الديوان » العصر الايوبي » سبط ابن التعاويذي » نار جوى في الضلوع تتقد

عدد الابيات : 76

طباعة

نارُ جَوىً في الضُلوعِ تَتَّقِدُ

وَمُهجَةٌ قَد أَذابَها الكَمَدُ

في حُبِّ لَدنِ القَوامِ تَملِكُهُ

يَدي وَما لي بِالهَجرِ مِنهُ يَدُ

مُنفَرِدٌ بِالجَمالِ عاشِقُهُ

في حُبِّهِ بِالغَرامِ مُنفَرِدُ

عَرَّضَني لِلسَقامِ عارِضُهُ

وَمُذ وَهى خَصرُهُ وَهى الجَلَدُ

كَيفَ اِصطِباري عَنهُ وَقَد فَنِيَت

ذَخائِرُ الصَبرِ فيهِ وَالعُدَدُ

أَم كَيفَ يَخبو لِلشَوقِ في كَبِدي

نارٌ لَها نارُ خَدِّهِ مَدَدُ

وَهَل عَلى مِثلِ ما أُكابِدُهُ

في الحُبِّ يَبقى لِعاشِقٍ كَبِدُ

أَنجَزَ وَعدي بِزَورَةٍ طالَما

كانَ غَريمُ الهَوى بِها يَعِدُ

فَباتَ يَجلو حَمراءَ تَحسِبُها

مِن وَجنَتَيهِ في الكَأسِ تَتَّقِدُ

وَسَّدتُهُ ساعِدي وَوَسَّدَني

خَدّاً لَهُ سَيفُ لَحظِهِ رَصَدُ

أَحومُ مِن حَولِهِ وَبي ظَمَأٌ

إِلى جَنا ريقِهِ وَلا أَرِدُ

أَشكو إِلَيهِ وَجدي وَأَهوَنُ ما

مَرَّ عَلى مَسمَعَيهِ ما أَجدُ

حَتّى لَقَد كادَ أَن يَذوبَ بِأَن

فاسِيَ في فيهِ ذَلِكَ البَرَدُ

حَتّى إِذا اللَيلُ شابَ مَفرِقُهُ ال

جونُ وَرَثَّت أَثوابُهُ الجُدُدُ

وَقُوِّضَت خَيمَةُ الدُجى وَعَلا

لِلفَجرِ في الجَوِّ ساطِعاً عُمُدُ

وَريعَ سِربُ النُجومِ وَاِستَبَقَت

في أُخرِياتِ الظَلامِ تَطَّرِدُ

وَاِنحَلَّ عِقدُ الجَوزاءِ وَاِنتَشَرَت

في الغَربِ مِنهُ لَآلِىءٌ بَدَدُ

وَطارَ عَن وَكرِهِ إِلى الأُفُقِ ال

نَسرُ وَخافَ الغَزالَةَ الأَسَدُ

قامَ يَميطُ الرُقادَ عَن مُقَلٍ

جارَ عَلى مُقلَتي بِها السَهَدُ

نَجلاءُ لا النافِثاتُ تَبلُغُ ما

يَبلُغُهُ سِحرُها وَلا العُقَدُ

كُلُّ قَتيلٍ بِلَحظِها وَبِتَو

قيعِ أَبي الفَضلِ ما لَهُ قَوَدُ

ذي الكَرَمِ العِدِّ وَالمَآثِرِ لا

تَفنى وَيَفنى مِن دونِها العُدَدُ

أَبلَجُ صَلتُ الجَبينِ ما وَلَدَت

شَرواهُ أُمُّ العُلى وَلا تَلِدُ

لا مُسرِفٌ في العِقابِ مَع سَرَفِ

الجاني وَلا في العَطاءِ مُقتَصِدُ

إِن ضَلَّ في الرَأيِ مَعشَرٌ فَلَهُ

نَهجٌ مِنَ الحَقِّ واضِحٌ جَدَدُ

أَو قَلَّدَ الناسَ في الحُكومَةِ أَهلُ

الحَلِّ وَالعَقدِ فَهوَ مُجتَهِدُ

لَهُ سَماحٌ لا أَهلُ بادِيَةٍ

يُخطيهِمُ صَوبُهُ وَلا بَلَدُ

وَرَأفَةٌ لَو غَدَت مُقَسَّمَةً

في الناسِ ما عَقَّ والِداً وَلَدُ

وَهِمَّةٌ طالَتِ السَماءَ فَما

يَطمَعُ في نَيلِ شَأوِها أَحَدُ

فَقُل لِمَن رامَ أَن يُساجِلَهُ

مَهلاً فَما تَلمِسُ السَماءَ يَدُ

لا تَحسِدوهُ فَالشَمسُ أَعظَمُ أَن

يُضمَرَ يَوماً لِمِثلِهِ حَسَدُ

وَيلٌ لِأَعدائِهِ لَقَد سَفِهوا

في الرَأيِ فَاِستَذأَبوا وَهُم نَقَدُ

وَلَو رَأَوهُ في جَحفَلٍ صَعِقوا

أَو شَهِدوهُ في مَحفَلٍ سَجَدوا

تَحمَدُ آثارَهُ الرَعايا وَكَم

ساسَ الرَعايا قَومٌ وَما حُمِدوا

رُدَّ إِلَيهِ الأُمورُ يُصلِحُها

مَن بِيَدَيهِ الصَلاحُ وَالرَشَدُ

إِمامُ حَقٍّ صَفَت مَوارِدُهُ

فَالعَيشُ في ظِلِّ مُلكِهِ رَغَدُ

أَسنَدَ تَدبيرَها إِلى رَأيِهِ ال

جَزلِ فَنِعمَ العِمادُ وَالسَنَدُ

ثَقَّفَها ذو الرِياسَتَينِ فَما

يُخشى عَلَيها زَيغٌ وَلا أَوَدُ

فَهيَ عَلى الصاحِبِ المُؤَيَّدِ مَج

دِ الدينِ في ما يَنوبُ تَعتَمِدُ

فَعمُ حِياضِ العَطاءِ لا وَشلٌ

يَومَ النَدى وِردُهُ وَلا ثَمَدُ

قَيَّدَ إِحسانُهُ العُفاةَ فَلِلَّ

هِ جَوادٌ أَصفادُهُ الصَفَدُ

يَحطِمُ يَومَ الوَغى السِلاحَ وَلا ال

عَدُوُّ ناجٍ مِنهُ وَلا العُدَدُ

فَيَنجَلي النَقعُ وَالظُبّى زُبُرٌ

قَد فَلَّها الضَربُ وَالقَنا قَصِدُ

يُعِدُّ لِلرَوعِ كُلَّ سابِقَةٍ

لاحِقَةٍ ما لِجَريِها أَمَدُ

كَأَنَّ ما لانَ مِن مَعاطِفِها

في الكَرِّنَبتٌ مِن خِروَعٍ خَضِدُ

إِذا تَمَطَّت مِن تَحتِ فارِسِها

فَكُلُّ صَيدٍ مِن كَفِّهِ صَدَدُ

وَكُلُّ لَدنٍ كَأَنَّهُ شَطَنٌ

يَكادُ يُثنى ليناً وَيَنعَقِدُ

وَكُلُّ عَضبٍ كَأَنَّ رَونَقَهُ

جَدوَلُ ماءٍ في الغِمدِ مُطَّرِدُ

وَكُلُّ ذِمرٍ مِن غِلمَةِ التُركِ في ال

سِلمِ مَهاةٌ وَفي الوَغى أُسُدُ

طَلقُ المُحَيّا رَخصُ البَنانِ لَهُ

مِن وَقرَتَيهِ وَصُدغِهِ لِبَدُ

أَغيَدُ مَصقولَةٌ تَرائِبُهُ

أَينَ الكَمِيُّ الكَرّارُ وَالغَيدُ

يَحيدُ تيهاً إِلى فَريسَتِهِ

وَاللَيثُ ما في صِفاتِهِ حَيَدُ

مِن زَرَدٍ مُحكَمٍ بَراقِعُهُ

وَتَحتَها مِن عِذارِهِ زَرَدُ

عِتادُ مُلكٍ لَهُ زَئيرُ سُطىً

فَرائِصُ المَوتِ مِنهُ تَرتَعِدُ

عارِضُ غَيثٍ وَرَحمَةٍ فَإِذا

هيجَ لِحَربٍ فَمُصعِقٌ بَرِدُ

فَقُل لِشاكٍ مِن دَهرِهِ غَبَناً

يَسوؤُهُ أَنَّ عَيشَهُ نَكِدُ

لا تَشكِهِ ظالِماً فَما فَسُدَ الدَهرُ

وَلَكِن أَبناؤُهُ فَسُدوا

أَما تَرى الفَضلَ في زَمانِ أَبي ال

فَضلِ عَزيزاً وَكانَ يُضطَهَدُ

يَفديكَ يا مُحكَمَ الإِعادَةِ وَال

عَقدِ رِجالٌ لِلنَكثِ ما عَقَدوا

لا يُضمِرونَ الوَفاءَ إِن عَهِدوا

عَهداً لا يُنجِزونَ إِن وَعَدوا

لَهُم رَكايا نَوازِحٌ تَصدُرُ ال

وَفدُ ظِماءً عَنها كَما وَرَدوا

إِذا تَيَقَّظتَ لِلعُلى رَقَدوا

عَنها وَإِن قُمتَ بِالنَدى قَعَدوا

يا هِبَةَ اللَهِ أَيُّ مَوهِبَةٍ

لَم تَسخُ فيها بِكُلِّ ما تَجِدُ

فَالطِرفُ وَالعَضبُ وَالمُفاضَةُ وَال

عَذراءُ مِنها وَالجَسرَةُ الأَجُدُ

فَليَهنَ مِنكَ الآباءُ ما زَرَعوا

مِن خَلَفٍ صالِحٍ وَما حَصَدوا

آباءُ صِدقٍ طابوا عَلى صالِحِ ال

دَهرِ أُصولاً فَطابَ ما وَلَدوا

فاتوا الوَرى سودَداً بِما رَكِبوا

مِن صَهَواتِ الأَنامِ وَاِقتَعَدوا

وَأَيُّ جيدٍ وَأَيُّ سالِفَةٍ

لَيسَ عَليها وَسمٌ لَهُ وَيَدُ

يا صَيرَفِيَّ القَريضِ لَولاكَ ما

كانَ لَهُ في الأَنامِ مُنتَقِدُ

وَالشِعرُ كَالسَيلِ مِنهُ ما يَنفَعُ ال

ناسَ وَمِنهُ الغُثاءُ وَالزَبَدُ

وَقائِلوهُ فَمِنهُمُ الهامَةُ ال

مَكّاءُ وَاِبنُ الأَراكَةِ الغَرِدُ

وَرُبَّ بَيتٍ يُبنى فَلا سَبَبٌ

يُعرَفُ مِنهُ التالي وَلا وَتِدُ

فَاِرضَ بِقِلِّ الثَناءِ مِنّي فَما

تَجودُ كَفٌّ إِلّا بِما تَجِدُ

وَاِنفِ سِواهُ فَإِنَّهُ زَبَدٌ

وَاِصغِ إِلَيهِ فَإِنَّهُ زُبَدُ

وَاِبقَ لِمُلكٍ يُعِزُّ دَولَتَكَ ال

غَرّاءَ فيما عَساهُ يَقتَصِدُ

في ظِلِ نُعمى لا تَنقَضي أَبَدا

ما اِمتَدَّ مِنها وَيَنقَضي الأَمَدُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن سبط ابن التعاويذي

avatar

سبط ابن التعاويذي حساب موثق

العصر الايوبي

poet-sibt-ibn-altaawithy@

332

قصيدة

1

الاقتباسات

19

متابعين

محمد بن عبيد الله بن عبد الله، أبو الفتح، المعروف بابن التعاويذي، أو سبط ابن التعاويذي. شاعر العراق في عصره. من أهل بغداد، مولده ووفاته فيها. ولي بها الكتابة في ديوان ...

المزيد عن سبط ابن التعاويذي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة