الديوان » العصر الأندلسي » ابن حمديس » لأمر طويل الهم نزجي العرامسا

عدد الابيات : 32

طباعة

لأمرٍ طويلِ الهمّ نُزْجي العَرَامِسَا

وتطوي بنا أخفافُهُنَّ البَسابِسا

وَتَذْعَرُ بالبَيداءِ عِيناً شوَارِداً

تُذَكّرُ بالأحداقِ عيناً أوانِسا

عذارَى تَرَى الحسنَ البديعَ مُطابِقاً

لأنوَاعِهَا في خَلْقِهِ ومجانسا

أعاذلُ دَعْني أطْلِقِ العبرةَ الَّتي

عَدِمْتُ لها من أجمل الصبْرِ حابسا

فإنِّي امْرؤٌ آوي إلى الشّجَنِ الَّذي

وَجَدتُ له في حَبَّةِ القلبِ ناخِسا

لَقَدَّرَت أَرضي أن تَعُودَ لِقَوْمِهَا

فَساءَتْ ظُنوني ثُمَّ أصبحتُ يائسا

وعزّيْتُ فيها النّفسَ لمّا رأيْتُها

تُكابِدُ داءً قاتل السمّ ناحِسا

وكيف وقد سِيمَتْ هواناً وصَيّرَتْ

مساجدَها أيدي النّصارى كنائسا

إذا شاءتِ الرّهبانُ بالضرْبِ أنْطقَتْ

مَعَ الصبحِ والإِمساءِ فيها النَّواقِسا

لَئِن كان أعيا كلَّ طِبٍّ علاجُها

فكم جَرَبٍ في السيفِ أعيا المَداوسا

صقليَّةٌ كاد الزمانُ بلادها

وكانت على أهلِ الزّمان محارسا

فَكَم أَعيُنٍ بالخوفِ أَمسَتْ سَوَاهراً

وكانت بِطيبِ الأَمنِ مِنهُم نواعِسا

أرى بَلَدي قد سامَهُ الرومُ ذلّةً

وكانَ بِقَومي عِزُّهُ مُتَقاعِسَا

وَكانَت بِلادُ الكفرِ تَلْبَسُ خَوْفَهُ

فَأَضحى لذاكَ الخوفِ مِنهُنَّ لابِسا

عدمتُ أُسوداً منهمُ عَرَبِيّةً

تَرى بَينَ أَيديها العلوجَ فَرائِساً

فَلَم تَرَ عَيْني مِثْلَهُمْ في كَتيبَةٍ

مضاربَ أبطالِ الحروبِ مَدَاعِسا

ويا رُبَّ برَّاقِ النصال تخالُهُ

من النقع ليلاً مُشْرِقَ الشهب دامسا

خلوا بين أطراف القنا بكماتِهِ

لِطَعنٍ مِنَ الفرسانِ يخلي القوانسا

وما خلتُ أنّ النّارَ يَبْرُدُ حَرّها

على سَعَفٍ لاقته في القيظِ يابِسا

أما مُلِئَتْ غزواً قَلَوْرِيّةٌ بهم

وأَردَوا بَطاريقاً بها وأَشاوِسا

هُمُ فَتَحوا أَغلاقَها بِسُيوفِهِمْ

وهم تَركوا الأَنوارَ فيها حَنادِسا

وساقوا بِأَيدي السبيِ بيضاً حَواسِراً

تَخَالُ عَلَيهِنَّ الشعورَ بَرانِسا

يَخوضونَ بَحراً كلَّ حِينٍ إِلَيهِمُ

بِبَحْرٍ يَكونُ المَوجُ فيهِ فَوارِسا

وحربيّةٍ ترمي بِمُحْرِقِ نِفْطِها

فيَغْشى سَعُوطُ الموتِ فيها المَعاطِسا

تراهُنّ في حُمْرِ اللّبودِ وصُفْرِهَا

كمثل بناتِ الزّنج زُفّتْ عَرَائِسا

إذا عَثّنَتْ فيها التنانير خلتَها

تُفَتِّحُ للبركانِ عنها مَنافِسا

أفي قَصْرينِّي رُقْعَةٌ يَعْمُرُونها

ورَسْمٌ منَ الإِسلامِ أَصبَحَ دارِسا

وَمِن عَجَبٍ أَنَّ الشياطينَ صَيّرَتْ

بُروجَ النُّجومِ المحرِقاتِ مَجالِسا

وَأَضحَتْ لَهُم سَرْقُوسةٌ دارَ مِنْعَةٍ

يَزورونَ بِالدَّيرين فيها النواوِسا

مَشَوْا في بلادِ أهْلُها تحْتَ أرْضِهَا

وما مارسوا منهم أبِيّاً مُمارسا

ولو شُقّقَتْ تلكَ القبورُ لأنهَضَتْ

إِلَيهِم مِنَ الأَحداثِ أُسداً عَوابِسا

وَلَكِن رَأَيتُ الغيل إن غابَ لَيثُهُ

تَبَخَّرَ في أَرجائِهِ الذئبُ مائِسا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن حمديس

avatar

ابن حمديس حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-ibn-hamdis@

366

قصيدة

1

الاقتباسات

127

متابعين

عبد الجبار بن أبي بكر بن محمد بن حمديس الأزدي الصقلي، أبو محمد. شاعر مبدع. ولد وتعلم في جزيرة صقلية، ورحل إلى الأندلس سنة 471هـ، فمدح المعتمد بن عباد، فأجزل له ...

المزيد عن ابن حمديس

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة