الديوان » العصر المملوكي » ابن الأبار البلنسي » جلدا خليلي ما لنفسك تجزع

عدد الابيات : 56

طباعة

جَلَداً خَلِيلِي ما لِنَفْسِكَ تَجْزَعُ

آنَ الرَّحيلُ فأَيْنَ منهُ المَفْزَعُ

عَمَدُوا لِتَقْوِيضِ القِبَابِ فَعِنْدَهَا

أرْبَتْ على صَوْبِ الرَّبَابِ الأَدْمُعُ

لَنْ يَعْدَمُوا رَبَّابَها لِرِكَابِهِم

في حَيْثُ يَسْتَهْوِي السَّرَابُ ويَخْدَعُ

هَيْهَاتَ عافَتْ وِرْدَها وَرْدِيَّةٌ

نُجُبٌ غَدَتْ بِهِمُ تَخُبُّ وتُوضِعُ

إنْ لَمْ يُخَالِطْهَا نَجِيعِيَ أَحْمَراً

كَرَعَتْ بأَزْرَقَ سَيْحُهُ يَتَدَفَّعُ

عَجَبَاً لِشُرْعٍ لا تُدارُ عَلَيْهِمُ

وَهيَ المُدامَةُ بالزُّلالِ تُشَعْشَعُ

لمَّا بَكَيْتُ بَكَى يُسَاعِدُنِي الحَيَا

فَدُمُوعُهُ مِنْ رِقَّةٍ لِيَ تَهْمَعُ

أَشْدُو بِذِكراكُم وأَنْشِجُ لَوعَةً

وكَذا الحَمَامَةُ حينَ تَنْدُبُ تَسْجَعُ

يَا بَرْحَ شَوْقِي لِلذينَ تَحَمَّلُوا

وأَقامَ حُبُّهُم بِقَلْبِي يَرْبَعُ

أَضْحَتْ بَلاقِعَ مِنْهُمُ دَاراتُهُم

فالصَّدرُ إِلا مِنْ شُجونِي بَلْقَعُ

لا أُنْكِر البُرَحَاءَ في عَقِبِ النَّوَى

قَد حَلَّ بالتَّرْحالِ ما يُتَوَقَّعُ

في ذِمَّةِ اللَّهِ الأُلَى أَمُّوا الفَلا

بِالعِيسِ تَخْدِي والصَّوَاهِلُ تَمْزَعُ

وَصَلُوا السُّرى لَيْلاً إلى أنْ عَرَّسُوا

والصّبْحُ في ثَوْبِ الدُّجَى مُتَلَفِّعُ

وَكَأنَّمَا زُهْرُ الكَوَاكِبِ سَحْرَةً

جَشَمَتْ سُرَاهُم فَهي حَسْرَى طُلَّعُ

بانُوا فَبَانَ القَلْبُ لي عَن أَضْلُعِي

يا مَنْ لِقَلْبٍ أَسْلَمَتْهُ الأَضْلُعُ

كانَتْ سَلامَتُه لِوَقْتِ سَلامِهِمْ

صُدِعُوا بِرِحْلَتِهِ فَها هُوَ يصْدَعُ

يَصْلَى الهَواجِر في الظِّلالِ تَحَرُّقَاً

ويَحِنُّ إنْ سَلَت القُلُوبُ وَيَنْزَعُ

لمَّا تَراجَعَتِ الحُداةُ لِسَوْقِهِمْ

رَجَعَ الهَوى أدْرَاجَهُ يَسْتَرْجِعُ

أُخْفِي سُؤالي لَو شُفِيتُ إِجابَةً

مَا لِي وَما لِلْبَيْنِ بي يتَوقَّعُ

أأنا المُرَوّعُ حَيْثُ كنتُ بهَوْلِهِ

أَمْ لي بهِ مَثَلٌ كَذَاكَ يُرَوّعُ

لَمْ أدْرِ ساعَةَ أَزْمَعُوها نِيَّةً

مَحْيَايَ أمْ يَحْيَى الأَميرَ أُوَدِّعُ

مَلِكٌ علَى الأَقْدارِ خِدْمَةُ أَمْرِهِ

فَقَصِيُّ ما يَسْمُو إلَيْهِ طَيِّعُ

هَامَتْ بِهِ السَّبْعُ الشِّدادُ يَحِلُّها

وَتَنَافَسَتْ فيهِ الجِهَاتُ الأَرْبَعُ

بِالْعَالَمِ العُلْوِيِّ في حَضَرٍ وفي

سَفَرٍ يُحَفُّ وذاكَ ما لا يُدْفَعُ

ضَاهَى المَلائِكَ في ضَرائِبِهِ التِي

رَوْضُ الرُّبَى مِنْ عَرْفِها يَتَضَوَّعُ

وقَضَى علَى الأَمْلاكِ أقْعَسُ عِزّهِ

أَلا تَزَالَ لَهُ تَذِلُّ وتَخْضَعُ

خَطَبَ الخِلافَةَ بالقِرَاعِ فَنَالَها

مِنهُ قَريعٌ أنْفُهُ لا يُقْرَعُ

صَرْفُ اللَّيالِي في الْوَرَى مُتَصَرِّفٌ

برِضَاهُ يُنْعِشُ مَنْ أحَبَّ وَيَصْدَعُ

فَأَخُو الرَّشادِ لِعَيْشِهِ مُتَسَوِّغٌ

وأَخو الضَّلالِ لِحَتْفِهِ مُتَجَرِّعُ

هَجَعَتْ رَعاياهُ علَى فُرُشِ المُنَى

أَمْنا وباتَ لِرَعْيِها لا يَهْجَعُ

يَصِلُ ابْتِساماً في الوَغَى بِطَلاقَةٍ

كَرَماً وَوَجْهُ اليَوْمِ أرْبَدُ أسْفَعُ

فَكَأَنَّما النَّقْعُ المُثارُ دجُنَّةٌ

وَكأنَّ غُرَّتَهُ صَباحٌ يَسْطَعُ

لَمْ يَسْلُ عَنْ شَوْقٍ إلَيْهِ مِنْبَرٌ

لَم يَخْلُ مِنْ حِرْصٍ عَلَيْهِ مَوْضِعُ

نَادَى به الغَرْبُ القَصيُّ مُثَوِّباً

فأَجَابَهُ يَطْوِي الفَلاةَ ويَذْرَعُ

ثِقَةً بأنَّ جُنُودَهُ وبُنُودَهُ

يَغْدُو الوُجودُ لَها يُطيعُ وَيَسْمَعُ

حَفِظَ الذي شَرَعَ الإلَهُ حِفَاظَهُ

بالْبِيضِ تُنْضَى والأَسِنَّةُ تُشْرَعُ

مَلأَتْ جَحافِلُهُ مَنَادِيحَ المَلا

وَلَرُبَّما ضاقَ الأَمَدُّ الأوْسَعُ

أَعْشَى العُيونَ بِها الْتِماعُ حَديدِهِمْ

فَتَشابَهَتْ لامَاتُهُمْ إذْ تَلْمَعُ

يَأْبَى عَلَى البَأْسِ اقْتِصاراً والنَّدَى

فَمُفَرّق العَلياء فيهِ مُجَمَّعُ

مُتَبَوِّئٌ للْمَجْدِ أَشْمَخَ ذِرْوَةٍ

ولَهُ بِأَعْلاهَا لِواءٌ يُرْفَعُ

أحْيَا الهُدَى منهُ إمامٌ مُرْتَضىً

وغَزا العِدَى منهُ هُمَامٌ أرْوَعُ

أَتُرَى السَّماءَ دَرَتْ بما هُوَ صانِعٌ

فَلِذاكَ ما دَرَّتْ لَهُ تَتَصَنَّعُ

فَالأَرْضُ حَيْثُ يَحُولُ مِنْ أَطْرَافِها

وَيَحِلُّ إِمَّا مَرْتَعٌ أَوْ مَشْرعُ

ضَايَقْتُ في العُذْرِ العُفاةَ وقُلْتُ قَدْ

يَمَّمْتُمُ بَحْرَ النَّدَى فَاسْتَوْسِعُوا

إِنْ تَقْصدوا لا تُحْجَبوا أو تَقْرُبُوا

لا تبْعدُوا أو تَسْأَلُوا لا تمْنَعُوا

يا للزَّمانِ أَعَلَّنِي بِزَمَانَةٍ

أَصْبَحْتُ بالإخْلادِ فيها أقْنَعُ

لا بُرْءَ مِنْهَا يُسْتَفَادُ بِحيلَةٍ

فإِلى الرِّضَى بالحُكْم فيها المَرْجِعُ

مِنْ أيْنَ لِي صَبْرٌ عَلى مَضَضِ النَّوَى

سُدَّتْ إلَى الصَّبْرِ الطَّرِيقُ المَهْيَعُ

لَوْلا التَّكَرُّهُ أَنْ أُخِلَّ بِطاعَةٍ

لَسَعَيْتُ زَحْفاً أَسْتَقيمُ وأَظْلَعُ

وبِأَنْ وُكِلْتُ إلى الأَميرِ مُحَمَّدٍ

عَذُبَ الأَمَرُّ مِنَ الفِرَاقِ الأَقْطَعُ

نَدْبٌ نَبا عَنهُ الحِجَى نَزَقَ الصِّبا

رُبَّ اكْتِهالٍ مَا عَداهُ تَرَعْرعُ

حَكَمَتْ لَهْ بالْفَضْلِ بَيْنَ لِدَاتِهِ

نَفْسٌ مُهَذَّبَةٌ وَقَلْبٌ أَصْمَعُ

لا بَيْتَ يَعْدِلُ في الطَّهارَةِ بَيْتَهُ

نَصَعَ الصَّباحُ وَمُنْتَهاهُ أَنْصَعُ

ماذَا أَقولُ وأَيْنَ أبْلُغُ مادِحاً

وبِمَدْحِهم غَنَّى البَليغُ المِصْقَعُ

دَعْنِي أَعِدْ فيهِ وأُبْدِئُ جَاهِداً

فَلَعَلَّ فِكْرِي حينَ يُبْدِئُ يُبْدِعُ

إنْ سَالَ طَبْعي في ذراهُمْ سَلْسَلاً

فالعَذْبُ في الأَرْضِ الكَرِيمَةِ يَنْبُعُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن الأبار البلنسي

avatar

ابن الأبار البلنسي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-ibn-alabar@

253

قصيدة

1

الاقتباسات

39

متابعين

محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي البلنسي أبو عبد الله. من أعيان المؤرخين أديب من أهل بلنسية بالأندلس ومولده بها، رحل عنها لما احتلها الإفرنج، واستقر بتونس. فقربه ...

المزيد عن ابن الأبار البلنسي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة