الديوان » العصر الايوبي » سبط ابن التعاويذي » حييت يا دار الهوى من دار

عدد الابيات : 82

طباعة

حُيِيتِ يا دارَ الهَوى مِن دارِ

وَلا عَدَتكِ السُحُبُ السَواري

مُثقَلَةً كَالإِبِلِ العِشارِ

باكِيَةً بِأَدمُعٍ غِزارِ

عَلى ثَرى رُسومِكِ القِفارِ

فَرُبَّ لَيلاتِ هَوىً قِصارِ

تَصَرَّمَت فيكَ عَلى إيثاري

نِلتُ بِها ما شِئتُ مِن أَوطاري

أَعقُرُ فيها الهَمَّ بِالعُقارِ

أَشرَبُها بِجَذوَةٍ مِن نارِ

تَرمي مِنَ الحَبابِ بِالشَرارِ

حَمراءَ أَو صَفرَاءَ كَالدينارِ

كَأَنَّها ذَوبُ النُضارِ الجاري

رَقَّت فَما تُدرَكُ بِالأَبصارِ

تَخالُها في كَأسِها المُدارِ

إيماضَ بَرقٍ في الظَلامِ ساري

باتَ بِها الأَسمَرُ مِن سُمّاري

مُطَرَّزَ الخَدَّينِ بِالعِذارِ

يُديرُ لَحظاً مُرهَفَ الغِرارِ

ذا كُحلٍ في الطَرفِ وَاِحمِرارِ

وَهَيَفٍ في الخَضرِ وَاِختِصارِ

وَقامَةٍ قامَت بِها أَعذاري

ريقَتُهُ كَالعَسَلِ المُشارِ

وَرِدفُهُ أَثقَلُ مِن أَوزاري

يَقِلُّ مِن حِمالِهِ اِصطِباري

وَدُميَةٍ قَصيرَةِ الزُنّارِ

مُشبَعَةِ الخَلخالِ وَالسِوارِ

كَأَنَّها بَدرُ السَماءِ الساري

جَلَّت عَنِ المُحاقِ وَالسِرارِ

تُشرَقُ مِن مَطالِعِ الأَزرارِ

عَلِقتُها في حانَةِ الخَمّارِ

خَلَعتُ في الحُبِّ بِها عِذاري

ما لِأَخي الصَبوَةِ وَالوَقارِ

وَلَم أَزَل مُنهَتِكَ الأَستارِ

أَقولُ بِاللِثامِ وَالخِمارِ

وَالشُربِ في الحاناتِ وَالقِمارِ

وَأَعشَقُ الغِلمانَ وَالجَواري

أَعيشُ في الدُنيا عَلى اِختِياري

مِن قَبلِ أَن يُرتَجَعَ العَواري

وَقَلَّما فَكَّرتُ في الإِعسارِ

أَو خِفتُ مِن غَوائِلِ الخُمارِ

أَجودُ في عُسرِ وَفي يَسارِ

وَكانَ عَينُ الرِبحِ في الخَسارِ

وَرَوضَةٍ مُؤنَقَةَ الأَزهارِ

مِسكِيَّةٍ أَنفاسُها مِعطارِ

وَريقَةِ الأَغصانِ وَالأَشجارِ

مِنَ الرِياضِ الأُنُفِ الأَبكارِ

تُثني عَلى صَوبِ الحَيا المِدرارِ

بِأَلسُنِ الحَوذانِ وَالعَرارِ

نَضحَكُ عَن مَباسِمِ النَوّارِ

مِن نِرجِسٍ غَضٍّ وَجُلِّنارِ

باتَ بِها جَودٌ مِنَ الأَمطارِ

فَأَصبَحَت مَوشيَّةَ الأَقطارِ

في حُلَلِ الشَقيقِ وَالبَهارِ

كَأَنَّها لَطيمَةُ العَطّارِ

تَنَفَّسَت مِن مَندَلٍ وَغارِ

يَسبُقُها جَدوَلُ ماءٍ جارِ

عَذبٌ قَريبُ العَهدِ بِالقُطارِ

صافٍ مِنَ الأَقذاءِ وَالأَكدارِ

أَرَقُّ مِن دَمعي وَمِن أَشعارِ

يَبوحُ لِلوارِدِ بِالأَسرارِ

حَتّى يَرى ما ساخَ في القَرارِ

باكَرتُها وَلِلعُلى اِبتِكاري

وَلَّيلُ قَد وَلّى عَلى الأَدبار

وَجَيشُهُ قَد هَمَّ بِالفِرارِ

فَغَرَّنا بِالكَوكَبِ الغَرّارِ

وَالطَيرُ ما بانَت عَنِ الأَوكارِ

وَالصُبحُ قَد آذَنَ بِالإِنفارِ

بِفِتيَةٍ غُرٍّ ذَوي أَخطارِ

أَماجِدٍ أَكارِمٍ أَحرارِ

قَد عُرِفوا بِالصِدقِ في الأَخبارِ

وَكُلِّ رامٍ بَطَلٍ كَرّارِ

أَغلَبَ مَشّاءٍ عَلى الأَخطارِ

كَأَنَّهُ لَيثُ عَرينٍ ضارٍ

أَروَعَ لا يَرهَبُ غَيرَ العارِ

زاكي الفُروعِ طاهِرَ النُجارِ

مُهَذَّبٍ مِن كُلِّ عارٍ عارِ

حَتّى وَرى زَندُ النَهارِ الواري

فَجَلَّلَ الأَفاقَ بِالأَنوارِ

وَأَقبَلَت عَصائِبُ الأَطيارِ

في جَحفَلٍ مِن جَيشِها جَرّارِ

مُختَلِفاتِ السَمتِ وَالمَطارِ

مُلَوَّناتِ القُمصِ وَالأَطمارِ

مِن أَبيَضٍ كَرِزَمِ القَصّارِ

مُشتَهِرٍ كَالفارِسِ المِغوارِ

تِخالُهُ مِن وَضَحَ النَهارِ

مِنِ اِبيَضاضٍ مِنهُ وَاِحمِرارِ

مُؤَلَّفاً مِن بَرَدٍ وَنارِ

وَأَبلَقٍ مُشَمَّرِ الإِزارِ

مِزَرُّهُ الأَحمَرُ كَالعُقارِ

في يَلمَقٍ مُحَلَّلِ الأَزرارِ

أُلِفَ مِن لَيلٍ وَمِن نَهارِ

وَناجِحِ الأَهلِ بَعيدِ الدارِ

جَبهَتُهُ صَفراءُ كَالدينارِ

كَأَنَّهُ الذِمِّيُّ في الغِيارِ

صَلتِ الجَبينِ أَسوَدِ العِذارِ

كَأَنَّهُ شِفارُهُ مِن قارِ

فَساقَهُ الحَينُ إِلى المِقدارِ

فَخَرَجَت لِلرَعيِ وَالإِصحارِ

موقِنَةً بِقِصَرِ الأَعمارِ

عَلى شَفا مِن جُرُفٍ مُنهارِ

وَهاجَنا شَوقٌ إِلى البِدارِ

مِلنا إِلى سُحمٍ كَلَونِ القارِ

قَد ظَهَرَت بِالذَهَبِ النُضارِ

تُحَلُّ عَنها عُقُدُ الأَستارِ

يُطلِقُها مِن رِبقَةِ الإِسارِ

كَأَنَّها الأَساوِدُ الضَواري

مَنسوبَةً إِلى القَنا الخَطّارِ

تُغزى إِلى نارٍ وَأَيِّ نارِ

لَيسَ لَهُ في الحِذقِ مِن مُبارِ

نَبيضُها في ظُلَمِ الأَسحارِ

أَلَذُّ لي مِن نَغَمِ الأَوتارِ

نِعمَ اِختِيارُ الحاذِقِ المُختارِ

يَروقُ حُسناً أَعيُنَ النُظّارِ

لَكِنَّها قَبيحَةُ الآثارِ

حَذارِ مِن أَسهُمِها حَذارِ

فَإِنَّها أَمضى مِنَ الشِفارِ

وَمِن صُدورِ الأَسَلِ الحِرارِ

مُشتَبِهاتِ القَدِّ وَالمِقدارِ

كَأَنَّها قُذفٌ مِنَ الأَحجارِ

صِغارُها أَدهى مِنَ الكِبارِ

صاعِدَةً في الرَهَجِ المُثارِ

أَسرَعُ مِن نَوازِلِ الأَقدارِ

بِمِثلِها مِن أَسهُمٍ عَواري

هيضَ جَناحُ الناظِرِ الطَيّارِ

تُصميهِ قَبلَ النَزعِ وَالأَبدارِ

تَغورُ مِن جُؤجوئِهِ في غارِ

تَوَلُّجَ الثَعلَبِ في الوِجارِ

بَرحاً لِكُلِّ مُحصَدٍ مُغارِ

أُحكِمَ بِالإِحصافِ وَالإِمرارِ

أَصفَرَ لا يُعابُ بِاِصفِرارِ

في كَفِّ نَفّاعٍ بِهِ ضَرّارِ

قَد عُضِدَت يُمناهُ بِاليَسارِ

فَلَم يَزَل في لُجَجِ الغَمارِ

يُعجِلُها رَمياً عَنِ الغِرارِ

رَمياً دِراكاً كَلَهيبِ النارِ

أَخفى مِنَ الإيماءِ بِالأَسرارِ

فَاِنتَشَرَت بِقُدرَةِ الجَبّارِ

حَولَ الرِماةِ أَيَّما اِنتِشارِ

كَوَقعَةِ الكِلابِ أَو ذي قارِ

فَلَو تَراها في الدَمِ المُماري

خَواضِعَ الأَعناقِ وَالأَبصارِ

تَفحَصُ في الوَعثِ وَفي الخَبارِ

دَوامِيَ الأَطرافِ وَالأَعشارِ

قَد رُمِيَت بِالذُلِّ وَالصَغارِ

قَليلَةَ الأَعوانِ وَالأَنصارِ

حَسِبتَها نَحائِرَ الجَزارِ

فَكَم أَرَقنا مِن دَمٍ جُبارِ

لَيسَ لَهُ مِن طالِبٍ بِثارِ

يا سَفرَةً وافَت عَنِ الأَسفارِ

وَبَرزَةً تَمَّ بِها فِخاري

مُبارَكَ الإيرادِ وَالإِصدارِ

قَضَيتُ في الرَمي بِها أَوطاري

وَفُقتُ بِالحِذقِ عَلى النُظّارِ

خَفَرتُ في الطَيرِ بِها ذِماري

وَدارُها قَريبَةٌ مِن داري

وَكُنتُ لا أُخفِرُ حَقَّ الجارِ

قَرَّرتِها بِالحَتفِ وَالبَوارِ

عَلى خِلافِ عادَةِ الزُوّارِ

فَما بَكَتها أَعيُنُ الأَوتارِ

وَلا رَعَتها حُرمَةُ الجَوارِ

وَعُدتُ عالي الجَدِّ وَالمَنارِ

بِزَندِ إِقبالِ وَسَعدٍ واري

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن سبط ابن التعاويذي

avatar

سبط ابن التعاويذي حساب موثق

العصر الايوبي

poet-sibt-ibn-altaawithy@

332

قصيدة

1

الاقتباسات

19

متابعين

محمد بن عبيد الله بن عبد الله، أبو الفتح، المعروف بابن التعاويذي، أو سبط ابن التعاويذي. شاعر العراق في عصره. من أهل بغداد، مولده ووفاته فيها. ولي بها الكتابة في ديوان ...

المزيد عن سبط ابن التعاويذي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة