْمَعُ

إِنْ قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يُنْشِدْ أَطْرَقُوا

أَوْ قَامَ حَمْزَةُ لِلْمَقَالِ تَخَشَّعُوا

لِلَّهِ مِنْ وَفْدٍ يُمَثِّلُ قَوْمَهُ

فِي صُورَةٍ تَبْنِي الْفَخَارَ وَتَرْفَعُ

لَوْلَا الْحَوَادِثُ مَا تَفَرَّدَ بِالْأَسَى

بَاكٍ بِمِصْرَ لِفَقْدِهِ يَتَوَجَّعُ

لَوْلَا الْخُطُوبُ رَأَيْتَ أَسْتُوكْهُولْمَ فِي

حُزْنٍ عَلَيْهِ وَعَبْرَةٍ لَا تُقْلِعُ

شَهِدَتْ بِهِ أَهْلُ الْغُوَيْرِ وَلَعْلَعٌ

فَلْيَبْكِهِ مَعَهَا الْغُوَيْرُ وَلَعْلَعُ

بَلْ لَوْ نَعَوْهُ إِلَى الْعَقِيقِ وَيَنْبُعٍ

سَالَ الْعَقِيقُ لَهُ وَفَاضَتْ يَنْبُعُ

وَلَوْ أَنَّ نَجْدًا عَادَ عَهْدُ عُرُوضِهَا

لَبَكَاهُ عَارِضُهَا وَحَنَّ الْأَجْرَعُ

إِذْ كَانَ شِيعَتَهَا وَوَارِثَ أَهْلِهَا

فِي شِعْرِهِمْ إِذْ عَزَّهَا الْمُتَشَيِّعُ

إِنْ قِيلَ قَيْسٌ فَهُوَ أَعْشَاهَا وَعَنْ

تَرَةٌ إِذَا ذُكِرَتْ بَغِيضٌ وَأَشْجَعُ

وَإِذَا ذَكَرْتَ تَمِيمًا فَهْوَ جَرِيرُهَا

شِعْرًا وَأَكْثَمُهَا الْحَكِيمُ الْمِصْدَعُ

وَهُوَ الشَّرِيفُ ابْنُ النَّبِيِّ إِذَا انْتَمَى

نَسَبٌ تَدِينُ لَهُ النُّجُومُ وَتَخْضَعُ

مَا يَوْمُهُ الْمَشْهُودُ مَصْرَعَ هَالِكٍ

يُمْسِي لِقًى فِي التُّرْبِ فَهْوَ مُضَيَّعُ

إِنَّ الَّذِي فِيهِ الْتَقَتْ بِلُغَاتِهَا

تِلْكَ الشُّعُوبُ فَوَهْيُهُ لَا يُرْقَعُ

جَلَّتْ مُصِيبَةُ مِصْرَ يَوْمَ تَجَلَّلَتْ

أُمُّ اللُّغَاتِ بِكُرْبَةٍ لَا تُقْشَعُ

طَاحَتْ بِهَضْبَتِهَا الَّتِي لَا تُرْقَى

وَهَوَتْ بِفَارِسِهَا الَّذِي لَا يُصْرَعُ

ذَهَبَتْ بِحُجَّتِهَا الَّتِي لَا تُمْتَرَى

وَبِقَوْلِهَا الْفَصْلِ الَّذِي لَا يُدْفَعُ

فَتَحَدَّرَ الْقَامُوسُ عَبْرَةَ عَيْنِهَا الْ

قَرْحَى عَشِيَّةَ غَاضَ ذَاكَ الْمَنْبَعُ

يَا نَازِلَ الرَّمْسِ الْفَسِيحِ تُوُثِّرَتْ

جَنْبَاتُهُ لَكَ وَاطْمَأَنَّ الْمَضْجَعُ

عِفْتَ الْحَيَاةَ بِدَارِ سَوْءِ وِرْدُهَا

لِلْحُرِّ مَا عَاشَ الزُّعَافُ الْمُنْقَعُ

فَوَرَدْتَ أَفْيَاءَ النَّعِيمِ بِحَضْرَةٍ

لِلَّهِ وَارِدُ حَوْضِهَا لَا يُوْزَعُ

فَالْيَوْمَ تَحْصُدُ مَا زَرَعْتَ مِنَ التُّقَى

وَالْمَرْءُ ثَمَّةَ حَاصِدٌ مَا يَزْرَعُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد عبد المطلب

avatar

محمد عبد المطلب

مصر

poet-Mohamed-Abdelmuttalib@

129

قصيدة

17

الاقتباسات

3

متابعين

محمد عبد المطلب (1870–1931) م. هو محمد بن عبد المطلب بن واصل بن بكر بن بخيت بن حارس بن فزاع بن علي بن أبي خير الجهني، من عشيرة أبي الخير من ...

المزيد عن محمد عبد المطلب

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة