الديوان » العصر الأندلسي » الأبيوردي » النائبات كثيرة الإنذار

عدد الابيات : 37

طباعة

النّائِباتُ كَثيرةُ الإنذارِ

واليومَ طالَبَ صَرْفُها بالثّارِ

سُدَّتْ على عُونِ الرّزايا طُرْقُها

فسَمَتْ لنا بخُطوبِها الأبْكارِ

عَجَباً من القَدَرِ المُتاحِ تولّعَتْ

أحْداثُهُ بمُصَرِّفِ الأقدارِ

ولَنا بمُعتَرَكِ المَنايا أنْفُسٌ

وقَفَتْ بمَدْرَجَةِ القَضاءِ الجاري

في كلِّ يومٍ تعْتَرينا رَوعَةٌ

تَذَرُ العُيونَ كَواسِفَ الأبْصارِ

والموْتُ شِرْبٌ ليسَ يُورِدُهُ الرّدى

أحَداً فيَطْمَعَ منهُ في الإصدارِ

شرِبَ الأوائِلُ عُنفُوانَ غَديرِهِ

ولَنَشْربَنَّ بهِ من الأسْآرِ

ملأَتْ قُبورُهُمُ الفَضاءَ كأنّها

بُزْلُ الجِمالِ أُنِخْنَ بالأكْوارِ

ألْقَوا عِصِيَّهُمُ بدارِ إقامَةٍ

أنْضاءَ أيّامٍ مَضيْنَ قِصارِ

وكأنّهمُم بلَغوا المَدى فتَواقَفوا

يتَذاكَرونَ عَواقِبَ الأسْفارِ

لمْ يَذهَبوا سَلَفاً لنَغْبُرَ بَعدَهُمْ

أينَ البَقاءُ ونحنُ في الآثارِ

حارَتْ وراءَهُمُ العُقولُ كأننا

شَرْبٌ تُطَوِّحُهُمْ كُؤوسُ عُقارِ

يا مَنْ تُخادِعُهُ المُنى ولرُبّما

قطَعَتْ مَخائِلُها قُوى الأعمارِ

والناسُ يستَبِقون في مِضْمارِها

والمَوتُ آخِرُ ذلكَ المِضْمارِ

والعُمْرُ يَذْهَبُ كالحياةِ فما الذي

يُجْدي عَليكَ منَ الخَيالِ السّاري

بَيْنا الفَتى يَسِمُ الثّرى برِدائِهِ

إذ حَلَّ فيهِ رَهينَةَ الأحْجارِ

لوْ فاتَ عاديَةَ المَنونِ مُشَيَّعٌ

لنَجا بمُهْجَتِهِ الهِزَبْرُ الضّاري

أقْعى دوَيْنَ الغابِ يمنَعُ شِبلَهُ

ويُجيلُ نظرَةَ باسِلٍ كَرّارِ

وحَمى الأميرَ ابنَ الخَلائِفِ جعفَراً

إقْدامُ كُلِّ مغَرِّرٍ مِغْوارِ

يمشي كما مَشَتِ الأسودُ إِلى الوَغى

والخَيْلُ تَعثُرُ بالقَنا الخَطّارِ

ويخوضُ مُشْتَجَرَ الرِّماحِ بغِلْمَةٍ

عرَبيّةٍ نَخَواتُها أغْمارِ

ويَجوبُ أرديَةَ العَجاجِ بجَحْفَلٍ

لَجِبٍ تئِنُّ لهُ الرُّبا جَرّارِ

والمَشْرَفيّاتُ الرِّقاقُ كأنّها

ماءٌ أصابَ قَرارَةً في نارِ

ينعَوْنَ فَرْعاً من ذَوائِبِ دَوْحَةٍ

خَضِلَتْ حَواشِيها عَلَيْهِ نُضارِ

نَبَويّةِ الأعراقِ مُقْتَدَرِيّةٍ

تَفْتَرُّ عنْ كَرَمٍ وطِيبِ نِجارِ

ذَرَفَتْ عُيونُ المَكْرُماتِ وأعْصَمَتْ

أسَفاً بأكْبادٍ علَيْهِ حِرارِ

صَبْراً أميرَ المؤْمنينَ فأنْتُمُ

أسْكَنتُمُ الأحْلامَ ظِلَّ وَقارِ

هذا الهِلالُ وقد رَجَوْتَ نُمُوَّهُ

للمَجْدِ عاجَلَهُ الرّدى بسِرارِ

إن غاضَ مِنْ أنوارِهِ فَوراءَهُ

أُفُقٌ تَوَشّحَ منكَ بالأقمارِ

كادَتْ تَزولُ الرّاسِياتُ لِفَقْدِهِ

حتى أذِنْتَ لهُنَّ في استقْرارِ

ومتى أصابَ ولا أصابَكَ حادِثٌ

مِما يُطامِنُ نَخوةَ الجبّارِ

فاذْكُرْ مُصابَكَ بابنِ عمّكَ أحْمَدٍ

والغُرِّ منْ آبائِكَ الأخْيارِ

كانوا بُدورَ أسِرَّةٍ ومَنابِرٍ

يتهلّلونَ بأوْجُهٍ أحْرارِ

قومٌ إذا ذَكَرَتْ قُرَيْشٌ فضْلَهُمْ

أصْغى إليها البَيتُ ذو الأسْتارِ

بلغَ السّماءَ بهِمْ كِنانَةُ وارْتَدى

بالفَخْرِ حَيّا يَعْرُبٍ ونِزارِ

فاسْلَمْ رَفيعَ النّاظِرينَ إِلى العُلا

تُهْدى إليكَ قَلائِدُ الأشْعارِ

والدّهْرُ عَبْدٌ والأوامِرُ طاعَةٌ

والمُلْكُ مُقْتَبَلٌ وزَنْدُكَ وارِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الأبيوردي

avatar

الأبيوردي حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-alabywrdy@

390

قصيدة

130

متابعين

محمد بن أحمد بن محمد القرشي الأموي، أبو المظفر. شاعر عالي الطبقة، مؤرخ، عالم بالأدب. ولد في أبيورد (بخراسان) ومات مسموماً في أصبهان كهلا. من كتبه (تاريخ أبيورد) و (المختلف ...

المزيد عن الأبيوردي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة