الديوان » العصر العثماني » جميل صدقي الزهاوي » متى تحضر تطب يا عذل بالا

عدد الابيات : 47

طباعة

متى تحضر تطب يا عذل بالا

وأما أن تغب عنا فلا لا

وكم واعدتنا يا عدل وصلاً

وجوناه فلم تنل الوصالا

وطالبناك بالإبحار لما

مطلت فلم تزد إلا مطالا

إلى الناس التفت يا عدل يوماً

فإن عليك للناس اتكالا

زوالك بما لا تهنأ محضروه

يكون لعز مملكة زوالا

وإن السعد حيث ظلعت يبدو

وإن الأمن حيث تميل مالا

وإنك كالصبح إذا تجلى

وأسفر عن عمود قد تلالا

وإنك قد أضأت الناس قدماً

وإنك كنت حينئذٍ هلالا

فكيف وأنت هذا العصر بدرٌ

بلغت تمام ضوئك والكمالا

تُوارى نورك المحبوبَ عنا

وتحجُب عن محبيك الجمالا

أقم للحق ديواناً عظيماً

ورخّص كي نُلمَّ به عجالى

فنقرأ في ظُلامتنا كتاباً

ونشكو في حضورٍ منك حالا

وقفت وأعيني مغرورقاتٌ

على ربعٍ لمية قد أحالا

على ريعٍ لميةَ زايلتهُ

ولم يك عَرف مية عنه زالا

أسائله فلم يُرجع جوابي

كأن الربع ما فهم السؤالا

وقفت محاذياً طللاً حكاني

بهِ وحكيت دارسه هُزالا

كاني إذ أسائله خيالٌ

يخاطب في مُعَطّلة خيالا

ذكرت به زماناً فيه ميّ

تلاعبني وتوليني الوصالا

وصالاً قد نعمت به كأني

شربت به على ظمأٍ زلالا

إلا يا ميّ حبك في فؤادي

كمثل النار يشتعل اشتعالا

أبيني كيف ليلك قر تقضى

فبعدَك ليلنا يا ميُّ طالا

أَميَّةُ نوّلينا منك قرباً

أمية ثم لا تَذَرى النوالا

ولم نك إذ منعت الوصل ندرى

ابخلاً كان ذلك أم دلالا

اذنبٌ يا رعاكِ اللَه أنا

عشقنا منك يا ميُّ الجمالا

أدر في الربع عيناً منك وانظر

إلى حال إليها الربع حالا

تولى فيه عنك العيش حلواً

فخلَّ العين تنهمل انهمالا

وما الربع الذي أخبرت عنهُ

سوى الوطن الذي ركناه مالا

وليس سوى العدالة ما هوينا

وميٌّ قد ذكرناها مثالا

إذا أمست حياة المرء عبثاً

عليه لا يطيق لها احتمالا

ولازَمهُ من الآلام داءٌ

وأصبح داؤُه داءً عضالا

وقد فرحت أعاديه شِماتاً

وفارقه أحبتهُ مَلالا

فليس سوى الحِمام له طبيبٌ

يداوي منه آلاماً توالى

فإن الموت يرحمه وينفي

خطوباً قد نزلن به ثقالا

وإن الموت ملتجأ كريمٌ

لمن ألقى بساحته الرحالا

فزرنا عاجلاً يا موت زرنا

فإن لنا بزورتك احتفالا

ويا نفس ارحلي عنا ففينا

بقاؤك لم يكن إلا ضلالا

ودوسي في طريقك كل صعبٍ

بعزمٍ تنطحين به الجبالا

فإنك إن برحت الجسم منا

سموت إلى ذرى جوّ تعالى

نَفِرُّ من الحياة إلى المنايا

لأن حياتنا أمست وَبالا

نريد من الكروب بها خلاصاً

وعن دار الهوان بها ارتحالا

وإنّ لنا إذا متنا حياةً

ننالُ إلى السماء بها انتقالا

ستخرج عن مضيق الجسم روحي

وتلقى في الفضاء لها مجالا

بقاء الروح بعد الجسم أمرٌ

بهِ اختلفوا ومن يدري المآلا

فقال البعض إن الروح تبقى

إذا انفصلت عن الجسم انفصالا

وقال البعض إن النفس تفنى

إذا لاقت قوى الجسم انحلالا

فظن بقاءَها حتما أناسٌ

وعدَّ بقاءها قومٌ مُحالا

وقد قلنا بهِ ونفاه بعض

وإن لنا مع النافي جدالا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جميل صدقي الزهاوي

avatar

جميل صدقي الزهاوي حساب موثق

العصر العثماني

poet-jamil-sidqi-al-zahawi@

373

قصيدة

2

الاقتباسات

122

متابعين

جميل صدقي بن محمد فيضي ابن المنلا أحمد بابان، الزهاوي. شاعر، ينحو منحى الفلاسفة، من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحاضر. مولده ووفاته ببغداد. كان أبوه مفتيها. وبيته بيت ...

المزيد عن جميل صدقي الزهاوي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة